مسؤولون أميركيون: بوش قريب من اتخاذ قرار بالانضمام إلى محادثات الأوروبيين حول إيران

بسبب ضغوط شيراك وشرودر ووحدة الهدف الاستراتيجي

TT

قال مسؤولون اميركيون كبار ان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تقترب من اتخاذ قرار بالانضمام الي اوروبا في المفاوضات مع ايران، التي تتضمن عرض حوافز على طهران، من المحتمل ان تشمل الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، مقابل موافقة ايران طواعية على التخلي عن أية خطط لتطوير سلاح نووي. وبحسب المصادر فقد التقى الرئيس بوش بعد يوم من عودته من اوروبا، مع الاعضاء الرئيسيين في فريق السياسة الخارجية لمناقشة طلبات مقدمة خصوصا من المستشار الالماني غيرهارد شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك للانضمام للمفاوضات حول طهران. ومن المتوقع اجراء مزيد من المناقشات هذا الاسبوع، ولكن البيت الابيض يريد التحرك بسرعة لانتهاء من اعداد قائمة من الحوافز لتعرض على ايران في اطار المحادثات الاوروبية.

يذكر أن الرغبة الاميركية في المشاركة في المحادثات مع طهران، حتى لو كانت بطريقة غير مباشرة، تعني تغييرا في مواقف الادارة الاميركية التي أكدت في السابق ان ايران لا تستحق تقديم حوافز على الوفاء بالتزاماتها النووية وفقا لمعاهدة الحد من الانتشار النووي. لكن محادثات بوش الاوروبية الاسبوع الماضي اقنعته ان جبهة موحدة ـ تقديم الجزرة والعصا في آن واحد ـ ستكون اكثر فاعلية، وذلك طبقا لما ذكره مسؤولون اميركيون واوروبيون امس.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية، تحدث شرط عدم الافصاح عن هويته «شعورنا بالراحة من بحث المشاركة في المفاوضات حول طهران يعود لسبب استراتيجي هو ان الرئيس وجد الاوروبيين خلال زيارته الاخيرة متفقين على القضية الاساسية: لا يمكن لايران ان تحصل على اسلحة نووية. فبعد ان تبين له حزمهم فيما يتعلق بالموقف الاستراتيجي، أصبح اكثر رغبة في دراسة الجوانب التكتيكية مع الاوروبيين ـ بما في ذلك كيف نتعامل معهم وما الذي يمكن للاوروبيين تقديمه ويمكن ان نكون طرفا فيه».

وتكتسب مناقشات البيت الابيض اهمية على عدة جبهات، فخلال ولاية بوش الاولى، كانت الادارة منقسمة بشدة حول ما الذي يجب ان تفعله بخصوص ايران، بحيث لم تكن للبيت الابيض سياسة رسمية واضحة. وتراوح النقاش بين تبني النموذج العراقي عبر الترويج لتغيير النظام، الى نموذج كوريا الشمالية عبر احتواء الحكومة واعداد حوافز لاستخدامها في المحادثات الدبلوماسية. وتبدو الادارة راغبة الان، على الاقل على المدي القصير، في طرح احتمالات المشاركة المبدئية مع ايران لاقناعها بالتعاون لضمان عدم تحويل برنامجها النووي للاستخدام العسكري.

وتعكس المناقشات داخل البيت الابيض ايضا اهتماما بضرورة التوضيح للاوروبيين ان جهود الولايات المتحدة لعلاج الخلاف عبر الاطلسي تمتد في الجوهر الى قضية تثير الخلاف بين الحلفاء انفسهم. واشار مسؤول كبير في الادارة طلب هو الاخر عدم الكشف عن هويته «ان الاجتماعات في اوروبا كانت جيدة، ليس فقط من ناحية مناخ الاجتماعات، فلقد تعدينا مرحلة التذمر بخصوص العملية او من بعضنا البعض وبدأنا الان في معالجة القضايا: كيف نمنع ايران من تطوير اسلحة نووية وكيف نتعامل مع سلوكياتها».

وتصر ايران على ان برنامجها النووي يهدف فقط الى انتاج الطاقة، ولكن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من ان جهود ايران هي غطاء لبرنامج للتسليح النووي. وقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» بالامس ان المحققين الدوليين عثروا على ادلة عام 1987 بعرض شبكة عبد القدير خان خطط على ايران لشراء معدات يمكن ان تستخدم في بناء اسلحة نووية، لكن المسؤولين الايرانيين اكدوا انهم لم يشتروا المعدات المطلوبة لبناء المادة الاساسية للقنبلة.

وقد اشار الاوروبيون لسنوات الى انه من غير المرجح ان تلزم ايران نفسها باتفاقية دائمة بخصوص تقنيتها النووية بدون تدخل مباشر او غير مباشر من اميركا، ولاسيما ان الولايات المتحدة لديها الاف من القوات في العراق وافغانستان بالاضافة الى سفن حربية وطائرات عسكرية على حدود ايران.

وقد ادت معارضة اميركا لمقترحات بريطانيا وفرنسا التي تقود المحادثات مع ايران، الى نتائج غير مرضية، طبقا لما ذكره المسؤولون الاوروبيون، لانها تجعل اميركا، وليس ايران، تبدو كأنها هي الشخص الغريب من الناحية الدبلوماسية. وفي محادثات بعد اعادة انتخابات بوش في اواخر العام الماضي، ضغط رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على بوش للانضمام او على الاقل لاقرار المنطلق الاوروبي، طبقا للمصادر الاميركية والاوروبية. واوضح مسؤول اميركي اخر على اطلاع بالمحادثات «حتى لو ابتعدتم، فيمكن ان تتبنوا موقفا يعتبر كأنه دعم لما نفعله، واعطاء الانطباع بأنكم منحتم ايانا تفويضا». واضاف المسؤول ان اهم نقطة في اقناع الاميركيين، كانت وجهة النظر القائلة ان السير في طريق مشترك سيساعد الولايات المتحدة: فإذا فشلت المحادثات مع ايران، فلن تعتبر واشنطن الشخص الذي تسبب في افشال الجهود. وستكون هناك الكثير من البدائل للوقوف معا لاتخاذ خطوات عقابية ضد ايران، بما في ذلك التوجه لمجلس الأمن ـ وهي خطوة كانت تسعى لها الولايات المتحدة منذ امد بعيد.

واشار مسؤولون اوروبيون واميركيون الى ان الحوافز التي تدرس في الوقت الراهن ليست تنازلات كبيرة. واوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية ان «نوعية التغييرات الاقتصادية والسياسية المطلوبة لعضوية منظمة التجارة العالمية هي التي نود ان نراها علي أي حال، ولذا فلا يعني ذلك اعطاء ايران شيئا ما». واضاف مسؤولون اوروبيون انه حتى اذا ما التزمت ايران ببنود معاهدة الحد من الانتشار النووي، فإن ذلك سيتطلب سنوات كثيرة للانضمام لمنظمة التجارة العالمية بسبب الوقت المطلوب لاعادة تشكيل الاقتصاد الايراني. ويتوقع مسؤولون اميركيون ان يتخذ بوش قرارا قريبا بشأن الانضمام للمحادثات الاوروبية حول طهران. واوضح مسؤول في وزارة الخارجية «لا يوجد برنامج زمني، نسعى للتوصل لقرار».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»