إيران تضغط على الأوروبيين بالتلويح بوضع «اقتراح نهائي» حول المحادثات النووية

ارتياح فرنسي لـ«التنازلات» الأميركية حول طهران وإسلام آباد تنفي تسليم معدات نووية تكشف أسرارها

TT

اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه أن «التنازلات» التي قدمتها الولايات المتحدة لايران على الصعيد التجاري «تلبي تطلعات» الاوروبيين الذين يرغبون في حل المسألة النووية الايرانية بدون تصعيد. وفيما سعت ايران للضغط علي الاوروبيين بقولها انها قد تقدم «اقتراحا نهائيا» في المحادثات حول برنامجها النووي، محذرة من أن المفاوضات «تسير على نصل السكين»، وأنه لا يوجد ضمان بالتوصل الى اتفاق في نهاية المطاف، نفت باكستان من ناحيتها صحة تقارير صحافية عن انها ستسلم مكونات أجهزة طرد مركزي مستعملة للوكالة لمساعدتها في كشف أسرار البرنامج النووي الايراني. وقال بارنييه للصحافيين في جنيف أمس «ان هذه المبادرات التي قامت بها الولايات المتحدة اخيرا تلبي تطلعاتنا وتثبت ان الولايات المتحدة تريد مثل الروس والصينيين إعطاء كل الفرص لهذه المفاوضات». وأوضح الوزير الفرنسي «اننا في لحظة حساسة من هذه المفاوضات التي تبقى هشة لكننا نأمل في التوصل الى نتيجة». وذكر ان فرنسا والمانيا وبريطانيا التي تتفاوض منذ (كانون الاول) 2004 مع ايران باسم الاتحاد الاوروبي «تود الحصول على تخلي ايران عن السلاح النووي من اجل الحد من كافة مخاطر انتشار الاسلحة النووية». لكنه اضاف ان «لإيران دوافع وشرعية في السعي لاستخدام الطاقة المدنية النووية من اجل تنميتها». ورفض بارنييه التكهن بالمراحل المقبلة من المفاوضات مع ايران، فيما يتوقع عقد اجتماع وزاري في 23 مارس (اذار) لاستعراض آخر نتائج المفاوضات، بحسب ما افاد مسؤولون ايرانيون.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الجمعة أنها لن تعارض انضمام طهران الى منظمة التجارة العالمية واقترحت دراسة امدادها بقطع غيار لطائرات مدنية ايرانية بعد دراسة «كل حالة على حدة». غير ان ايران رفضت العرض الاميركي.

من ناحيتها، قالت ايران انها قد تقدم قريبا للاتحاد الاوروبي اقتراحا نهائيا في المحادثات حول البرنامج النووي، والتي تشكو طهران من بطء سيرها. وقال سايروس ناصري، أحد المفاوضين الرئيسيين لايران مع الاتحاد الاوروبي في تصريحات للتلفزيون الحكومي امس ان طهران لا تريد الدخول في مواجهة. واستدرك قائلا «لكن اذا لم يردوا على ما نعتقد انه موقف منطقي فيمكنهم حينئذ اختيار طريقهم الخاص ونحن مستعدون للتعامل مع عواقبه». وأضاف ناصري «الامر ليس كأننا لا توجد عندنا حدود زمنية. قد لا يمر وقت طويل قبل ان نضع على المائدة اقتراحنا النهائي ونحدد لهم موعدا نهائيا إما لقبوله او لرفضه». وتابع «نحن لسنا بعيدين عن هذه المرحلة». واعترف ناصري بأن مثل هذه الاستراتيجية تعني ان الجانبين «ربما يتحركان تجاه اتفاق او تجاه مواجهة». وقال ناصري «الواضح لي اننا نسير على نصل السكين»، واضاف «لا يوجد ضمان اننا سنصل الى اتفاق». وتابع «ما يمكنني قوله بالتأكيد انه اثناء المفاوضات وتدريجيا شهدنا مزيدا من الاستعداد للمرونة من الاوروبيين. لكن ذلك لا يعني ان لديهم القدرة على الوصول لاتفاق معنا». علي صعيد ذي صلة، قالت باكستان انها تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنها نفت صحة تقارير عن انها ستسلم مكونات اجهزة طرد مركزي مستعملة للوكالة لمساعدتها على حل غموض يلف البرنامج النووي الايراني. وقال دبلوماسيون على اطلاع بتحقيق للامم المتحدة في البرنامج النووي الايراني اول من أمس ان اسلام اباد وافقت على تسليم المكونات ليمكن لمفتشي الامم المتحدة مقارنتها بمعدات باعها لإيران العالم النووي عبد القدير خان (الأب الروحي للقنبلة الذرية الباكستانية). وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية جليل عباس جيلاني امس ان باكستان تتعاون مع الوكالة لكنه رفض التقارير عن أن اسلام آباد ستسلم أجهزة طرد مركزي. وأوضح في مؤتمر صحافي أسبوعي «لم يطلب من باكستان تسليم أجهزة طرد مركزي ولن تفعل باكستان ذلك». ولم يوضح جيلاني طبيعة التعاون مع الوكالة، لكنه قال انه سيكون موجها تماما لخدمة المصالح الوطنية الباكستانية والحاجة لحماية القدرات الاستراتيجية. واعترفت اسلام اباد للمرة الاولى الاسبوع الماضي بان خان باع لايران اجهزة طرد مركزي تستخدم في انتاج وقود يورانيوم مخصب يمكن استخدامه في محطات الطاقة النووية او لصنع اسلحة.

وقال دبلوماسي لرويترز في فيينا مطلع الاسبوع طالبا عدم الكشف عن هويته، هذه المكونات قد تحمل البصمات الحاسمة أو «الحامض النووي» لآثار اليورانيوم التي عثر عليها في معدات بايران. وفي عام 2003 عثرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار يورانيوم في ايران تم تخصيبه بمستويات مختلفة اقترب بعضها مما يمكن استخدامه في تصنيع اسلحة ذرية. وقد اثار ذلك المخاوف من أن يكون برنامج طهران للطرد المركزي الذي ظل لفترة طويلة طي الكتمان قد استخدم لتنقية اليورانيوم سرا لاستخدامه في انتاج اسلحة ذرية. وأنحت ايران باللائمة في وجود تلك الآثار على مكونات اجهزة طرد مركزي ملوثة حصلت عليها مستعملة من باكستان. لكن رفض اسلام اباد السماح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأخذ عينات من البيئة داخل باكستان منع الوكالة من التحقق من صحة التفسير الايراني. وتحقق الوكالة في قضية ايران منذ اكثر من عامين. ولم تعثر على أي دليل على اشتباه واشنطن في أنها تعتزم انتاج قنبلة نووية لكنها لم تتمكن من التحقق من تأكيدات طهران بأن برنامجها النووي سلمي تماما.

ورفض متحدث باسم الوكالة في فيينا التعليق على ما اذا كانت باكستان ستسلم أجزاء من أجهزة طرد مركزي لكن دبلوماسيين مقربين من الوكالة قالا انها ستصل قريبا. ويقول محللون ان اعتراف باكستان بأن خان أعطى ايران أجزاء من أجهزة طرد مركزي يبدو أنه جاء نتيجة ضغوط أميركية قبيل زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لاسلام أباد المقررة هذا الاسبوع. وأكدت باكستان مجددا لدى إقرارها بذلك انه لم يكن هناك أي دور حكومي في عملية النشر، وهو موقف يرى المحللون أنه يصعب تصديقه نظرا للتشديد الأمني المحيط بالبرنامج النووي. وأكدت اسلام أباد مجددا كذلك رفضها تسليم خان لأجانب لاستجوابه.