عراقي معتقل في غوانتانامو: الاستخبارات البريطانية طلبت مني التجسس على أبو قتادة

القضاء البريطاني يرفض تسليم الأصولي الفلسطيني المراقب إلكترونيا إلى إسبانيا

TT

كشفت وثائق قضائية اميركية ان الاستخبارات البريطانية طلبت من أصولي عراقي محتجز في سجن غوانتانامو، الإبقاء على صداقته مع الاصولي الفلسطيني ابو قتادة الذي أطلق سراحه في الآونة الاخيرة من سجن ببريطانيا ويخضع الآن للمراقبة الالكترونية من قبل السلطات. وقال رجل الاعمال العراقي بشر الراوي، ان جهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي «ام آي 5» طلب منه التجسس على ابو قتادة (عمر محمود عثمان) والابقاء على حبل الصداقة المتينة معه. واضاف الراوي في تقرير نشرته امس صحيفة «الغارديان» البريطانية انه ابلغ الاستخبارات البريطاينة بالعنوان الذي كان يختبئ فيه ابو قتادة في منطقة الفنت اند كاسل بجنوب لندن. وتعتبر أجهزة استخبارات غربية ابو قتادة بأنه «سفير بن لادن في اوروبا».

وكان بشر الراوي وشقيقه عبد الوهاب وأصولي فلسطيني يدعى جميل البنا (المكنى ابو انس الفلسطيني والصديق المقرب من ابو قتادة)، قد اعتقلوا من قبل السلطات الاميركية في مطار بانغول عاصمة غامبيا في نوفمبر (تشرين الاول) 2002 عندما توجهوا الى هناك لإنشاء مصنع لتكرير زيت الفستق، قبل ان يتم نقلهم الى قاعدة باغرام في افغانستان ومنها الى معسكر غوانتانامو في كوبا.

ورفضت وزارة الداخلية البريطانية التعليق على إفادة الراوي وعلاقته المزعومة بالاستخبارات البريطانية، على اعتبار انها مسائل أمنية.

وادعى الراوي انه ظل لفترة طويلة حلقة وصل بين ابو قتادة والاستخبارات البريطانية. واكد ان الاستخبارات البريطانية كانت تعرف مكان اختبائه في الوقت الذي كانت تدعي انها تبحث عنه، في اشارة الى الفترة التي سبقت اعتقاله في اكتوبر (تشرين الاول) 2002.

وافرجت السلطات البريطانية عن ابو قتادة وتسعة اصوليين آخرين مطلع الشهر الجاري. ويسمح لابو قتادة الآن بموجب إجراءات «الإقامة الجبرية» الخروج من منزله يوميا من السابعة صباحا حتى السابعة مساء. وكان قاض بريطاني وصف أبو قتادة بأنه «شخص خطر فعلا». وقد رفض القضاء البريطاني اخيراً تسليم ابو قتادة الى اسبانيا التي تطالب به بشبهة ارتباطه بمنفذي تفجيرات مدريد التي وقعت العام الماضي.

وكشف الراوي في الوثائق القضائية الاميركية انه ترجم لابو قتادة خلال جلساته مع ضباط الاستخبارات والشرطة البريطانية، وسألهم ما اذا كان ممكنا الإبقاء على علاقته بابو قتادة فطلبوا منه ذلك والانخراط اكثر في المجتمع المحيط بابو قتادة.

وفي رسالة الى هيئة المحكمة العسكرية في غوانتانامو كشف رجل الاعمال العراقي ان ضباط الاستخبارات البريطانية اكدوا له في اكثر من من مناسبة انه لا مانع لديهم من استمرار علاقته بالاصولي الفلسطيني بل شجعوه على ذلك. وطلب الراوي من القضاة العسكريين الاميركيين استدعاء ثلاثة من ضباط الاستخبارات البريطانية كان يتعامل معهم بشأن أخبار أبو قتادة، الا ان رئيس المحكمة اشار الى ان السلطات البريطانية رفضت الأمر.

وكان ابو قتادة اختفى عن الانظار بعد ان وافقت الحكومة البريطانية على قانون يتيح احتجاز الاجانب بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، يعرف باسم قانون «الاحتجاز بدون أدلة». واختفى ابو قتادة لمدة 10 اشهر في شقة بمنطقة الفنت اند كاسل. الا ان الراوي يقول ان الاستخبارات البريطانية كانت تعلم مكان وجوده، واشار الى تلقيه اتصالا هاتفيا من ضباط الاستخبارات البريطانية وسألوه عن مكان ابو قتادة فابلغهم، مشيرا الى انهم كانوا يتسترون على معرفتهم بمخبئه لمصلحتهم الخاصة.

الا ان اصوليين قالوا لـ «الشرق الأوسط» ان هناك عدداً محدودا من ابناء التيار الاصولي كانوا يعرفون مكان اختفاء ابو قتادة وكانوا يزورونه ليلا خلال الفترة ما بين ديسمبر (كانون الاول) 2001 واكتوبر 2002. وقال الرواي في افادته القضائية انه زار ابو قتادة عدة مرات في مخبئه قبل ان تقرر السلطات مداهمة شقته في جنوب لندن، مشيرا الى انه كان يعتقد بأن ابو قتادة شخص غير خطر لأن السلطات البريطانية كانت تغض الطرف عن مكان وجوده.

وترفض السلطات البريطانية تمثيل الراوي لانه لا يحمل الجنسية البريطانية رغم السنوات الطويلة التي قضاها في بريطانيا. وتتخوف عائلته التي يحمل افرادها الجنسية البريطانية من مصير بشر طالب اللجوء السياسي في بريطانيا منذ عام 1985، واحتمال ترحيله الى العراق في حال الإفراج عنه.

ويوجد في غوانتانامو معتقلون عاشوا في بريطانيا لسنوات دون ان يحصلوا على جنسيتها، وهم بشر الراوي، وجمال عبد الله، الاوغندي الذي كان توجه عام 1993 للعيش في بريطانيا مع والدته الحاصلة على الجنسية البريطانية بعد وفاة والده، والسعودي شاكر عبر الرحيم الذي توجه الى بريطانيا عام 1996 وتزوج من بريطانية وله منها اربعة اطفال.

وكان رجل الأعمال العراقي عبد الوهاب الراوي شقيق بشر، كشف في حديث سابق أجرته معه «الشرق الاوسط» تفاصيل تجربته والضغوط التي مورست عليه من قبل رجال استخبارات أميركيين لأربعة اسابيع بهدف إجباره على الاعتراف بالتورط في الارهاب قبل الافراج عنه.

=