رجل أعمال ليبي لـ«الشرق الأوسط»: شقيقي المعتقل في غوانتانامو تعرض لضغوط للموافقة على ترحيله لليبيا

سعودي وعراقي وأردني وليبي مقيمون في بريطانيا ضمن معتقلي «القاعدة» و«طالبان»

TT

قال رجل الأعمال الليبي ابو بكر عامر الدغيس البالغ من العمر 39 عاما، إن شقيقه الأصغر عمرا المحتجز في سجن غوانتانامو ضمن أسرى «القاعدة» وطالبان، قد تعرض للاستجواب من قبل ضباط من المخابرات الليبية، وتعرض لضغوط للموافقة على ترحيله الى طرابلس. وأشار في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» الى ان آخر رسالة تلقتها العائلة من شقيقه عمر، 36 عاما، كانت في شهر اغسطس (آب) الماضي، تحدث فيها عن معاناته بعد اكثر من عامين من الاحتجاز في معسكر غوانتانامو. وقال انه تلقى أخبارا سيئة من محامي العائلة تشير الى أن الحراس الاميركيين خلعوا عين شقيقه، بعد ان رشوا نوعا من الغاز على وجهه. الا انه يعتقد بأن شقيقه فقد البصر في إحدى عينيه نتيجة ضرب الحراس له. وقال رجل الاعمال الليبي ان شقيقه : رغم انه حاصل على اللجوء السياسي في بريطانيا منذ عام 1986، وحق الإقامة الدائمة منذ ذلك الحين، إلا أن الحكومة البريطانية رفضت ان تتبنى قضية شقيقه مثل البريطانيين الذين عادوا أخيرا من غوانتانامو، لأنه ليس مواطنا بريطانيا. واعتقل عمر الدغيس في لاهور بباكستان ولم يعرف عنه انتماؤه لأي جماعة أو تنظيم أصولي. ويقول ابو بكر انه عرف أن شقيقه تزوج من سيدة أفغانية قبل اعتقاله، ولديه منها طفل اسمه سليمان يبلغ من العمر ثلاث سنوات. وقال ان العائلة على اتصال بزوجة شقيقه من حين لآخر.

وقال ابو بكر إن شقيقه عمر زار أفغانستان للتعرف شخصيا على حقيقة حكومة طالبان، ولكن فر منها الى باكستان بصحبة زوجته المولودة في أفغانستان إبان الهجوم الأميركي في ديسمبر(كانون الاول) 2001 ويعتقد بأنه اعتقل في باكستان واحتجز في قاعدة باغرام الأفغانية الواقعة تحت سيطرة القوات الأميركية. وقد وصف القاعدة بأنها أشبه ما تكون بـ «المعسكرات النازية التي رأيتها في الأفلام السينمائية».

ويضيف ان شقيقه عمر تعرض لأشياء مرعبة وفقد البصر، وأنه يخشى عليه من التعذيب والإهانات التي يتعرض لها، وأن أخشى ما يخشاه أن يسلم للسلطات الليبية. أما والده المحامي الليبي عامر الدغيس فقد قتل في فبراير (شباط) 1980 في ظروف غامضة أثناء وجوده في السجن في ليبيا، حيث سجن مع مجموعة كبيرة بتهمة انتمائه لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان يتزعمه. ونجحت عائلة الدغيس في الهرب من طرابلس الى بريطانيا عام 1986، حيث تقيم العائلة حاليا في مدينة برايتون الساحلية، وحصلت الأم زهرة على الجنسية البريطانية. ويقول ابو بكر عن والده انه كان اول محرر للعقود في ليبيا، وعرف بجرأته ومخالفته الرأي للقذافي.

واشار الى ان عائلته كانت ممنوعة من السفر لمدة ست سنوات بعد مقتل والده، لكنها اغتنمت الفرصة في عام 1986 للخروج من ليبيا، وطلب اللجوء السياسي في بريطانيا. وتقول الحكومة البريطانية إنها بحسب القانون الدولي لا تستطيع مساعدة عمر الدغيس لأنه لا يحمل جنسيتها. عاش عمر الدغيس السنوات الأولى من حياته في مدينة برايتون جنوب إنجلترا، حيث كان يعيش مع أسرته التي فرت من ليبيا إثر اغتيال والده. والتحق بجامعة ولفرهامبتون لدراسة القانون. وحصل عمر الدغيس على عضوية نقابة المحامين البريطانيين، وتقدم للحصول على دراسات عليا في القانون بكلية هدرسفيلد لم يكملها. وتقول أسرته أنه كان يلقى أحاديث في المسجد أدان فيها الإرهاب واستعمال العنف باسم الإسلام.

وتشير وثائق قانونية حصلت عليها «الشرق الأوسط» من محامي عمر الدغيس الى انه عمل في مصلحة السجون البريطانية بمنطقة سيسكس كمتطوع بعد تخرجه من جامعة ولفر هامبتون، حيث كان يقدم العون الروحي للمساجين المسلمين. وتقول تلك الوثائق ان السلطات الباكستانية اعتقلت عمر الدغيس في لاهور بعد هجمات سبتمبر 2001 بينما كان في طريقه الى بريطانيا. واشارت الى احتجازه في احد مراكز الشرطة المحلية مع زوجته قبل ترحيله الى قاعدة باغرام في أفغانستان، منها الى غوانتانامو. وكشفت عن عرض تقدمت به السلطات الليبية الى زوجة عمر الدغيس لترحيلها الى طرابلس مع ابنها عقب الإفراج عنها من السجن الباكستاني، الا أنها رفضت تلك العروض وفضلت العودة الى افغانستان للعيش مع عائلتها. وقال ستافورد سميث محامي الدغيس، ان ضباطا من المخابرات البريطانية احدهم استجوب موكله ست مرات الاولي في العاصمة إسلام آباد ثم مرتين في قاعدة باغرام خلال عام 2002، ثم في قاعدة غوانتانامو وعرض عليه مساعدته بالتعرف على مجموعة صور لنشطاء من «القاعدة». واتهم البريطانيون في تلك الزيارات عمر بأنه ذهب الى ايران والشيشان، ونفى الدغيس تلك المعلومات بحسب المحامي البريطاني. وطلب ضباط المخابرات البريطانية من عمر الدغيس في تلك اللقاءات معلومات عن اصوليين يقيمون في برايتون.

وتحدث المحامي البريطاني في الوثائق القضائية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» عن سماح السلطات الأميركية لأربعة من رجال المخابرات الليبية بالتحقيق مع المعتقل الليبي عمر الدغيس في المعتقل مرتين: يوم 9 و11 سبتمبر (ايلول) 2004، وانهم ركزوا في اسئلتهم على الحصول على معلومات بعد تقديم صور لأربعة أشخاص معروفين هم عبد الله الصادق أمير «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة»، وسامي الساعدي وكنيته ابو منذر الساعدي المنظر الشرعي لـ«الجماعة الإسلامية الليبية» وكلاهما تم تسليمهما من الصين الى ليبيا بمساعدة المخابرات الاميركية، بحسب أصوليين في لندن.

ويكشف المحامي البريطاني ان ضباط المخابرات الليبية سألوا موكله ايضا عن شخصيات وطالبي لجوء في بريطانيا، وقال لقد سألوا موكلي عن زوجته والمكان الذي يعيش فيه، وكذلك ان كان قد تقدم بطلب للحصول على الجنسية البريطانية، وهددوه بتعريض حياته للخطر بعدما عرضوا عليه صورا لمعارضين ليبيين تعرضوا لضرب مبرح، وأنه فسر ذلك بأنه تهديد بتعرضه للمصير نفسه. ويتهم الدغيس على لسان محاميه المخابرات البريطانية والأميركية بتبادل معلومات شخصية عنه مع ليبيا. ويضيف، أن التحقيق معه استمر في الجلسة الأولى لمدة ثلاث ساعات سئل خلالها أسئلة عديدة حول أسماء المعارضين الليبيين، وسئل في الجلسة الثانية عن المعارضين الليبيين في بريطانيا. ويقول إن أحد المحققين الليبيين قال له: «سوف تقدم للعدالة في ليبيا» بينما قال له الآخر: «لا أستطيع أن أعمل شيئا لك هنا، ولكن إذا التقينا في المستقبل فسيكون الامر مختلفا». وقال رابع «ليس لديك مشكلة مع الاميركيين، مشكلتك مع الليبيين». وأرفق محامي الدغيس صورة من خطاب وجهه الى جاك سترو وزير الخارجية البريطانية مؤرخ بتاريخ 15 فبراير (شباط) الجاري، تحدث فيه عن مأساة موكله في سجن معسكر غوانتانامو، مشيرا الى ان جميع افراد عائلة الدغيس المقيمين في برايتون حاصلون على الجنسية البريطانية باستثناء موكله، الذي تقدم بطلب بالفعل للحصول عليها. وتحدث المحامي البريطاني في خطابه عن لقاء موكله الأخير في سبتمبر (ايلول) الماضي مع ضباط المخابرات الليبية، الذين هددوه بالقتل. ويوجد في غوانتاناموا خمسة معتقلين عاشوا في بريطانيا لسنوات طويلة من دون ان يحصلوا على الجنسية البريطانية، وهم بشر الراوي; وهو رجل اعمال عراقي طالب للجوء السياسي في بريطانيا منذ عام 1985، اعتقلته السلطات الاميركية مع صديقه الأردني جميل البنا في مطار بانغول بغامبيا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2002 بشبهة الارتباط بمنظمة إرهابية. وضمن المعتقلين ايضا جمال عبد الله، وهو أوغندي جاء الى بريطانيا عام 1993، ليعيش مع والدته الحاصلة على الجنسية البريطانية، بعد وفاة والده. وهناك سعودي عاش في بريطانيا منذ عام 1996 اسمه شاكر عبد الرحيم امير يبلغ من العمر 38 عاما ومتزوج من سيدة بريطانية، ولديه منها اربعة اطفال. وتقول منظمة العفو الدولية ان شاكر امير كان يعمل في منظمة اغاثية في افغانستان عندما تم اعتقاله في شهر يناير (كانون الثاني) 2002، قبل ترحيله الى غوانتانامو. وانجبت زوجته البريطانية طفلها الرابع في شهر يونيو (حزيران) 2003، بينما زوجها في المعسكر الاميركي.