الخلاف حول محاكمة مرتكبي جرائم دارفور يعرقل للمرة الثانية اعتماد قرار في مجلس الأمن حول السودان

مقاتلو دارفور يطالبون مصر والسعودية وقمة الجزائر بمواقف إيجابية تجاههم

TT

حال استمرار الخلاف حول المحكمة الجنائية الدولية دون اعتماد مجلس الامن الدولي قرارا شاملا حول السودان ودارفور. وتريد غالبية اعضاء المجلس احالة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور (غرب السودان) الى المحكمة الجنائية الدولية، في حين ان الولايات المتحدة التي تعارض هذه المحكمة تقترح تشكيل محكمة خاصة للنظر في هذه القضايا تتخذ من اروشا (تنزانيا) مقرا لها.

وللمرة الثانية في غضون اسبوع اضطر المجلس بشكل طارئ يوم الخميس الى اعتماد قرار تقني يمدد لاسبوع مهمة البعثة التحضيرية للامم المتحدة في السودان التي كانت قد انتهت مساء. واتى اعتماد هذا القرار لتجنب حصول انقطاع في وجود هذه البعثة على الارض. وقد شكلت هذه البعثة العام الماضي للتحضير لانتشار قوة لدعم السلام، اثر التوقيع على اتفاقية سلام بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوب) بزعامة جون قرنق.

ويحظى تشكيل هذه القوة التي ستضم عشرة الاف عنصر، باجماع المجلس. لكن لم يتم اقرار تشكيلها بعد لانها تندرج ضمن مشروع قرار «شامل» اعدته الولايات المتحدة، يشمل في آن كل مشاكل السودان بما فيها دارفور، والذي يتعرض للعرقلة بسبب الخلاف بشأن المحكمة الجنائية الدولية.

وينص مشروع القرار على محاكمة المسؤولين عن التجاوزات في دارفور، وهو امر يحظى باجماع كل الاعضاء. لكن التوافق يقتصر على هذه النقطة والخلاف عميق جدا بين مؤيدي احالة هؤلاء الى المحكمة الجنائية الدولية من جهة والولايات المتحدة خصوصا والصين بدرجة اقل.

وقد وقعت تسع دول اعضاء في مجلس الامن الدولي حاليا من اصل 15، معاهدة روما التي أسست المحكمة الجنائية الدولية، وصادقت عليها، وهي الدول الاوروبية الخمس (الدنمارك وفرنسا واليونان ورومانيا وبريطانيا) والدولتان الافريقيتان (بنين وتنزانيا) والدولتان الاميركتان اللاتينيتان (الارجنتين والبرازيل). ثمة ثلاث دول اعضاء في المجلس وقعت المعاهدة من دون ان تصادق عليها وهي اليابان والفلبين وروسيا.

ووزعت نيجيريا وهي ليست عضوا في مجلس الامن لكنها ترأس الاتحاد الافريقي باسم الاتحاد، وثيقة تقترح تشكيل «لجنة افريقية من اجل العدالة والمصالحة» لاحالة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور الى المحاكمة.

وقال سفير الجزائر عبد الله بعلي للصحافيين «هذا بالضبط ما يجب القيام به.. العدالة يجب ان تترافق مع المصالحة عندما يتعلق الامر بحرب اهلية، اذ ينبغي على الناس بعد ذلك العيش معا».

لكن زملاءه المؤيدين للمحكمة الجنائية الدولية متحفظون حول هذا الامر.

وقال امير جونز باري السفير البريطاني في الامم المتحدة «لا اظن ان ذلك سيحصل.. نحن جميعا متمسكون بالمحكمة الجنائية الدولية». واعتبر نظيره الفرنسي جان مارك دو لاسابليير ان فكرة «المصالحة» بناءة، لكنه رأى ان الاقتراح الافريقي لا يمكن ان يحل مكان توصية لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة باحالة المسؤولين الى المحكمة الجنائية. واوضح «الوقت يداهمنا وعلينا ان نعتمد هذا القرار».

من جهة ثانية ناشد رئيس حركة تحرير السودان «دارفور» الرياض والقاهرة بتغيير مواقفهما والوقوف الى جانب مساندة مجلس الأمن الدولي لمحاكمة متهمي جرائم التطهير العرقي في محاكم دولية عادلة ونزيهة، ولعب دور في مساندة موقف حركته الداعي الى اشراف الأمم المتحدة واريتريا وجنوب افريقيا والسنغال في أي مفاوضات قادمة بعد تعثر الاتحاد الافريقي، حسب تعبيره.

وقال عبد الواحد محمد احمد النور لـ«الشرق الأوسط» نناشد مصر والمملكة العربية السعودية لما لهما من ثقل عربي واسلامي ان تغيرا مواقفهما وتتعاملا مع شعب دارفور والشعب السوداني وليس مع حكومة الخرطوم لأن الحكومات زائلة. واضاف «عليهما ان تقفا معنا كما يدعو الى ذلك ديننا الحنيف» وتابع «اجدادي كانوا يكسون الكعبة فأين رد الجميل لشعبي اليوم» في اشارة لكسوة الكعبة التي كانت تتم في سلطنة دارفور في اوائل القرن الماضي.

داعيا الدول العربية الى اتخاذ خطوات واضحة في قمتهم القادمة ضد ما وصفه بعمليات التطهير العرقي الذي تقوم به الخرطوم خاصا بالذكر الجماهيرية العظمى وقائدها الأممي الذي قال عنه انه اتخذ دورا ايجابيا ولكن نطالبه بان يتعامل بمزيد من الادراك والتشاور مع اريتريا التي نثق فيها ثقة مطلقة».

مشيرا الى ان الدول العربية اعتمدت على اعلام حكومة الخرطوم الذي قام بتضليلها لفترة من الزمن واستيقظت على تضليل الخرطوم على حد قوله. مؤكدا أن شعب دارفور يضم العرب وغيرهم وان هيئة القيادة في حركته تضم قيادات من العرب، مثل القائد احمد قبر جبريل لأنها تتقاتل من اجل انهاء التهميش لا من اجل عنصر ضد عنصر حسب تعبيره.

ووجه رئيس الحركة ما وصفه برسالة خاصة الى كافة شعوب العالم المحبة للسلام، خصوصا شعوب العالم العربي والاسلامي للتضامن في محاكمة قائمة الى 51.

وقال «نحن اكثر تقديسا للاسلام وتمسكا به، لكن الدور الاسلامي في قضيتنا ضعيف جدا».

وحول اتهام الأمم المتحدة للخرطوم الخاص باجراء خطوات محدودة في نزع سلام الجنجويد قال عبد الواحد، الحكومة لم تقم بأي خطوة وهي مستمرة في تسليح الجنجويد، وقامت أخيرا بمهاجمة خمس نقاط في عدوة بالقرب من نيالا شرق جبل مرة جنوب دارفور.