متشددون يهاجمون طلبة جامعة البصرة خلال سفرة إلى حديقة عامة في النهار

استخدموا البنادق والسكاكين وقتلوا واحدا وجرحوا آخرين

TT

لندن ـ البصرة: «الشرق الأوسط» اعتصم أمس عدد كبير من طلبة جامعة البصرة احتجاجا على تدخل الأحزاب الشيعية في شؤون الجامعة وسيطرتها على مقاليدها، مطالبين هذه الأحزاب برفع أيديها عن أهم صرح علمي في ثاني محافظات العراق.

وافاد طلبة واساتذة في الجامعة بأن الشرارة التي فجرت هذه الاحتجاجات اندلعت بعد «الاعتداء السافر» الذي قامت به مجموعة من أتباع التيار الصدري على طلبة كلية الهندسة في جامعة البصرة خلال قيامهم بسفرة طلابية الى متنزه الأندلس في وسط البصرة خلال النهار.

واعترف عبد الله المنشداوي مسؤول الطلبة في مكتب الصدر في البصرة لـ«الشرق الأوسط» خلال اتصال هاتفي معه امس بحادث الهجوم، معتبرا انه كان قد «أقام عليهم الحجة» وان «لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نهتهم عن المنكر ولم يستجيبوا» وأن طلبة كلية الهندسة في جامعة البصرة كانوا «يمارسون الفسق كونهم كانوا يسمعون الأغاني المنبعثة بصوت عال من مسجل صوت كان معهم خلال شهر محرم، حيث دم الحسين لم يجف بعد».

وحسب الطالب (ع.الحمداني) فان «المتشددين من جماعة مقتدى الصدر وقفوا ضد رغبة الطلبة بالقيام بهذه السفرة البريئة وسعوا الى إلغائها، معلنين عدم جواز إقامة الأفراح أو القيام برحلات ترفيهية خلال شهري محرم وصفر، اضافة الى مطالبة الطالبات بمزيد من الحشمة وارتداء الزي الإسلامي حتى بالنسبة للطالبات غير المسلمات».

واضاف قائلا «بعد وصولنا الى المتنزه الذي كان مزدحما بالزوار فوجئنا بملثمين وغير ملثمين يهجمون علينا بالبنادق والمسدسات والسكاكين من غير ان يميزوا بين الطالبات والطلاب وراحوا يضربوننا بأعقاب البنادق والسكاكين وهم يصرخون «يا حسين»، ووجدنا أنفسنا في معركة، حيث أدى ذلك الى إصابة طالبة بجروح خطيرة ووفاة أحد الطلبة، كما قاموا بسرقة المصوغات الذهبية من الطالبات بحجة أنها حرام، وسرقة ما معنا من أموال وهواتف نقالة»، مشيرا الى ان «كل هذا حدث أمام أعين الشرطة التي تعاونت معهم كون شرطة البصرة منحازة الى الصدريين كما راح بعض زوار المتنزه ضحايا هذا الهجوم».

وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» مع استاذ جامعي مستقل في جامعة البصرة قال «ان البصرة تعاني منذ فترة طويلة للأسف من الانفلات الأمني وسيطرة أحزاب شيعية متشددة على مقدرات الأمور، حيث لا ينفع ان تشتكي للمحافظ او للشرطة».

وأضاف الاستاذ الجامعي الذي رفض نشر اسمه لأسباب أمنية قائلا «لعل من ابرز المشاكل هنا سيطرة هذه الأحزاب على جامعة البصرة والتحكم بمجريات أمورها والتدخل في مواضيع ملابس الطالبات او شؤون التدريس والمناهج»، مشيرا الى خطورة الأحداث الأخيرة التي تعرض لها طلبة كلية الهندسة، وقال «رغم كل هذه الأحداث لم تتدخل رئاسة الجامعة بل اختفت عن المشهد ولم تصدر أي بيان او تحقيق في الموضوع بالرغم من ان الطلبة رفعوا داخل الجامعة شعارات ضد رئاسة الجامعة مما اضعف ثقة الطلبة بجامعتهم ومؤسساتها».

واعترف المنشداوي بأنه حاول منع طلبة كلية الهندسة من القيام بهذه السفرة وقال «عندما علمت بنية الطلبة القيام بهذه السفرة التقيت مسؤول الطلبة في الكلية وحذرته من مغبة القيام بهذه السفرة وأخليت ذمتي مع ما سيحدث فيما بعد لا سمح الله، لكن مسؤول الطلبة أصر على قيامها بالرغم من اننا نعيش شهري محرم وصفر الحرامين»، واضاف انه تلقى صباح يوم السفرة شكاوى من بعض من شاهد الطلبة في متنزه الاندلس، وقال «وصلتني أنباء ان الطلبة يمارسون الفسق في المتنزه والشكاوى وصلتني من سائق سيارة أجرة ومن زوج كان قد اصطحب زوجته الى المتنزه فأخذت معي بعضا من شبابنا ولجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوجهنا الى المتنزه لنرى الفسق».

ووصف مسؤول الطلبة في مكتب الصدر ما شاهده بأنه كان عبارة عن «طلبة يسمعون الأغاني بصوت عال من مسجل الصوت، اغاني مثل هذه التي تسمع في الاذاعات واغاني الديسكو والطلبة يرددون هذه الاغاني ونحن في شهر حرام حتى ان دم الحسين لم يجف بعد»، مشيرا الى انه «شاهد طالبا يتمشى لوحده مع طالبة وأزرار قميصها تبدو مفتوحة بصورة غير محتشمة».

واضاف المنشداوي قائلا «باعتباري ألقي محاضرات في الأخلاق على طلبة الجامعة هزني ما شاهدت فأقمت الحجة على الطلبة وأمرتهم بالعودة الى بيوتهم، لكنهم أجابوني بأنهم في المرحلة الأخيرة من دراستهم وسيصبحون في الغد مهندسين ويعرفون ما يفعلون وهم ليسوا بحاجة لي، عندها أمرتهم لجنة الأمر بالمعروف بأن ينفذوا ما أقول وان ينتهوا عن المنكر لكنهم لم ينتهوا فحدثت المواجهة التي لم اتدخل بها».

ولدى سؤالنا عن عمره قال المنشداوي، 25 عاما، ثم اضاف 29 عاما، مشيرا الى ان «الشرطة لم تستطع ان تصبر على ما شاهدت فتدخل عناصرها ضد الطلبة»، وان الشباب الذين كانوا معه «لم يحملوا الأسلحة بل حملوا بعض العصي وقطع الخشب»، وختم حديثه قائلا «هذه هي الحقيقة وكل من لم يصدقها فهو فاسق».

وندد الطلبة خلال التظاهرة التي انطلقت من مجمع كليات «باب الزبير» ورئاسة الجامعة في «كرمة علي» وتحولت الى اعتصام أمام مبنى المحافظة وهتف الطلبة ورفعوا اللافتات التي حملت شعارات تندد بالتدخل السافر من قبل الأحزاب الدينية في شؤون الطلبة وتضييقها على الحريات العامة.

وقال شهود عيان ان جماعات من الأحزاب المتشددة أطلقت النيران خلال اعتصام الطلبة أمام مكتب المحافظ لتفريق التظاهرة كما قامت الشرطة بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين بدلا من مساعدتهم.