شارون يتهم نتنياهو بالتخطيط لإطاحته

أبلغ نواب الليكود المتمردين بأنه لن يدفع ثمنا أكثر من خطة الفصل

TT

لم يكد يفرح رئيس الوزراء الاسرائيلي، أرييل شارون، بالانجاز الذي حققه على طريق تطبيق خطته للانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية وازالة المستعمرات اليهودية منهما، حتى انفجرت في وجهه أزمة جديدة ، اذ اكتشف ان وزير ماليته، بنيامين نتنياهو، يتآمر عليه ويحاول اطاحته بواسطة حزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس».

وكان شارون قد أزال احدى العقبات الجدية في طريقه عندما تمكن من تمرير الموازنة العامة في لجنة المالية في الكنيست اول من امس. واطمأن الى ان حزب «شاس» (11 نائبا)، سيصوت ضد الاستفتاء العام حول «خطة الفصل» المذكورة مما يعني ان الخطة ستنفذ في موعدها، وصاحبها شارون سيحظى بالمدائح الدولية وربما أيضا بالجوائز الكبرى (سيطلب من الرئيس جورج بوش، مثلا ان يمول له مصاريف تطبيق الخطة بحوالي نصف مليار دولار). إلا ان نتنياهو، الذي يتحين الفرص ليسقط شارون ويحل محله في قيادة الليكود ورئاسة الحكومة، فاجأه بعقد اجتماع طارئ مع الحاخام عوفاديا يوسيف، الرئيس الروحي لحزب «شاس»، تم قبيل منتصف الليلة الماضية (الأربعاء ـ الخميس)، وحاول اقناعه بالتصويت مع الاستفتاء. وقال له ان اعطاء شارون فرصة التملص من الاستفتاء تنطوي على خطورة بالغة، اذ انها تؤدي الى تمزق المجتمع اليهودي وربما الى سفك الدماء. أما الاستفتاء، فهو الاحتكام الى الشعب. وما يقرره الشعب ، يلتزم به الحكام.

وقد لوحظ ان قادة «شاس» راحوا يستغلون هذه الخطوة حتى الحد الأقصى، فكان أول ما فعلوه هو تسريب المعلومات عنها لوسائل الاعلام ، فاتضح ان شارون لا يعرف شيئا عنها وانه سمع الخبر الأول بشأنها من الصحافيين الذين توجهوا لأخذ التعليق عليها. ومع ان الحاخام يوسيف يعارض فكرة الاستفتاء ويخشى ان تصبح سابقة يلجأون اليها غدا في مواضيع دينية ، الا انه لم يعط ردا قاطعا حول طلب نتنياهو ووعد بدراسته والبت فيه حتى يوم الاثنين القادم. واعتبر نتنياهو هذا الوعد مكسبا له، اذ يفتح الآمال مجددا حول امكانية تغيير موقف «شاس» لصالح الاستفتاء. فاذا تغير هذا الموقف فان شارون سيضطر الى تقديم موعد الانتخابات. والانتخابات ستعيد له مكانته منافسا أساسيا لشارون. ويلتقي هذا الموقف مع مصلحة «شاس»، اذ انه معني هو الآخر بانتخابات جديدة في ظل تمزق الليكود، باعتبار انهما ينافسان على نفس الأصوات (اليهود الشرقيون يصوتون لهما بالأساس).

وفي الحالتين، رأى أنصار شارون في هذا التطور مناسبة لمهاجمة نتنياهو واظهاره متآمرا على حزبه. وقد بدأوا من جهتهم ادارة معركتهم أيضا في ساحة حزب «شاس»، من خلال الوعد بمنحه ميزانيات دعم، مؤكدين ان نتنياهو هو الذي يمنع هذه الميزانيات عنهم بصفته وزيرا للمالية.

وكان شارون قد اجتمع لأول مرة مع 13 نائبا في الليكود متمردين عليه ويحاربونه بسبب «خطة الفصل». وحاول استمالتهم لتغيير رأيهم والتصويت مع الموازنة العامة عندما ستطرح على الكنيست في الاسبوع القادم.

كما راح يشرح لهم أهمية «خطة الفصل» بالنسبة للمصالح الاسرائيلية وما حققه من مكاسب بفضلها على الصعيد الدولي. وقال لهم انه لن يدفع ثمنا سياسيا للعرب أكثر من «خطة الفصل»، اذ لن ينسحب من المزيد من المناطق الفلسطينية بشكل أحادي الجانب وأي انسحاب في المستقبل سيكون في اطار مفاوضات سلام مباشرة مع الفلسطينيين. وطمأنهم بأنه لا ينوي التفريط بأي شبر من القدس الشرقية المحتلة ـ «فهذه قدس أقداسنا ولن نتخلى عنها بأي حال من الأحوال». وطمأنهم كذلك بأنه لا ينوي الدخول حاليا في مفاوضات مع سورية حول السلام، «لأن أي سلام معها سيكون منوطا بتنازلات اقليمية»، كما قال.

وحاول أحدهم، النائب ميخائيل رتسون، ان يطرح «حلا وسطا» على شارون، بأن يوافق على ضم كتل استيطانية مقابل تصويتهم على الموازنة، فرد شارون بالقول: هذا غير ممكن. فقضايا الحدود بيننا وبين الفلسطينيين، تبحث فقط في المفاوضات معهم ولا يجوز لنا ان نتخذ خطوات أحادية الجانب، لأنها ستدخلنا في دوامة انتقادات دولية.