هل تمت تصفية عبد الله الرشود على يد زعيم «القاعدة» المقتول عبد العزيز المقرن؟

بعد غياب مفتي «القاعدة» في السعودية عن الأخبار

TT

أثار غياب اسم عبد الله محمد راشد الرشود، أحد اشهر مفتي ومنظري جماعة «القاعدة» في السعودية، عن الأخبار والعمليات التي جرت مؤخرا، وتركزت في الرياض، في معظمها، تساؤلات عن مصيره ودوره الحالي.

الرشود الذي اشتهر بفتاواه التحريضية، والمضاف على لائحة الـ26 مطلوبا، والتي أعلنتها الداخلية السعودية في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2003، وسقط منها ما بين قتيل ومقبوض عليه، 15 شخصا تقريبا، لم يظهر على خط العمليات الإرهابية، ولم يظهر له أي نشاط أدبي تحريضي منذ التفجير الانتحاري في مجمع المحيا السكني في الرياض، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 والذي أدى لمقتل 18 شخصا وإصابة العشرات بجراح، وكان معظم الضحايا من العرب المقيمين في السعودية.

ومما أثار انتباه المراقبين، أن زملاء الرشود فيما اصطلح على تسميته بـ«اللجنة الشرعية»، ومن أبرزهم فارس آل شويل وعبد المجيد المنيع وعيسى العوشن وسلطان العتيبي ومعجب الدوسري رفيق عيسى العوشن، قتلوا كلهم في مواجهات أمنية مع السلطات السعودية، باستثناء فارس آل شويل الذي قبض عليه في جبال أبها جنوب السعودية. وتم توجيه ضربات قاسية لـ«القاعدة»، الأمر الذي كانت «القاعدة» في السابق ترد عليه ببيانات وخطب تعبوية لمحاولة رفع الروح المعنوية لأفرادها أو المتعاطفين معها، وهذا ما يبدو أن الرشود كان يجيده، مع رفاقه في اللجنة الشرعية، لكن الرشود لم يظهر له شيء وظل غائبا عن الأحداث. وبرزت أسماء أخرى اقل أهمية مثل سعود حمود القطيني الذي تحدث في تسجيل صوتي على الانترنت في نوفمبر 2004 بعد مقتل عدد من كوادر التنظيم العليا ودعا في بيانه الصوتي وفي افتتاحيته لمجلة «صوت الجهاد» الناطقة باسم التنظيم الإرهابي على الانترنت، إلى الانضمام إلى صفوف «القاعدة» وبشر بالمزيد من العمليات دون توقف.

المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، من مصدر مطلع، تفيد بأن الرشود يحتمل بنسبة كبيرة جدا أنه قد «صفي» على يد زعيم التنظيم السابق عبد العزيز المقرن ومساعده فيصل الدخيل، شخصيا.

وطبقا لهذه المعلومات فإن، عبد الله راشد الرشود، أو «الشيخ» عبد الله الرشود كما كان يعرف داخل التنظيم، قد أبدى تحفظات وملاحظات على أسلوب العمليات وتحديدا شكك في مدى شرعية بعض العمليات الأخيرة، بعدما بدأت ضربات «القاعدة» تتركز على أهداف سعودية بالدرجة الأولى، وتحديدا برز هذا الاعتراض بعد عملية تفجير مجمع المحيا السكني، والتي اشرف عليها عبد العزيز المقرن بنفسه.

اثر ذلك، وبعد نقاشات مطولة، وبعد مطالبة الرشود باسترداد المال الذي قدمه لدعم التنظيم، تردد داخل الشبكة الإرهابية انه قد أصيب بـ«مس» من الجنون، الأمر الذي يستدعي رقيته ومعالجته بالقرآن والأذكار، كما أكد المقرن والدخيل للبقية. وبالفعل كانت آخر مرة شوهد فيها الرشود قبل عملية الملز التي قتل فيها المقرن والدخيل في 18 يونيو (حزيران) 2004، بعدة أيام. أي أن غياب أو تصفية عبد الله الرشود تمت في بداية شهر يونيو من عام 2004 . وفي التفاصيل أن المقرن والدخيل قد خرجا به بسيارتهما بحجة معالجته، ثم ذهبا به إلى مكان مجهول، ليعودا بعد ساعات إلى أصحابهم، مبشرينهم بأن الرشود قد نقل وحفظ في مكان آمن.

ومن حينها انقطعت أي مؤشرات على وجود عبد الله الرشود، أو أي رصد لحركته، الأمر الذي يعزز تماما فرضية التصفية الجسدية، حسب مصادر «الشرق الأوسط» العليمة، والتي أضافت أن «القاعدة» في السعودية قد انتهجت أساليب شبيهة بهذه الأساليب، من أسلوب التصفية المباشر، كما حصل مع الرشود، أو التصفية غير المباشرة عبر ربط منفذي بعض العمليات الانتحارية داخل السيارات المفخخة كما حصل تحديدا في عملية مجمع الحمراء وغرناطة السكني في 12 مايو (أيار) 2002 .

يذكر أن عبد لله الرشود (33 عاما) من خريجي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعمل مدرساً في المعهد العلمي في محافظة النماص الجنوبية، وبعدها انتقل إلى معهد القويعية بالقرب من الرياض. وبعد فترة تمكن من الانتقال إلى الرياض، غير انه استقال من الوظيفة الحكومية، من دون أسباب واضحة، ليسجن لشهرين عام 1997 .

وكان قد قاد عملية تجمهر في الرياض أمام منزل عبد العزيز آل الشيخ، المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، في أول نشاط ديني معارض له، وكان بمعيته أحمد الدخيل، (أو الشيخ أبو ناصر) أحد الذين قتلوا في مواجهات الأمن مع عناصر إرهابية في قرية «غضي» في منطقة القصيم وسط السعودية في 28 يوليو (تموز) 2003، وأحد المطلوبين ضمن قائمة الـ19 الشهيرة. وفي تلك المظاهرة طالب بعدة مطالب تمثل التوجه الأصولي المتطرف كإلغاء نظام التأمينات الاجتماعية وخروج السعودية من منظمة الأمم المتحدة «الكافرة» وإلغاء قرار الدمج بين رئاسة تعليم البنات وتعليم البنين... الخ كما ورد اسمه في الاعترافات التي بثها التلفزيون السعودي لبعض أفراد «القاعدة» في 21 سبتمبر (أيلول) 2004 باعتباره مؤثرا في إقناع الشباب بأفكار «القاعدة» وشرعية الأهداف التي تستهدفها. ففي اعترافات احد هؤلاء، وهو عبد الرحمن الرشود قال إن لجنة مختصة بالجانب الشرعي يرأسها عبد الله الرشود وأبو جندل الأزدي (فارس آل شويل الزهراني) كانت تقوم بإعداد طلبة العلم. أما أهداف الأعمال العسكرية فقد كانت مدرجة ضمن هدفين، الهدف الأول بحسب الرشود «مراكز التجمعات الصليبية ومراكز قوى الأمن» التي تمثل الهدف الثاني الذي لطالما تنصلوا من مسؤولية أعمالهم ضده.

يشار إلى أن آخر ظهور إعلامي للرشود كان من خلال تسجيل فيديو على الانترنت ظهر فيه وخلفه خريطة الجزيرة العربية وأمامه قاذفة (ار بي جي) ومجموعة من الأسلحة، وفي إحدى اللقطات يحمل بيده مسدساً، فيما ظهرت لحيته أطول منها في الصورة التي نشرتها وزارة الداخلية ضمن قائمة المطلوبين كما بدا وجهه أقل امتلاء مرتدياً غترته البيضاء.

الشريط بث على الانترنت بتاريخ 7 يوليو 2004 . والمقرن والدخيل قتلا في 18 يونيو من نفس السنة، أي أن الشريط الذي ظهر فيه الرشود يحرض على استهداف الأجانب وقوات الأمن، بث بعد مقتل المقرن رفيقه بـ19 يوما! غير أن مصادر «الشرق الأوسط» تعلق على ذلك قائلة: «هذا زمن بث الشريط، لكن متى سجل أصلا؟! هنا يجب أن يكون السؤال».