ساترفيلد يشدد من بيروت على الانسحاب السوري «الآن» ويلوح بمعاقبة «الأطراف والحكومات» المسؤولة عن التفجيرات

رفض «تدخل» الأحزاب المدعومة من سورية وإيران في «إرادة الشعب اللبناني»

TT

باشر نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد تحركاته في بيروت امس محدداً اولويات واشنطن في المرحلة المقبلة بـ«تقدم مسار الانتخابات النيابية في ظل وجود مراقبين دوليين على ما عداه من القضايا اللبنانية البحت»، داعياً الى «انسحاب سوري كامل الآن»، ومشدداً على «ضرورة ان لا تكون هناك اي فرصة للعب باستقرار لبنان»، في اشارة الى عمليات التفجير التي حصلت اخيراً. ولوَّح بمعاقبة «الاطراف والحكومات التي باشرتها» رافضاً تدخل «حزب الله» من دون ان يسميه «في ارادة الشعب اللبناني».

وكان ساترفيلد وصل الى بيروت مساء اول من امس لملء الفراغ في السفارة الاميركية في بيروت الناجم عن سفر السفير جيفري فيلتمان الى بلاده لمتابعة الوضع الصحي لزوجته.

ومن المقرر ان يلتقي ساترفيلد، الذي كان سفيراً سابقاً لدى لبنان، عدداً من القيادات اللبنانية. وقد رفض الرد على ما تردد عن ان قدومه الى لبنان هو بهدف انشاء «غرفة عمليات لادارة الانتخابات اللبنانية».

واستهل ساترفيلد تحركه بلقاء البطريرك الماروني نصر الله صفير العائد لتوه من زيارة الى الولايات المتحدة. وقال عقب اللقاء انه ابلغ الى البطريرك «امل واشنطن والمجتمع الدولي في ان يستمر التقدم في لبنان لكي يكون الجو السياسي خالياً من التهديدات او الترهيب او العنف، كي يتمكن اللبنانيون في ظله من السير الى الامام. وان يكون (لبنان) خالياً من اي تدخل خارجي. وهذا يعني انسحاباً كاملاً والآن لجميع القوات السورية الموجودة في لبنان كما يعني وجود مراقبين دوليين لتأمين مناخ ملائم لانتخابات حرة. وعلى رأس كل هذه المسائل المهم ان يكون اللبنانيون احراراً في خياراتهم بعيداً عن اي ضغط بواسطة العنف». واوضح انه نقل الى صفير ادانة واشنطن «الشديدة لاعمال العنف التي شهدها لبنان في الايام الاخيرة»، وقال: «هذا العنف لا مبرر له ويجب احالة كل المسؤولين عنه الى العدالة. ويجب ان لا يكون هناك اي فرصة للعب باستقرار لبنان واي محاولة لزعزعة استقرار هذا البلد».

ورداً على سؤال عما قاله الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله في خطابه الاخير من انه (ساترفيلد) جاء الى لبنان لانشاء غرفة عمليات لادارة الانتخابات اللبنانية، قال: «لن اعطي اهمية لهكذا تصريحات. لكنني اقول انه يعود للشعب اللبناني وحده وليس لأي قوة خارجية، بما فيها ايران وسورية، او الاحزاب التي تدعمها هاتان الدولتان التدخل في ارادة الشعب اللبناني».

وسئل ساترفيلد عن تعليقه على التأخير في تشكيل الحكومة اللبنانية، فأجاب: «ان القضايا اللبنانية هي قضايا لبنانية بحت ولكن مسار الانتخابات يجب ان يتقدم في ظل وجود مراقبين دوليين، على ان تكون هذه الانتخابات حرة وعادلة وفي موعدها المحدد. هذه يجب ان تكون الاولوية». ورفض فكرة تأجيل الانتخابات، قائلاً: «نحن نعتقد وكذلك المجتمع الدولي ان الانتخابات يجب ان تكون حرة وعادلة. ويجب ان تتم في اسرع وقت ممكن لخلق جو سياسي مختلف في هذا البلد. وهذا ما يجب التركيز عليه».

ووصف ساترفيلد سؤالاً عن امكان مشاركة بلاده اذا ارسلت الامم المتحدة قوات سلام الى لبنان بانه «سؤال افتراضي». لكنه قال: «لطالما قلنا ان لدينا ملء الثقة في ان يكون لبنان بلداً مستقراً وآمناً طالما ان القوى الخارجية لا تتدخل لخلق مشكلات او لاحداث اعمال عنف».

وسئل اذا كان يعتقد ان ثمة حاجة لارسال هذه القوات الى لبنان، فأجاب: «هذا الامر يمكن طرحه على الامم المتحدة. ولكن اقر بأننا مهتمون ببقاء الوضع اللبناني آمناً، وبأن الشعب اللبناني لا يريد حصول اعمال عنف. وقد تكون هناك اطراف وحكومات يهمها ان ترتكب اعمال عنف وتخلق عدم الاستقرار. وستتم محاسبة هذه الاطراف لمباشرة هذه الاعمال».

وعن تقرير الامم المتحدة المرتقب قال: «لا نملك اي معلومات عن هذا التقرير. وكسائر اللبنانيين نحن ننتظره».

وكان البطريرك صفير التقى السفير الفرنسي في بيروت برنار ايمييه الذي قال انه اعرب للبطريرك عن ادانة السلطات الفرنسية الصارمة للانفجارين في نيو جديدة والكسليك. وقال: «نتمنى ان تتكثف الجهود لتسليط الضوء على ظروف التفجيرات الاخيرة لتحديد المسؤوليات وكشف الفاعلين ومحاسبتهم». وشدد على تأكيد فرنسا «اهمية تطبيق قرار مجلس الأمن 1559 الذي يجب ان يشمل الانسحاب الكامل للقوات العسكرية السورية والاستخبارات التي يجب ان تغادر الاراضي اللبنانية وفق جدول زمني وقبل الانتخابات النيابية».

وتمنى ايمييه «قيام حكومة بأسرع وقت ممكن تلبي طموحات اللبنانيين. وهذه الحكومة يجب ان تكون قادرة على تنظيم انتخابات حرة وشفافة وعادلة ضمن مهل مسبقة وفق الدستور اللبناني»، مشدداً على «دعم فرنسا المطلق» لفريق التحقيق الدولي التابع للأمم المتحدة المكلف كشف من كان وراء مقتل الرئيس رفيق الحريري.

وسئل ايمييه اذا كانت فرنسا مع ارسال قوات سلام الى لبنان، فأجاب: «الاولوية لدينا الآن هي لتطبيق القرار 1559».

من جهة اخرى، ارجأت المنظمات الشبابية والطلابية المؤيدة لسورية الاعتصام الذي كان مقرراً تنفيذه اليوم امام السفارة الاميركية في عوكر احتجاجاً على «التدخل الاميركي في الشؤون اللبنانية الداخلية» الى الاربعاء المقبل، وذلك «مراعاة لاجواء واحتفالات الطوائف (المسيحية) الغربية بمناسبة عيد الفصح».