البرلمان العراقي المنتخب يفتتح على دوي قذائف الهاون جلسته الأولى «البروتوكولية» ويختتمها في أقل من ساعتين

الياور اعتبر أن «لا خاسر أو رابح» وطالباني دعا لـ«تلافي غياب السنة» وعلاوي تحدث عن «بداية الطريق»

TT

اختتمت الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) المنتخبة بصورة ديمقراطية ولأول مرة منذ نحو نصف قرن، أولى جلساتها بعد اقل من ساعتين من بدئها صباح أمس. واختتمت الجلسة الافتتاحية التي وصفت بأنها «بروتوكولية» عند الساعة 13.10 بالتوقيت المحلي بعد أن أدى الأعضاء الـ 275 القسم القانوني.

وافتتحت الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) على دوي عدد من قذائف الهاون في المنطقة الخضراء المحصنة حيث يقع قصر المؤتمرات الذي عقدت فيه الجلسة عند الساعة 11.30. وسمع دوي انفجار ثلاث قذائف هاون على الأقل بينما ارتفعت أعمدة دخان من المنطقة التي تضم مبنى السفارتين الاميركية والبريطانية ومباني الحكومة العراقية المؤقتة، بينما سقطت قذيفة في نهر دجلة.

وحضر الجلسة الافتتاحية السفير الأميركي في بغداد جون نيغروبونتي والرئيس العراقي المنتهية ولايته غازي الياور ورئيس الوزراء اياد علاوي والمرشح لتولي منصب رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري والمرشح لتولي منصب رئيس الجمهورية جلال طالباني.

وفور اختيار الشيخ ضاري الفياض بصفته العضو الأكبر سنا في المجلس، لإدارة الجلسة الافتتاحية، دعا إلى «الوقوف وقراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء وفاء لمن ضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل العراق من الشهيدين الصدرين وباقر الحكيم وشهداء حلبجة».

من جهته، قال الرئيس العراقي المنتهية ولايته غازي الياور إن «هذه المرحلة هي الجزء الأخير في المرحلة الانتقالية وهي الأهم وسيكون من شارك ويشارك مسؤولا أمام الله والشعب العراقي عن سلامة الأسس وصلابتها». وأضاف انه «ليس هناك رابح وخاسر. إما نربح جميعا أو نخسر جميعا». وأكد الياور ضرورة أن «يشارك الجميع في العملية السياسية (...) وتوحيد الهدف»، مشددا على انه «لا ضير في الاختلاف في الوسائل لتكون حكومة خلاص وطنية تعطى الفرصة فيها للأكفاء».

ودعا جلال طالباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في كلمته إلى العمل على «تلافي غياب الإخوان من السنة العرب» في الدولة العراقية الجديدة. وقال إن «جلسة اليوم تعقد في ظل أجواء من الحرية قل نظيرها في الشرق وبمشاركة جميع القوميات العربية والكردية بالإضافة إلى القوميات الأخرى من اجل بناء عراق جديد خال من الاضطهاد والتعصب الطائفي». وأضاف «لقد عانى شعبنا وخصوصا الشيعة والأكراد لعقود من الحرمان وحرب الإبادة الجماعية على يد الدكتاتورية الصدامية التي لم تتورع من ارتكاب أبشع الجرائم ضد الشعب والمنطقة».

أما علاوي فقال في كلمته «نحن على بدايات عصر جديد من الحرية والديمقراطية وحكم الشعب». وأضاف «لقد كان لنا الشرف في المساهمة في قيادة هذا البلد في ظل ظروف صعبة جدا قاربت إلى المستحيل إلى تحقيق العديد من الإنجازات منها بناء قوات أمنية قادرة على مواجهة الإرهاب وقوى صدام في مناطق مختلفة من العراق». وحيا علاوي مساهمة الأكراد في التخلص من حكم صدام وقال «يجب أن لا ننسى إبان نضالنا المرير ضد الدكتاتورية الصدامية ما وفره لنا شعبنا الكردي الأصيل وعلى حساب أمنه واستقراره من فرصة لمواصلة نضالنا ضد صدام من على أرض العراق، وقدم الكرد عظيم التضحيات لهذا النضال مما أدى ويؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخها في مسيرتها إلى الأمام». كما حيا علاوي العراقيين «الذين تحدوا الإرهاب والموت عندما توجهوا إلى صناديق الاقتراع وشاركوا في الانتخابات». وقال «لقد كانت مسيرة العراق طويلة ومليئة بالتضحيات، لكننا اليوم وصلنا إلى بداية الطريق».

ودعا علاوي الأمم المتحدة إلى «زيادة وجودها في العراق لمساعدة العراقيين في العملية الدستورية والسياسية»، كما شكر القوات المتعددة الجنسيات لمساهمتها في تحرير العراق واستتباب الأمن فيه». إلى ذلك، أكد اشرف قاضي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، في كلمته أن «الأمم المتحدة ستقف إلى جانبكم في مساعيكم لإرساء دعائم الديمقراطية ووفقا للقرار 1546». وأضاف أن المنظمة الدولية «على استعداد لان تضع كل خبراتها ومواردها تحت طلبكم إذا ما أردتم ذلك».

من جانبه، قال فؤاد معصوم رئيس المجلس الوطني المنحل وأحد أعضاء الجمعية الجديدة انه «من المهام الأساسية لجمعيتنا إعداد الدستور بالتعاون مع الإخوان الذين لم ينتخبوا». وأضاف أن «لكل مكون من مكونات الشعب العراقي الحق في تحديد ملامح الدستور الذي يعد وثيقة شرف وعقد للتعايش على أساس التوافق لبناء عراق فيدرالي ديمقراطي تعددي موحد».

وقد اختار المجلس بدء جلساته في 16 مارس (آذار) في ذكرى قصف مدينة حلبجة الكردية بغازات سامة في 1988 مما أدى إلى مقتل حوالي خمسة آلاف شخص من الأكراد. ووضعت لافتة كبيرة كتب عليها آيات قرآنية تقول «وأمرهم شورى بينهم» تحتها صورة لخريطة العراق، فيما وضعت على جانبي اللافتة أعلام عراقية كبيرة وباقات ورد.

ولم يعقد الأعضاء الـ275 الذين تم انتخابهم في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي من قبل ثمانية ملايين عراقي، جلستهم الافتتاحية في مبنى البرلمان العراقي السابق الذي تعرض للسلب والنهب، بل في قصر المؤتمرات الذي يقع في «المنطقة الخضراء» المحصنة وسط إجراءات أمنية مشددة. وحصلت لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية التي تحظى بدعم المرجع الشيعي الكبير آية الله العظمى علي السيستاني على 140 مقعدا في الانتخابات، بينما حصل التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق على 75 مقعدا. وحلت قائمة علاوي في المركز الثالث وحصلت على أربعين مقعدا في حين حل تجمع «عراقيون» للرئيس غازي الياور في المركز الرابع وكان نصيبه 5 مقاعد.

وكان هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أكد أن الجلسة الأولى للجمعية الوطنية ستكون بروتوكولية ولن يتم فيها الإعلان عن المجلس الرئاسي أو رئيس الجمعية لان هذه المسائل هي «جزء من صفقة شاملة». وقال زيباري «حسب الاتفاق بين القوائم الفائزة والمتحاورة فإن الجلسة الافتتاحية للجمعية الوطنية لهذا اليوم هي جلسة للإعلان عن تشكيل الجمعية بعد الانتخابات التاريخية». وأوضح أن «إنجاز الاتفاق النهائي حول المناصب القيادية مثل الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية وتشكيلة الوزراء سيبحث خارج الجمعية الوطنية». وأكد أن «هذه المسائل هي جزء من اتفاق نهائي ومن صفقة كاملة وشاملة سيتم بحثها في وقت لاحق وان شاء يتم الاتفاق عليها في أسرع وقت».

وهناك اتفاق غير نهائي على أن يتولى إبراهيم الجعفري رئيس حزب الدعوة الشيعي رئاسة الوزراء في حين يكون طالباني رئيسا للبلاد مع امكانية تولي مرشح سني رئاسة البرلمان. وتعثرت المفاوضات بسبب مطالب الأكراد بتوسيع مناطقهم الشمالية المتمتعة بالحكم الذاتي لتضم مدينة كركوك الاستراتيجية الغنية بالنفط ومصير قوات البيشمركة الكردية والتي يريد الشيعة اندماجها في قوات الأمن العراقية الحكومية. كما يريد الأكراد ضمانات بأن يظل العراق علمانيا. وكان السياسيون يعقدون الآمال بالتوصل لاتفاق بحلول جلسة البرلمان الأولى. وقال بعض المسؤولين إن من الممكن التوصل لاتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال محمد بحر العلوم، وهو عضو بالائتلاف الشيعي، إن من المتوقع أن يتم التوقيع خلال الأيام القليلة المقبلة على إعلان بالمبادئ العامة وبينها معالجة وضع مدينة كركوك طبقا لقانون إدارة الدولة وهو بمثابة دستور مؤقت. إلا أن مسؤولا شيعيا آخر كان اقل تفاؤلا ووصف المحادثات السياسية الجارية بأنها «حوار الطرشان».

وسيستمر علاوي في تسيير أمور البلاد حتى يتم اختيار حكومة جديدة. وشعر كثير من العراقيين بالغضب بسبب عدم تشكيل حكومة حتى الان بعدما تحدى أكثر من ثمانية ملايين منهم الهجمات الانتحارية وهجمات الهاون وتوجهوا لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العراقية. ويقول بعض العراقيين إن استمرار المشاحنات السياسية يأتي في صالح المسلحين الذين يريدون تقويض العملية السياسية.