استقالة الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا وسط انقسامات داخلية وخلافات مع السلطات وصلت إلى القضاء

رئيس الهيئة المستقيلة قال لـ«الشرق الأوسط»إن الحكومة تميز بين الديانات

TT

وسط اجواء من الانقسامات والخلافات الحادة سواء وسط ابناء الجالية المسلمة ما بين مؤيد لاجراء الانتخابات او رافض لها او بين الهيئة التنفيذية للمسلمين الحالية والحكومة البلجيكية من ناحية اخرى، بدأت الاستعدادات لاجراء الانتخابات المقررة لاختيار الاعضاء الجدد في الهيئة التنفيذية الجديدة التي تتشكل من 68 شخصا والتي ترعى شؤون الجاليات الاسلامية في بلجيكا والمقرر ان تبدأ صباح غد.

وشهدت الايام الماضية قيام جهات اسلامية بتوزيع منشورات تطالب المسلمين في بلجيكا بمقاطعة تلك الانتخابات، كما استقالت الهيئة الحالية التي يترأسها محمد بوليفي (مغربي الاصل) بعد خلافات مع وزارة العدل التي تتولى الاشراف على عمل الهيئات الدينية. والتقت «الشرق الأوسط» بوليفي الذي تحدث عن الاستقالة فقال «لقد طالبنا كمسلمين في بلجيكا مرارا وتكرارا ان تعاملنا الحكومة معاملة اتباع الديانات الاخرى المعترف بها في بلجيكا، ولكن بعد ان وجدنا ان الظروف غير مناسبة لتسيير امور الهيئة باطمئنان وكفاءة واختلفنا مع وزارة العدل التي تتولى الاشراف على عمل الهيئة المسلمة قررنا ان نتوقف وسنقوم باعادة تقييم الامور وندرس التجربة من جميع جوانبها من اجل ايجاد علاقة مع السلطات تقوم على اسس من القانون والدستور واحترام الآخر». وبسؤاله عن سبب الاستقالة في هذا التوقيت وقبل ساعات من الانتخابات، أجاب بوليفي «كانت هناك احداث وازمات كنا نتمنى ان نصل الى حلول لها مع السلطات البلجيكية وخاصة ما يتعلق بالنواحي المالية، وكانت هناك وعود وتعهدات من جانب الحكومة ولم يتم تنفيذها، واخر هذه الامور كانت يوم الاثنين الماضي عندما فوجئنا بوزارة العدل ترفض ان تعطي الهيئة المبالغ المخصصة لميزانية العام الحالي للانفاق على المساجد والائمة، وطلبت منا ان نقدم لها الفواتير المطلوب سدادها وتتولى هي الامر وهو ما يمكن ان نسميه رقابة مباشرة على عمل الهيئة، ورفضنا ذلك لأننا نقوم بعملنا بطريقة صحيحة ولا توجد اية شبهات او ادلة على وجود انحرافات، وتساءلنا لماذا هذه المعاملة التي تهدف الى خنق الهيئة وخنق المسلمين ونحن نرفض ذلك».

واضاف رئيس الهيئة المستقيلة «الاستقالة ليست لها علاقة بالانتخابات المقررة الاحد وان كانت لدينا تحفظات عليها وعلى الطريقة التي سيتم بها تسيير العملية الانتخابية، وهناك خلط كبير ولكن نحن اردنا من الاستقالة ان ننقل رسالة الى السلطات الحكومية مفادها اننا كهيئة وكجالية مسلمة نريد معاملة محترمة مثلها مثل المتبع مع الهيئات التابعة للديانات الاخرى».

وعن الانتخابات، قال بوليفي «نحن نتمنى النجاح للعملية الانتخابية ويأتي اخوة واخوات آخرون ليتحملوا المسؤولية، ولكن نحن غير راضين عن الانتخابات وتنظيمها وغير مشاركين فيها، ولقد تقدمنا بدعوى قضائية بعد ان اكد لنا جميع المراقبين والقانونيين ان تدخل الدولة البلجيكية في الانتخابات المقبلة هو أمر غير دستوري وفيه تمييز عنصري بين الاديان، وبناء على هذه الاراء تقدمنا بدعوى أمام محكمة بلجيكية لتفصل في مدى دستورية هذه الانتخابات».

وأضاف «لقد سبق ان عرضنا على الحكومة ان ننظم نحن كمسلمين هذه الانتخابات على غرار ما حدث في انتخابات عام 98 والتي كانت والحمد لله ناجحة ولا غبار عليها، ولكن لا اعلم لماذا الان تريد الحكومة السيطرة والاشراف الكامل على الانتخابات، ونحن نرفض هذا التدخل في شؤون المسلمين والتدخل في الدين الاسلامي لان الدولة لا تتدخل في شؤون الديانات الاخرى». وقال «لقد جاء الوقت لكي نتوقف عن تقديم تنازلات للحكومة ويكفي ما قدمناه من تنازلات في انتخابات 98، ولكن يكفي ما فات وعليهم الان ان يعاملوا الدين الاسلامي معاملة الاديان الاخرى المعترف بها في الدستور البلجيكي».

وعما اذا كانت هناك انقسامات بين ابناء الجالية المسلمة حول اجراء الانتخابات، قال بوليفي «نعم هناك انقسامات ولكن الاسابيع المقبلة سوف تكشف للجميع من يقف وراء تلك الانقسامات ومن له مصلحة في ذلك، لقد وقف معنا في الدعوى القضائية التي تقدمنا بها اطراف اسلامية عديدة ومنها رابطة الائمة وفيدرالية مساجد الاتراك وكذلك المساجد الكبرى في معظم مناطق بلجيكا، والجميع يعلم ان من حق الجالية المسلمة والهيئات التي تمثلها ان تحصل على تمويل من السلطات البلجيكية، وهذا حق دستوري يكفل للمساجد والائمة ان يحصلوا على رواتبهم من الدعم المادي الحكومي الذي يتم تقديمه للهيئات التي ترعى شؤون اتباع الدين الاسلامي الذي سبق أن اعترفت به الحكومة في الدستور، ولكن لا بد ان يأتي هذا الدعم بصورة محترمة وليس بصورة ذليلة وبدون تنازلات لاننا لا نحصل على صدقة منهم بل على حق دستوري، ونحن نريد فقط علاقة متساوية لا ان ينظروا الينا على اعتبار اننا مهاجرون اجانب، واذا كان الامر بهذه الصورة نحن اذن لا نحتاج الى تمويلهم لنا، والحمد لله المساجد بخير وهناك تسيير للامور اعتمادا على الجهود الذاتية من دون ان يكون هناك أي نوع من الاذلال من احد».