الجزائر: بوتفليقة ومحمد السادس يلتقيان لأول مرة بصفة رسمية

حديث عن إحراز تقدم ينهي حالة الجفاء بين البلدين

TT

التأمت في الجزائر امس قمة بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس الذي مدد زيارته للعاصمة الجزائرية الى يوم امس. وشكلت القمة تلك اول لقاء من نوعه بين قائدي البلدين منذ تأسيس اتحاد المغرب العربي عام 1988 . وجرى اللقاء الذي دام بضع ساعات بعيدا عن أعين الصحافة التي وصفته بـ«الحدث» وأولته عناية كبيرة.

وعقد اللقاء في فيلا تابعة للرئاسة الجزائرية تقع بمدينة زرالدة (30 كلم غرب العاصمة)، وهو موقع يحمل دلالة رمزية كونه احتضن قمة تأسيس اتحاد المغرب العربي في اكتوبر( تشرين الأول) من عام 1988 التي حضرها كل القادة المغاربيين الخمسة، وكان ذلك آخر لقاء رسمي بين قائدي الجزائر والمغرب (الرئيس الشاذلي بن جديد والملك الحسن الثاني آنذاك). وقالت مصادر تابعت أطوار اجتماع بوتفليقة بمحمد السادس لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين تباحثا فى إمكانية بعث العلاقات الثنائية التي تتأرجح بين التحسن والتوتر وفقا لتطورات نزاع الصحراء الغربية. وأضافت المصادر بأن «اللقاء لم يأخذ شكل قمة على أساس أن الرئيس الجزائري وملك المغرب لم يحضرا جدول أعمال يحدد الملفات المعنية بالتباحث». وكان اللقاء ثنائيا «بمعنى الكلمة»، حسب ذات المصادر، كون القائدين لم يسمحا بأن يحضره شخص آخر. وحرصت المصادر على التأكيد بأن اللقاء «كان مهما للغاية كونه كسر الحاجز النفسي الذي كان وراء جفاء طويل بين الجزائر والمملكة المغربية». وتناول الاجتماع أيضا تنشيط هياكل الاتحاد المغاربي المجمدة منذ عام 1994 بسبب الخلاف بين البلدين حول قضية الصحراء، وجدد القائدان التأكيد على عقد قمة مغاربية في طرابلس الليبية قبل نهاية النصف الأول من العام الجاري. وكان وزراء خارجية الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، قد أعلنوا أول من أمس على هامش القمة العربية الـ17 التي جرت أطوارها بالجزائر، بأن الاتحاد المغاربي سيعقد اجتماعا على مستوى القادة في الصائفة المقبلة، واتفقوا مبدئيا على أن يكون في يونيو (حزيران) في ليبيا التي تترأس الاتحاد حاليا. ويعتقد المتفائلون بمستقبل مشرق لعلاقات البلدين، أن لقاء أمس يعد خطوة هامة نحو تنقية الأجواء بين الرباط والجزائر وعاملا أساسيا في بناء ثقة غائبة منذ سنين طويلة. وكان المغرب قد ألغى العمل بالتأشيرة من جانبه العام الماضي وتوقع المسؤولون المغاربة نفس الشيء من جانب الجزائريين، لكن ذلك لم يحصل وبرر دبلوماسي جزائري، تحفظ على نشر اسمه، رفض الجزائر رفع التأشيرة بقوله: «فرض التأشيرة أو إلغاؤها يخضع في العرف الدبلوماسي إلى التشاور بين الدولتين المعنيتين، لكن المغاربة لم يستشيرونا عندما فرضوها بقرار أحادي ولا عندما رفعوها بقرار أحادي أيضا».

ووصفت مصادر جزائرية ومغربية متطابقة لـ «الشرق الاوسط» اللقاء بأنه «لقاء الأمل» بعد سنوات طويلة من سوء الفهم والحرب الباردة. وقالت المصادر ذاتها لـ «الشرق الاوسط»، ان اللقاء رغم كونه لن يستطيع حل المشاكل العالقة بين الجزائر والرباط، الا انه سيفتح صفحة جديدة في العلاقات، ويهدم الجدار النفسي القائم بين البلدين، الذي بنته سنوات طويلة من التوتر.

لقد وجه المغرب عدة اشارات، اكيد ان دوائر القرار العليا في الجزائر التقطتها، فالعاهل المغربي لم يفوت الفرصة في خطاب ألقاه بالقمة ان يوجه التحية والتقدير العميق الى الرئيس بوتفليقة، الذي وصفه بـ«اخي المبجل»، و«من خلاله الى الشعب الجزائري الشقيق، الذي تربطه بالشعب المغربي، أواصر تاريخية، من الاخوة المتينة، والجوار الراسخ. كما يجمعهما تقاسم نفس التحديات، والتطلعات الى المستقبل الواعد»، وهو الأمر الذي دفع ملك المغرب الى القول «وهو ما يجعلني أكثر اعتزازا بوجودي اليوم، في بلدي الثاني، الجزائر الشقيقة». ولم يكتف الملك محمد السادس عند هذا الحد، فقد كان رئيس الدولة الوحيد المشارك في القمة، الذي خرج للتجول في شوارع الجزائر، ومر بجانب سكن السفير المغربي محمد سعيد بن ريان، ترافقه سيارة امن واحدة. ودامت الجولة حوالي ساعتين و40 دقيقة. وقبل هذه الإشارات، أطلق ملك المغرب إشارة اخرى تكمن في إلغاء التاشيرة بالنسبة للمواطنين الجزائريين. ولاحظ المتتبعون للعلاقات المغربية ـ الجزائرية، ان الرباط التزمت الهدوء منذ الصيف الماضي، ولم يصدر عنها أي رد فعل ازاء بعض المواقف الجزائرية، كما ان الصحافة الجزائرية بدورها خففت حملاتها على المغرب، اضافة الى ان ملك المغرب كان أول قائد عربي يعلن حضوره الى قمة الجزائر.