مسعى عراقي ـ أردني للتهدئة وبغداد تؤكد شعورها بـ«المرارة» تجاه عمان

زيباري: الدعوة للاعتذار عن تفجير الحلة جاءت من قيادات سياسية وليس من الحكومة

TT

أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري وجود «شعور بالمرارة» في العراق تجاه مشاركة اردنيين بأعمال ارهابية في العراق فيما سعى الاردن الى تهدئة الامور بين البلدين عبر اعادة القائم بالاعمال الى سفارته في بغداد.

وقال زيباري في تصريحات صحافية في الجزائر العاصمة امس ان العراق ينوي حل الازمة مع الاردن الا ان الامر قد يستغرق بعض الوقت بسبب «المرارة» التي يشعر بها العراقيون ازاء عمان بعد عملية التفجير في الحلة. واتهم زيباري السلطات الاردنية بأنها «كانت متساهلة جدا مع منفذي اعتداء الحلة» الذي اوقع 118 قتيلا في 28 الشهر الماضي، مؤكدا ان منفذ العملية الانتحارية هناك هو بالفعل الاردني رائد البنا.

وتابع زيباري «لقد نظم والده حفل تبريك احتفاء بالعملية الانتحارية التي نفذها ابنه في الحلة. نعرف تماما انه هو، الا ان السلطات طلبت من والده لاحقا نفي ذلك». كما اعتبر ان نشر خبر استقبال المهنئين بـ«استشهاد» البنا في الاردن يدل على «لا مبالاة واستهتار بمشاعر العراقيين (...) وتحريض على العنف وعلى التحدي والتصدي باسم المقاومة».

وكان والد البنا نفى ان يكون اقام عرسا او احتفالات فرح وما شابه اثناء تقبل التعازي. كما قال رئيس الوزراء الاردني فيصل الفايز لوكالة الصحافة الفرنسية ان منفذ تفجير الحلة «ليس اردنيا»، موضحا ان والد البنا اكد مقتل ابنه في الموصل.

واكد زيباري الذي يشارك في القمة العربية في الجزائر الى جانب الرئيس العراقي الشيخ غازي عجيل الياور «هناك رغبة بحل الازمة مع الاردن الا ان الامر قد يستغرق بعض الوقت ويتطلب مزيدا من المشاورات داخل الحكومة العراقية ومع السفير العراقي في عمان الذي استدعي الى بغداد».

وابدى حرصا على الحد من الازمة مع الاردن بقوله «سنسعى الى حل الازمة. واستدعاء سفيرنا كان استجابة لغضب الشارع وليس ردا على استدعاء القائم بالاعمال الاردني».

وكان الفايز اعلن مساء اول من امس بعد لقائه الرئيس العراقي ان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني طلب من القائم بالاعمال الاردني العودة الى مقر عمله في بغداد.

وقال وزير خارجية الاردن هاني الملقي لوكالة الصحافة الفرنسية ان القائم بالاعمال الاردني ديماي حداد سيعود الى بغداد اليوم.

وكانت عمان قررت استدعاء القائم بالاعمال الاحد الماضي مؤكدة ان السبب هو خشيتها على أمنه بعد التظاهرات الشيعية المناوئة للاردن.

وسرعان ما قرر العراق استدعاء سفيره في عمان عطا عبد الوهاب احتجاجا على ما اعتبره تساهلا اردنيا ازاء منع مواطنيه من ارتكاب اعتداءات في العراق.

لكن وزير الخارجية العراقي اكد ان «لا نية في تصعيد الازمة الا ان هناك شعورا بالمرارة سنحاول احتواءه».

وردا على دعوة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني تقديم اعتذار الى العراق، قال زيباري «ان قيادات سياسية طلبت ذلك وليس الحكومة العراقية». واضاف «سنحاول تطويق الازمة، واستدعاء سفيرنا لم يكن ردا على استدعاء القائم بالاعمال الاردني بل اتخذ في وقت سابق بهدف اجراء مشاورات معه».

في غضون ذلك اعلنت الحكومة العراقية انها اتخذت سلسلة من الاجراءات منذ اليوم الاول للكشف عن ان عائلة الانتحاري الاردني المتهم بتفجير الحلة قد احتفلت بمقتله.

وقالت الحكومة العراقية في بيان تلقت «الشرق الاوسط» في لندن نسخة منه امس انه «بتاريخ 12/3/2005 قامت السفارة العراقية في عمان بإيعاز من الحكومة والسيد رئيس الوزراء بالتحرك والتحري حول المظاهر الغريبة لعائلة الارهابي الاردني الذي قام بالعملية الارهابية في الحلة، وبتاريخ 14 /3/2005 اتصل المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء بأمين الديوان الملكي للمملكة الاردنية الهاشمية يوسف حسن وتحدث المتحدث الرسمي نيابةً عن السيد رئيس الوزراء وأبدى استغرابه من مظاهر الفرح التي ابدتها عائلة الارهابي الاردني رائد البنا ومستنكراً للحادث».

واضاف البيان «بنفس التاريخ اتصل ايضاً المتحدث الرسمي باسم السيد رئيس الوزراء بالنيابة عن رئيس الوزراء بالسيد مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء الاردني السيد يحيى الاسكندراني واستفسر منه أيضا عن الحادث معرباً عن استغرابه لمظاهر الفرح التي أبدتها عائلة المجرم وطالب بتقصي الحقائق ومحاسبة المجرمين»، و«بنفس التاريخ واستجابة للاتصالات الحكومية السريعة اتصل رئيس الوزراء الاردني فيصل الفايز شخصياً برئيس الوزراء العراقي الدكتور اياد علاوي معرباً عن اسفه واستنكاره للحادث وانه سيتم اجراء التحقيقات اللازمة»، و«في اليوم التالي كرر رئيس الوزراء الاردني فيصل الفايز اتصاله برئيس الوزراء الدكتور اياد علاوي ليؤكد له التزام الاردن برفض العمليات الارهابية وهي تعمل على التحقيق ومعرفة ملابسات الحادث». وتابع البيان «اصدرت دائرة الاتصالات الحكومية المرتبطة بمكتب رئيس الوزراء بياناً صحافياً تم تعميمه لوسائل الاعلام المختلفة المرئية والمقروءة حول موقف الحكومة الرافض والمستغرب من هذه الحالة، وادان بشدة هذا العمل الاجرامي وطالب الحكومة الاردنية بالرد الرادع والاستنكار الواضح لمثل هذه الافعال المشينة وطالب كذلك المجتمع المدني في الاردن بالقيام بحملة وبفعاليات سياسية تستنكر وتدين وتتضامن مع مظلومية ابناء شعبنا ورد الاعتبار لمبادئ الاخوة والجيرة الحسنة» و«قرر العراق استدعاء سفيره لدى عمان السيد عطا عبد الوهاب للتشاور واحتجاجاً على عدم تصدي السلطات الاردنية لرعاياها الذين يخططون لارتكاب اعتداءات على الاراضي العراقية»، واخيرا «اجراء اتصال هاتفي بين السيد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ونظيره الاردني حول الازمة». وفي عمان طالب محامو الاردن باتخاذ اشد الاجراءات ضد الذين احرقوا العلم الاردني في العراق معتبرين ان احراق العلم «خط احمر لا ينبغي تجاوزه». وأوضحت نقابة المحامين في بيان اصدرته امس ان «الحملة الظالمة التي تستهدف الاردن واتهامه بدعم الارهاب على خلفية التفجيرات التي حدثت في مدينة الحلة ينفذها عملاء الاحتلال الاميركي للعراق لتصدير ازمتهم للخارج». واضافت «كما اوضحت ان هذه الحملة تحاول تشويه صورة الاردن وشعبه من خلال تنفيذ اجندات خاصة لخفافيش الظلام (...) ومجموعات مرتبطة بأجهزة أمنية غير عربية لإثارة الفتنة داخل العراق وإبعاده عن محيطه العربي وزعزعة العلاقات التاريخية بين الشعبين العراقي والاردني التي بنيت على اساس من المصالح المشتركة الوطنية والقومية والاسلامية ومحاولات لتصفية حسابات سابقة مع الشعب الاردني الذي وقف بكل ما يملك مع العراق». وذكر البيان في هذا الصدد اسم احمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي المحكوم في الاردن امام محكمة امن الدولة في قضية بنك البتراء.