نهيان بن مبارك لـ«الشرق الأوسط»: صورة المرأة العربية في الغرب ليست ظالمة

وزير التعليم الإماراتي قال إن التعامي عن الأخطاء لا يصحح الأوضاع

TT

يتميز المؤتمر الطلابي العالمي، الذي تنظمه جامعة زايد الإماراتية بمشاركة نحو 500 طالبة جامعية من أكثر من 40 دولة عربية وأجنبية. ومع أن دولة الامارات نظمت العديد من المؤتمرات الطلابية العالمية مثل مؤتمر التعليم بلا حدود، الا أن هذا المؤتمر يتميز بكونه مؤتمرا مخصصا للطالبات فضلا عن ان موضوعه يتناول دور المرأة في القيادة، وهو موضوع مثير اذا ما اخذ في سياق الجدل الدائر حول الاصلاح في العالم العربي ومكانة ودور المرأة في الاصلاح المنشود. حول المؤتمر كفكرة وأهميته الاكاديمية والمجتمعية، تحدث الشيخ نهيان بن مبارك وزيرالتربية والتعليم ورئيس جامعة زايد لـ«الشرق الأوسط».

* هل اختيار دور المرأة في القيادة، كموضوع للمؤتمر هو اختيار اكاديمي، أم مجاراة للموضة السائدة الداعية للاصلاح واعطاء المرأة فرصة المشاركة في الحياة العامة؟ ـ اذا كنت تقصد عما اذا كان هناك توجيه سياسي لطرح هذا الموضوع كمحور وموضوع للمؤتمر، فإن الجواب هو بالنفي. فالمؤتمر هو اختيار اكاديمي لجامعة زايد، لكن من الطبيعي ان يعكس الاختيار طبيعة تفاعل الجامعة مع القضايا العامة، بما في ذلك الجدل الدائر عن مشاركة المرأة وقيادتها للعمل العام.

المؤتمر من حيث الفكرة والشكل هو استمرار لسياسة، تتبناها مؤسسات التعليم العالي الاماراتية منذ سنوات، وتهدف الى التعرف على وسائل وآليات عمل مؤسسات التعليم العالمية واطلاع تلك المؤسسات على تجاربنا، وايجاد نوع من التبادل المعرفي بين الجامعات الاماراتية والجامعات في الدول الاخرى. أما من حيث المحتوى، فمن الطبيعي ان يأخذ برنامج المؤتمر الوضع الحالي وما افرزته احداث 11 سبتمبر من متغيرات تحتم علينا مد يد الصداقة للآخرين، وتعريف قادة المستقبل من طلبة الجامعات الاجنبية بدولتنا ومنطقتنا العربية والاسلامية. وقد اظهرت تجاربنا في مؤتمرات التعليم بلا حدود، ان الطلبة الاجانب المشاركين خرجوا بانطباعات جيدة عن بلادنا، فضلا عن انهم بنوا جسورا من التواصل المستمر مع ابنائنا من طلبة الجامعات الاماراتية. وأحب هنا أن أكد ان اهتمام دولة الامارات بقضايا المرأة ليس اهتماما طارئا، بل هو اهتمام اصيل بدأ مع نشأة الدولة، حيث حظيت المرأة برعاية واهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كما انها كانت الشغل الشاغل للشيخة فاطمة بنت مبارك رئيس الاتحاد النسائي العام للدولة، التي وقفت مع المرأة ودعمتها لتأخذ مكانها ودورها في عملية التنمية.

* لكن هناك من يعتقد أن طرح موضوع دور المرأة في القيادة هو طرح مبكر، خاصة أن المرأة لا تزال تعاني من انتهاكات لحقوقها الاساسية؟

ـ اتفق معك على ان هناك العديد من الدول التي لا تزال حقوق المرأة فيها منتهكة. واعتبر مثل هذه الانتهاكات عائقا كبيرا لعملية التنمية في هذه الدول. لكن بالنسبة للإمارات فإننا نفتخر بأن المرأة حققت بفضل الرؤية بعيدة النظر، وحس العدالة الاجتماعية الذي كان يتمتع به الشيخ زايد الكثير من الانجازات، سواء على صعيد التشريعات التي لم تميز بين المواطنين على اساس الجنس، أو على صعيد الدور حيث أخذت المرأة مكانها في كافة مفاصل الحياة بشكل متساو مع الرجل.

وهنا لا بد ان نقول ان المرأة في كافة دول العالم لا تزال في مرحلة بناء الذات، بعد قرون من الاضطهاد والعبودية للرجل والتمييز وتفاوت الحقوق. ولا اقصد هنا تغيير التشريعات والقوانين لإنصاف المرأة، بل تغيير المفاهيم الاجتماعية التي تعاملت مع الانثى تعاملا من دونيا. نحن نريد من خلال المؤتمر المساهمة في تغيير المفاهيم واعطاء الطالبات المشاركات اللواتي سيكن قيادات في المستقبل الثقة بقدراتهن وشحذ هممهن من اجل استثمار تلك القدرات.

* من بين اهداف المؤتمر تعريف الطالبات الاجنبيات المشاركات بالصورة الحقيقية للمرأة، هل معنى ان صورة المرأة العربية، كما ترسم في الغرب صورة ظالمة، أم أننا نتحمل جزءا من وزر تلك الصورة؟

ـ أنا لا اعتقد ان الصورة التي ترسم عن المرأة في بلادنا العربية والاسلامية صورة ظالمة، وهنا لا أتكلم عن الصورة المغرضة التي تنقلها صحف التابلويد، وانما الصورة التي يكونها بعض الباحثين والكتاب المرموقين، وهي صورة صحيحة الى حد بعيد، وتعكس الواقع الذي يجب ألا نتجاهله أو نتعامى عنه. علينا ان نعمل من اجل تصحيح بعض مواطن الخلل، وأن لا يكون رد فعلنا على ما ينشر ويقال ويكتب سلبيا وانفعاليا، بل التعاطي الموضوعي الهادئ البعيد عن التشنج. والجزء الاهم في تصحيح الصورة هو الثقة بالنفس وعدم اعتبار اي نقد اعتداء على الشخصية الوطنية والقومية، والتعاطي مع النقد بإطاره الموضوعي.

* كوزير للتربية والتعليم ومسؤول عن عدد من مؤسسات التعليم العالي بالدولة، هل تعتقد ان المناهج المدرسية مسؤولة عن الصورة النمطية السلبية للمرأة؟ هل تعتقد اننا بحاجة الى تعديل تلك المناهج ؟

ـ نعم المناهج بحاجة الى تعديل، فهي فقيرة في إعطاء المفاتيح التي تضمن بناء صورة مختلفة عن المرأة. هناك رموز نسائية تاريخية قلما تسلط المناهج الضوء على دورهن وتجاربهن. واعتقد أن تغيير نظرة المجتمع عن المرأة، تبدأ في تغيير مكان المرأة في العملية التربوية والتعليمية. كما ان استقلال المرأة ماديا عن طريق توفير فرص عيش متساوية لها مع الرجل، من شأنه أيضا إجراء تعديل على ثقافة المجتمع تجاة دور المرأة ومكانتها.

* ما المنافع التي تأملون جنيها من وراء هذا المؤتمر الطالبي العالمي؟

ـ فوائد المؤتمر لا تنحصر بما سيدور في المناقشات، بل في الاحتكاك الذي سيتوفر في اجواء المؤتمر، سواء على صعيد الطالبات المشاركات، أو على صعيد مؤسسات التعليم الممثلة فيه أو الشركات والمؤسسات الراعية له. وقد تعلمنا من خلال مؤتمر التعليم بلا حدود مقدار ما يوفره الاحتكاك الشخصي المباشر من جسور لعلاقات ممتدة ومتشعبة، تترجم الى برامج مشتركة بين الجامعات وابحاث متبادلة بين الطلبة. فضلا عن انها تسمح لمؤسسات الاعمال التعرف على الامكانيات المتاحة والمتوفرة في مؤسساتنا التعليمية.

* ما معيار اختيار الباحثين والمحاضرين في المؤتمر؟ ـ المؤتمر هو مؤتمر متخصص، وبالتالي فإن المحاضرين اختيروا بعناية، وبناء على مدى مساهمتهم في تغطية المحاور المختلفة للمؤتمر. يضاف الى ذلك انه ستكون هناك فرصة واسعة للاطلاع على تجارب شخصية لبعض القيادات النسائية العربية والاجنبية، التي كان لها دور في بلدانها.