مبارك في باريس: الأسد سيعلن خلال أسبوع برنامجا لسحب كل القوات السورية من لبنان

الرئيس المصري يحذر أميركا من كارثة بالمنطقة لو هاجمت إيران

TT

استفاد الرئيس المصري حسني مبارك من زيارته السريعة الى العاصمة الفرنسية التي وصلها مباشرة من الجزائر، لتوجيه مجموعة من «الرسائل» بخصوص ثلاثة ملفات رئيسية ، هي الملف اللبناني ـ السوري والملف الإيراني وملف إصلاح بنية الأمم المتحدة ، وتحديدا توسيع مجلس الأمن الدولي. غير أن الملفات الأخرى المرتبطة بالمنطقة، ومنها العراق والملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي وإعادة تفعيل مبادرة السلام العربية ونتائج قمة الجزائر، لم تغب عن مناقشات القمة الفرنسية ـ المصرية.

وإذا كان الرئيس مبارك قد امتنع عن الإدلاء بأي تصريح عقب اجتماعه بالرئيس جاك شيراك، على انفراد أولا ثم في لقاء موسع ضم من الجانب المصري وزيري الخارجية والإعلام ومدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان ومستشاري الرئيس شيراك، فإنه أوصل رسائله من خلال حديث الى المحطة الثالثة في التلفزيون الفرنسي.

وفي «رسالته» الأولى ، أكد مبارك الذي بحث تطورات الوضع اللبناني في اللقاء المغلق مع شيراك، أن الرئيس السوري «سيعلن خلال أسبوع جدول الانسحاب لكامل قواته من لبنان»، مؤكدا أنه بصدد «تطبيق القرار الدولي رقم 1559». وحرص مبارك على الإشارة الى أنه «أجرى عدة لقاءات مع الرئيس السوري وأن آخر لقاء تم في الجزائر أول من أمس».

واللافت أن مبارك نقل بعض تفاصيل ما دار بينه وبين الأسد ، إذ أكد أنه قال له إن الانسحاب التام «يجب أن يتم قبل الانتخابات النيابية لتفادي مشاكل أخرى». مضيفا أنه يعتقد أن الأسد «واع لكل هذه الأمور وأنه مصمم على سحب قواته وأجهزة المخابرات الموجودة في لبنان».

ويبدو كلام مبارك بمثابة «رسالة» من الرئيس الأسد الى شيراك والولايات المتحدة الأميركية والمجموعة الدولية بشكل عام. وتصر فرنسا على الانسحاب الكامل من لبنان قبل الانتخابات النيابية التي تريد أن تتم تحت إشراف مراقبين «مستقلين».

ورفض الناطق باسم الرئاسة الفرنسية جيروم بونافون نقل أية تفاصيل حول الملف اللبناني ـ السوري، بينما اكتفى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ، في لقاء مع عدد محدود من الصحافيين بالقول إن «المسألة اللبنانية تتحرك في الطريق الذي يجعلنا نستشعر الأمل بتحقيق الانفراج» ، ما يعكس تفاؤلا «حذرا» من جانب مصر بخصوص التطورات القادمة لهذا الملف.

أما الرسالة الثانية فتتناول إيران ، وهي موجهة مباشرة الى الولايات المتحدة. وتأتي رسالة مبارك بعد يوم واحد على جولة من المحادثات بين إيران والترويكا الأوروبية في باريس (فرنسا، بريطانيا وألمانيا). وطلب مبارك في رسالته من واشنطن أن «تتخلى عن فكرة مهاجمة إيران، لأن ذلك سيقود منطقة الشرق الأوسط الى الكارثة».

ويتناغم هذا الموقف مع موقف باريس والاتحاد الأوروبي بشكل عام. ورغم أن واشنطن أعطت مؤشرات لإيران، منها قبولها انضمام طهران الى منظمة التجارة الدولية وبيعها معدات خاصة بطائراتها المدنية، غير انها ما زالت تهدد إيران باللجوء الى «وسائل» أخرى ومنها الوسائل العسكرية إذا لم تتخل عن برنامجها النووي. وقال مبارك: «أقول لأصدقائنا الأميركيين إنه يتعين علينا الابتعاد عن حرب مدمرة»، وإن مشكلة البرنامج النووي الإيراني «يمكن أن تحل بمبادرة أصدقائنا الأوروبيين». وكان موضوع إصلاح الأمم المتحدة من بين أهم المواضيع التي تناولها مبارك وشيراك ، بالنظر الى رغبة مصر التي تحظى بدعم عربي، بالحصول على مقعد دائم في المجلس. ويبدو من تصريحات الناطق باسم الرئاسة الفرنسية أن شيراك لم يقدم دعما صريحا للرئيس مبارك بهذا الخصوص. وقال جيروم بونافون نقلا عن شيراك إن فرنسا «متفهمة لدور مصر على المسرح الدولي ولوزنها في العالم العربي وفي القارة الأفريقية. لكن ترشيح مصر يجب أن ينظر إليه في إطار البنية العامة لإصلاح مجلس الأمن وفي إطار البحث عن الإجماع» داخله. وأكد الناطق الرئاسي أن فرنسا تدعم توسيع مجلس الأمن «بحيث يعكس حقيقة العالم اليوم بشكل أفضل بموجب ميثاق الأمم المتحدة»، مشيرا الى أن شيراك شدد على الإجماع وعلى التمثيل العادل لكل المناطق الجغرافية والثقافات. وقال أحمد أبو الغيط إن فرنسا «تتفهم حاجة أفريقيا الحصول على مقاعد تتكافأ مع عدد دول القارة ، كما يتفهمون ضرورة وأهمية مشاركة ممثلين عن كافة الأقاليم الجغرافية والثقافات المختلفة» في أفريقيا.