القضاء اللبناني يبدأ النظر في دعوى الأجهزة الأمنية على نفسها في جريمة اغتيال الحريري

المعارضة تواصل حملتها على السيد وتطالب بتحقيق دولي

TT

تسلمت النيابة العامة التمييزية في لبنان امس إخبارا من المدير العام للأمن العام، اللواء الركن جميل السيد، ادعى فيه على نفسه بالاصالة وعلى قادة الاجهزة الأمنية الاخرى بالنيابة كمتهمين في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري «إهمالا او تقصيرا او تواطؤا او تغطية او تورطا»، بالاستناد الى مطالبة سياسيين في المعارضة وخارجها حمّلوهم مسؤولية هذه الجريمة.

وطلب السيد في إخباره التحقيق معه ومع رفاقه قادة الاجهزة الأمنية، واضعين انفسهم بتصرف القضاء او اي لجنة تحقيق لبنانية او غير لبنانية وإحالة كل من تثبت مسؤوليته الى المحاكمة. وارفق اخباره بمجموعة من المستندات هي عبارة عن صحف ومجلات نشرت تصريحات لنواب وسياسيين اتهموهم فيها بالجريمة، واشرطة «فيديو» تتضمن مقابلات مع هؤلاء السياسيين على محطات التلفزة اللبنانية والفضائيات العربية وحتى الاجنبية.

وقد باشرت النائبة العامة بالانتداب القاضية ربيعة عماش قدورة درس الاخبار والاطلاع على المستندات المرفقة به تمهيداً لاتخاذ الاجراءات المناسبة واستماع من يلزم. الى ذلك، لم يطرأ اي جديد على صعيد التحقيقات التي يجريها المحقق العدلي، القاضي ميشال ابو عراج، في قضية اغتيال الرئيس الحريري وكان استمع امس الى إفادة شاهد. واطلع على تقارير ومحاضر وردته من الوحدات الأمنية هي عبارة عن أجوبة على استنابات ارسلها اليهم طلب فيها جمع معلومات ومعطيات عن هذه القضية.

وبقي اللواء السيد امس هدفا لانتقادات المعارضين الذين شنوا عليه حملة عنيفة مستندين الى وقائع مؤتمره الصحافي الذي عقده اول من امس ووجه فيه انتقادات واتهامات لأطراف المعارضة المطالبين باستقالة الاجهزة الأمنية.

وفيما نفت الرئاسة اللبنانية امس معلومات صحافية عن اجتماع أمني لبناني ـ سوري عقد في قصر بعبدا في حضور رئيس الجمهورية العماد اميل لحود لتنسيق بيان اللواء السيد، واصفة اياه بأنه «كاذب ولا أساس له من الصحة ومختلق جملة وتفصيلا»، تواصلت ردود الفعل على كلام السيد من قبل المعارضين الذين رأوا في كلامه «دليلا جديدا على ضرورة قيام تحقيق دولي في قضية الاغتيال».

واعتبر النائب احمد فتفت (عضو تيار المستقبل المؤيد للرئيس الحريري) ان كلام السيد «هو فصل جديد من مسرحية أمنية سياسية مستمرة في البلد منذ وصول رئيس الجمهورية اميل لحود الى الحكم حيث يرى البعض في لبنان، وعلى رأسهم اللواء جميل السيد، ان هناك انقلابا عسكريا قد حصل». وذكر ان السيد ابلغه ذلك حرفيا في لقائهما اليتيم الذي حصل في مكتبه اوائل سنة 1999 ورأى «ان المسرحية الجديدة التي يحاول اللواء جميل السيد ان يرسمها تعبر عن كثير من اليأس والانفعال البائس. وهي تسعى لتغطية الفشل السياسي الذريع».

وأكد النائب ميشال فرعون (عضو كتلة الحريري) في تصريح أدلى به امس ان «لا مساومة حول طلب لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

وحول المؤتمر الصحافي للمدير العام للأمن العام، اعتبر فرعون «ان سلطة الظل الأمنية أسقطت القناع عن احد قادتها الذي ترأس مشروع مواجهة الرئيس الحريري والتحريض ضده منذ اكثر من عشر سنوات والذي سخَّر وظيفته لمنع الرئيس الحريري من تطبيق اتفاق الطائف وإرساء قواعد النظام الديمقراطي». وقال: «ان الادعاء الفولكلوري امام القضاء للموظف الذي ينوب عن زملائه ويوجههم لن يمنع الشعب اللبناني من طلب محاسبة واقالة المسؤولين في الاجهزة الأمنية، بل ستأتي هذه المحاسبة عاجلا ام آجلا على غرار ما حوسبت به الحكومة امام مجلس النواب».

ورأى حزب «الكتلة الوطنية» المعارض ان كلام اللواء السيد «يدفعنا الى التمسك بلجنة دولية للتحقيق في اغتيال الرئيس الحريري». وقالت اللجنة التنفيذية للحزب، في بيان اصدرته امس بعد اجتماعها برئاسة عميدها كارلوس اده: «ان الطابع الهجومي الذي اتسم به كلام السيد هروب الى الامام في محاولة للدفاع عن الدور الذي تؤديه الاجهزة الأمنية في الحياة السياسية اللبنانية».

ورأت اللجنة ان مسؤولية الاجهزة الأمنية عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري «قائمة حتى من دون خطأ، وذلك نظرا الى الظروف التي جرت فيها الجريمة وتلك التي تبعتها وما رافق التحقيق من شوائب أدت الى إضاعة الكثير من الأدلة والإثباتات».

أما حزب «الوطنيين الاحرار» فقد وصف كلام السيد بأنه «مطالعة دفاعية ـ هجومية تساهم في التقليل من حظوظ الحوار. وهي مردودة في الشكل والمضمون ولا تستحق النقاش او السجال».