«حزب الله» يبدي «انفتاحه» على بحث سلاح المقاومة لبنانياً ويطلب من المعترضين عليه تقديم البدائل لحماية الوطن

TT

أكد الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني الشيخ حسن نصر الله «انفتاح» الحزب على بحث موضوع سلاح المقاومة على «المستوى الوطني اللبناني»، محذراً من أن بحثه خارج لبنان، في إشارة الى كلام البطريرك الماروني نصر الله صفير خلال زيارته الى الولايات المتحدة «لا يجدي نفعاً بل قد يعقِّد الأمور». وشدد على أن الحزب ليس من «هواة حمل السلاح، بل يحمله دفاعاً عن لبنان»، داعياً من لديه «بدائل» لطرحها.

وكان نصر الله قد واصل زياراته اللبنانية، فالتقى أمس رئيس الحكومة عمر كرامي، كما التقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، بعد زيارة قام بها ليل أول من أمس للمرجع الشيعي الشيخ محمد حسين فضل الله. وكان نصر الله قد بدأ جولته الأسبوع الماضي بزيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني في سابقة لنصر الله الذي لم يقم بزيارة احد قبلاً ما عدا زيارة يتيمة لرئيس الجمهورية إميل لحود عقب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في مايو (أيار) 2000. غير أن نصر الله استبعد قيامه بزيارة للبطريرك صفير «لأن المسافة بعيدة أمنياً رغم أنها ليست بعيدة سياسياً».

وقال نصر الله عقب لقائه الشيخ قبلان: «نحن نمر في مرحلة دقيقة جداً بحاجة الى التلاقي والتشاور والتعاون والتنسيق بين جميع اللبنانيين والقيادات الدينية والسياسية الرسمية والشعبية.. وبطبيعة الحال عرضنا مختلف جوانب الموضوع المطروح سواء في ما يرتبط بالتطورات الأخيرة والمقاومة وحمايتها والقرار 1559 ووجوب الحوار بين اللبنانيين والتزام سقف الطائف وآخر المستجدات على الساحة الوطنية عموماً».

ورد نصر الله على دعوة البطريرك صفير للحزب الى الانخراط في الحياة السياسية بالتأكيد على «أن الحزب منخرط في الحياة السياسية مذ وضعت الحرب الاهلية اوزارها واعيدت الحياة السياسية الى لبنان. وكانت البداية من انتخابات 1992 حيث دخل «حزب الله» في الانتخابات وشارك في الانتخابات النيابية حتى الآن وفي الانتخابات البلدية والنقابية. وهو منخرط بالكامل في الحياة السياسية»، مستغرباً «حديث البعض عن حزب الله وتحوله الى حزب سياسي» وقال: «حزب الله هو حزب سياسي.. المسألة ليست التحول الى حزب سياسي لأن حزب الله هو فعلاً حزب سياسي لبناني. لكن المسألة التي تناقش عادة هي استمرار حزب الله كمقاومة. ولذلك تأتي الدعوة الى نزع السلاح او انهاء المقاومة. هذا الموضوع كما قلت قبل ايام هو شأن لبناني ووطني داخلي ولا معنى لأن يناقش مع احد خارج لبنان، لا في واشنطن ولا في الأمم المتحدة ولا في اي مكان. اساساً مناقشته مع اي احد خارج لبنان لا تجدي نفعا،ً بل على العكس قد يعقّد معالجة هذا الأمر ويصعِّب النقاش والتفاهم حوله. هذا أمر داخلي وطني. ونحن كلبنانيين نناقشه في ما بيننا».

وشدد نصر الله على أن «أي موضوع من الموضوعات على المستوى الوطني والداخلي يجب أن يعالج بالحوار. فإما أن نقنع بعضنان أو نحاول أن نوجد تسوية ما في مسألة المقاومة. أنا أعيد ما كنت أقوله وهو: لسنا هواة حمل سلاح، بل نحن أناس نشعر بالمسؤولية تجاه وطننا. قاتلنا لتحرير أرضنا وسوف نبقى نقاتل لتحرير أرضنا، ومعنيون بحماية بلدنا. كل اللبنانيين معنيون بحماية لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. الصيغة الموجودة حالياً، مقاومة وجيش وشعب ودولة، أثبتت جدواها في حماية لبنان. في النقاش، إن ما نقوله هو: تفضلوا وقدموا لنا صيغة أخرى، أو ناقشوا في هذه الصيغة. نحن منفتحون على أي نقاش يحقق الهدف وهو حماية لبنان».

ولاحظ «مستوى التدخل الأميركي الواضح» وقال: «أميركا تناقض نفسها.. هي تساعد بعض اللبنانيين على الضغط على سورية من اجل ان تخرج من لبنان وتحاول أن تغلّب بعض اللبنانيين على بعضهم الآخر، وتحرِّض بعض اللبنانيين على بعضهم الآخر. وهي تمارس الممارسة التي لا تبقي للبنانيين سيادة أو حرية أو استقلالاً. الإدارة الاميركية هي التي ترسم الأولويات حتى لبعض قوى المعارضة... نحن سمعنا كلاماً متفاوتاً في الأيام القليلة الماضية. بعض المعارضة يتحدث عن أولوية الانتخابات وبعد ذلك يناقشون مسألة رئاسة الجمهورية، ثم الانتخابات. ثم يصدر بيان اميركي ـ فرنسي مشترك يقول إن الأولوية هي لإجراء الانتخابات. حتى الأولويات هم يحاولون تحديدها، وإضافة الى ذلك يتم التدخل مباشرة في التفاصيل».

وأكد نصر الله ضرورة «عدم اليأس من نجاح الحوار»، قائلاً: «لا يجوز أن نيأس، بل يجب أن نبذل كل جهدنا في هذا الاتجاه لأنه لا يوجد بديل آخر».

وعزا نصر الله تحرك «حزب الله» وجولاته الى «الإحساس بأن البلد يمر في مرحلة حساسة ودقيقة ووضعه صعب وهو بحاجة الى كل جهد» وقال: «إن حزب الله يستطيع بفعل ما له من علاقات واسعة مع الجميع وثقة وصدقية أن يوظف رصيده للمصلحة الوطنية»، رافضاً القول إن «خلفية تحرك حزب الله هي الإحساس بالعزلة وأنه مستهدف».

وأشار نصر الله الى انه «من حيث المبدأ ليس هناك اي مانع من حصول لقاء مع البطريرك صفير». لكنه قال ان ما يحكم تحركه هو الاعتبارات الأمنية «ومن هنا الى بكركي المسافة طويلة». وسئل: «سياسياً؟»، فأجاب: «كلا، أمنياً. سياسياً ليس هناك مشكلة في الموضوع. في النهاية قد يحصل لقاء، لكن أين وكيف، هذا أمر يناقش. لكن بالمبدأ من الطبيعي جداً أن يكون هناك لقاء، ليس فقط بيننا وبين غبطة البطريرك، بل بين جميع اللبنانيين». وقال الشيخ نصر الله عقب زيارته الرئيس كرامي: «هذه الزيارة للرئيس كرامي كنا قد اتفقنا عليها منذ فترة، وتأتي في سياق التداول في اوضاع البلد والبحث عن المخارج الممكنة للأزمة القائمة. بطبيعة الحال البحث تركز على موضوع تشكيل حكومة، وهي مسألة مهمة للبنانيين جميعاً. ولمست لدى الرئيس إصراراً كبيراً على تشكيل حكومة اتحاد وطني، واذا لم يتم هذا الامر، فلا اعتقد ان الرئيس يريد تشكيل حكومة غير حكومة اتحاد وطني، وهو ينتظر هذه الايام اتمام المشاورات النهائية، كما قال. واعتقد انه خلال هذا الاسبوع او الاسبوع المقبل سوف يعلن قراره النهائي على هذا الصعيد في كل الاحوال، لقاؤنا مع الرئيس هو في سياق البحث مع القيادات الرسمية والسياسية والدينية في البلد، في محاولة لتقريب وجهات النظر وايجاد المعالجة الممكنة للأزمة الحالية».