عمر سليمان يعتبر 2005 عاما حاسما للقضية الفلسطينية وأبو مازن يؤكد أنه لن يدخل في عملية تقود لحرب أهلية

خالد مشعل: ندرك أن الظروف ليست في مصلحتنا

TT

أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد أنه لا يوجد مشاركون سوريون في الاجتماعات الحالية لمؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، مشيراً إلى أن الدور السوري يعد ايجابياً وأن الرئيس بشار الاسد ابدى تأييده لهذا الحوار الفلسطيني وذلك خلال مباحثاته مع الرئيس حسني مبارك أول من امس الثلاثاء في دمشق.

وقال المتحدث الرسمي عقب لقاء الرئيس المصري حسني مبارك أمس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، في رده على سؤال حول ما إذا كانت هناك ورقة مصرية مقدمة لمؤتمر الحوار الفلسطيني بشأن تثبيت فترة الهدنة «إنني لا اريد التطرق إلى تفاصيل فنية فقد بدأ الحوار يوم الثلاثاء ويتعين علينا أن نعطي الفرصة للقاء المشاركين في هذا الاجتماع للتوصل إلى كلمة سواء تعبر عن موقف فلسطيني موحد وعلينا أن ننتظر حتى تنتهي هذه الجولة من الحوار». وقال المتحدث الرسمي إن موقف مصر هو ضرورة التعجيل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ من تفاهمات والتزامات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني وأوضح أن بعض هذه التفاهمات والالتزامات تم تنفيذه بالفعل في حين لم يتم تنفيذ البعض الآخر.. وأن موقف مصر والرئيس مبارك هو ضرورة تنفيذ هذه الالتزامات كحسن نية بين الجانبين وأن اسهام مصر في ذلك ليس مجرد عقد قمة وانما أيضاً يمتد لمتابعة تنفيذ ذلك بحسن نية. من جهته وصف اللواء عمر سليمان رئيس الاستخبارات المصرية عام 2005 بأنه عام هام للغاية بالنسبة للقضية الفلسطينية حيث يستهدف تحقيق هدفين أساسيين: الاول بناء البيت الفلسطينى القوى والقادر، والثانى هو انهاء الاحتلال الاسرائيلى من قطاع غزة ومدن الضفة الغربية. وقال ان تحقيق هذين الهدفين يستوجب وحدة الصف الفلسطينى كاملة، وتكثيف التحرك السياسى والدبلوماسى بقوة من أجل الضغط لاستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة. وشدد على أن تحقيق ذلك الهدف يستوجب كسب المجتمع الدولى لمساندة القضية الفلسطينية ومساعدة الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه. وأكد عمر سليمان أيضا ان فكرة اقامة دولة فلسطينية مؤقتة فكرة مرفوضة. وقال ان عام 2005 هو عام العودة الى خطوط 28 سبتمبر 2000 وانه انطلاقا من هذه الخطوط يجري التحرك نحو الوضع النهائي بأسرع وقت ممكن. ورد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» على سؤال عما اذا كانت حركته ستترك النضال المسلح وتتحول الى حزب سياسي.. فقال: نحن نقدر لمصر وللرئيس مبارك دوره في رعاية الحوار.. والصحيح أن البيت الفلسطيني يحتاج الى اعادة ترتيب من الداخل وبمشاركة الجميع. الا أنه في نفس الوقت فاننا في حركة «حماس» نؤمن بأنه ليس هناك تناقض بين العمل والممارسة السياسية وبين «النضال». وقال مشعل: نحن ندرك أيضا وبكل اقتناع أن شعبنا الفلسطيني في حاجة الى التقاط الانفاس والاستفادة من المبادرات القائمة من دون التخلي عن الثوابت والمطالب القائمة. ونحن أيضا على قناعة بأن العمل السياسي وحده ليس كافيا لاستعادة الحقوق.. وأعطي مثلا بحرب أكتوبر التي لولاها لما استعادت مصر أرضها. وأقول إنه بنفس المعيار فانه لولا الانتفاضة الفلسطينية لما قدم شارون مشروعه للانسحاب من غزة. جاء ذلك خلال حوار جرى مع رؤساء تحرير الصحف المصرية على هامش انعقاد الحوار الفلسطيني الذي تشهده القاهرة حاليا. وشارك فيه أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن» وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، ورؤساء وممثلو الفصائل: عبدالله شلح «الجهاد» وأحمد جبريل «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» ونايف حواتمة «الجبهة الديمقراطية». وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن سياسة التهدئة التي انتهجتها السلطة الفلسطينية.. مع التزام من الجانب الاسرائيلي بهذه التهدئة.. قد حققت حتى الان عددا من المكاسب. وقال ان في مقدمة هذه المكاسب: 1ـ اعلان اسرائيل وقف استهدافها للفلسطينيين بالمطاردة أو الاغتيال. 2ـ الموافقة على اخلاء 8 مدن فلسطينية بالضفة الغربية على مرحلتين.. الاولى خمس مدن والثانية ثلاث مدن. 3ـ حل مشكلة المطرودين والمطلوبين، وانهاء الملاحقات، بالاضافة الى حل مشكلة المبعدين التي كانت قد نشأت في كنيسة المهد في بيت لحم فضلا عن وضع قضية الاسرى لتكون محل مفاوضات جادة ينتظر أن تنتهي قريبا الى نتائج ايجابية. في نفس الوقت كشف الرئيس أبو مازن عن أنه رغم ذلك فلا يزال هناك «تلكؤ» من الجانب الاسرائيلى في الوفاء باستحقاقاته. وقال انه ليس معنى هذا عدم تحقيق تقدم مستمر، فبالنسبة للاسرى اتفقنا على اقامة لجنة مشتركة مهمتها وضع المعايير تقوم عليها عملية الافراج عنهم. وأضاف أن التحدي الان هو الا نتوقف عن هذا النهج الجديد حتى وان صادفتنا العقبات أو ظهرت في الافق مماطلات, ولا بد أن نعرف جيدا اننا مع مفاوض ليس سهلا وعلينا أن ننزع منه الذرائع. وأكد أن أهداف المرحلة الحالية أي التي تتحقق خلال هذا العام 2005 هي العودة الى حدود سبتمبر (ايلول) عام 2000 كما أن من أهداف هذه المرحلة أيضا أن نصل بشعبنا الى حالة من الامان والاطمئنان والراحة وتلبية احتياجاته الاساسية بعد كل ما خاضه من معاناة. وأكد أبو مازن أيضا أن الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية عازمان على المضي قدما في المسيرة الديمقراطية التي بدأت بالانتخابات البلدية والرئاسية، والاتجاه قدما إلى الانتخابات المحلية والتشريعية. وقال إن إعادة ترتيب البيت من الداخل مسألة ذات أهمية وأولوية قصوى، وأن ما نعمل من أجله وما يشارك فيه الجميع هو تحقيق حياة سياسية واجتماعية ونيابية سليمة. وأعرب الرئيس الفلسطيني عن اعتقاده بأن غالبية الشعب الإسرائيلي تريد السلام ولا تتمسك بالاحتفاظ بالأرض المحتلة. بصرف النظر عن المتطرفين. وقال: إن علينا مع ذلك أن ندرك جيدا أن هاجس الأمن عند الإسرائيليين هاجس كبير وهو عنصر مهم لهم جميعا سواء كانوا من الراغبين في السلام أو من المتطرفين. وأضاف أن الشعب الفلسطيني ينتهج الآن طريق التهدئة.. ولذلك فإن أمامنا فرصة تاريخية سننتهجها من جانبنا، وإذا لم يمسك الطرف الآخر بدوره بهذه الفرصة وعاد إلى سياسات العنف والاحتلال فإن العالم كله يقف إلى جانبنا. وسئل أبو مازن عن المعضلة المتمثلة في المطلب الخاص بتجريد الفصائل من السلاح خاصة أن ذلك هو أحد شروط «خريطة الطريق». فأجاب بالقول: نحن ملتزمون جميعا بالتهدئة وبالهدنة.. وأظن أن عملية «تل أبيب» الآخيرة تدل على ذلك حيث أكدت الفصائل كلها أنها لا علاقة لها بهذه العملية. وأضاف: إن من يسعون إلى دفع الفلسطينيين إلى حرب أهلية مخطئون. ولقد شرحت ذلك بوضوح لجميع الأطراف الإسرائيلية والدولية. ومن جانبي كرئيس للسلطة الفلسطينية فإنني لن أدخل في عملية تقود إلى حرب أهلية.. فالمهم هو التهدئة والهدنة ونحن ملتزمون بذلك بالفعل، وكل ما يتعلق بالداخل الفلسطيني هو شأن داخلي ولا يحق لأحد التدخل فيه. وسئل «أبو مازن» عما سيعقب هذه المرحلة.. فقال: لقد كان من رأيي أن يكون هناك خطان متوازيان للتفاوض للمرحلة الحالية وأيضا لمرحلة الحل النهائي بحيث نكون جاهزين لهذه المرحلة بمجرد العودة الى خطوط سبتمبر عام 2000. وقد اقتنع الرئيس الأميركي جورج بوش بهذه الفكرة عندما طرحت ولكن شارون رفض، وأضاف: وعلى كل حال لا بد من التأكيد على حقيقة أن غزة ليست حلا، أي أن الانسحاب من القطاع ليس هو الحل وانما هو جزء من الحل. وسئل عمر سليمان عن الجهود الجارية بشأن التهدئة وتطبيق تفاهمات «شرم الشيخ» حتى نهاية عام 2005 وارتباط ذلك بالوضع الاقليمى والتطورات الجارية على ساحة المنطقة بدءا من ايران وحتى لبنان وسورية وغيرها. فقال: المؤكد ان الوضع الاقليمي مرتبط ببعضه البعض ومرتبط بالضغوط التي تجرى هنا وهناك، ومرتبط أيضا بما يسمى بمشروع الشرق الاوسط الكبير. لكن رغم هذا الارتباط فانه يمكن القول ان علينا ايجاد حل لكل من هذه الاوضاع.. فالمطلوب هو أن نسير في الحل على المسار «الجاهز» وأن نتحرك في الاتجاه الذي يؤدي الى نتائج عملية وعناصره متوفرة. وأنا على ثقة من أن التوصل الى حل على المسارات الجاهزة سيعكس نفسه ويؤثر ايجابيا على باقي المسارات. وأضاف اللواء سليمان قائلا: ان علينا التزاما أخلاقيا تجاه القضية الفلسطينية، ونحن نرى جميعا ان الوضع بالنسبة للقضية الفلسطينية ناضج للعمل ولا بد من انتهاز الفرصة المتاحة لعرض هذه القضية عرضا سليما. وقد اتسمت الفترة الماضية بالتعامل عن طريق الصدام والمواجهة.. أما الان فان الحوار هو الاساس. وعلينا أن ننطلق ونتحرك على الساحة الدولية لتعزيز موقفنا. ولا بد من تنظيم الحياة السياسية الفلسطينية لتصب في الاتجاه الصحيح. والشعب الفلسطيني على وعي بهذا. وسيقدم نموذجا فريدا بعيدا عن الانشغال بالذات أو الصراعات. وأحب أن أقول اننا نقدر الخطوات التي قام بها الاخ الرئيس «أبو مازن» ونعطي الفرصة كاملة لتحقيق تفاهم فلسطيني حقيقي وصحيح حتى وان بقيت بعض مساحات الاختلاف. نحن نؤمن بضرورة وجود «مرجعية» فلسطينية عليا. ولتكن منظمة التحرير. كما نؤمن بضرورة وجود «ادارة» واحدة لادارة السياسة والنضال. نحن ندرك طبيعة الوضع الاقليمي والدولي وندرك أن الظروف كلها ليست في مصلحتنا ولذلك ننطلق للتعامل مع هذه الاوضاع بحكمة ودقة لكن من دون التخلي عن ثوابتنا. لقد حاولوا دفع الفلسطينيين الى الاقتتال. وأدركنا «اللعبة» ونحن نعمل من أجل كسب التعاطف الدولي. وردا على سؤال حول غياب أميركا في الفترة الاخيرة عن الجهود الجارية لاحياء عملية السلام وتركيز اهتمامها على قضايا اخرى، مثل «الديمقراطية»، قال اللواء سليمان: أميركا كانت في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون تبدي حرصا على حل القضية الفلسطينية وقامت بجهود كبيرة في هذا المجال.. ثم في الفترة الاخيرة حدث نوع من «الابتعاد» الأميركي لصالح اهتمامات أخرى. ولكن من المتابعة السياسية نرى تصريحات الرئيس بوش تتحدث عن حل يقوم على اقامة دولة فلسطينية متصلة الاوصال وقابلة للحياة، هذا يعني ازالة البقع الاستيطانية. ونحن الان نسعى لدفع الولايات المتحدة الى مزيد من الاهتمام بالقضية. وأعتقد أن أميركا لن تترك لاوروبا أن تقوم هي فقط بهذا الدور وتبقى هي بعيدة عنه, ومن مصلحتنا ومصلحة المقاومة الفلسطينية أن تعود أميركا الى اهتمامها السابق. ووصف عمر سليمان اجتماع القاهرة الحالي بأنه «اجتماع مصيري» لانه سيضع الخطط الثابتة للمرحلة المقبلة ومواجهة كل التحديات.. وهو في نفس الوقت يقدم شهادة للعالم بأن الفلسطينيين يسعون من أجل استعادة حقوقهم ويستبدلون الحوار بالمواجهة من أجل السلام. وعلينا أن نعمل من أجل صياغة مناخ جديد يتحقق في ظله السلام العادل والدائم.. وهذا يتطلب التحلي بمزيد من المسؤولية ودعم القدرات والمؤسسات والكوادر الفلسطينية.