المغرب : الاشتراكيون يقررون عقد مؤتمرهم والحزب مقبل على ثورة تنظيمية هادئة

TT

حسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة) أمر موعد ومكان انعقاد مؤتمره السابع العام. فقد قرر المكتب السياسي للحزب في آخر اجتماع له ان يلتقي المؤتمرون في الرباط ايام 3، 4، 5، يونيو (حزيران) المقبل. ووضع بيان المكتب السياسي حداً لما راج اخيرا من ان اعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر لا تسير بالوتيرة المطلوبة، وبالتالي فقد يؤثر ذلك على موعد المؤتمر، الذي يعتبره المنتسبون للحزب ـ قيادة واعضاء ـ حاسما، بالنظر لما يسمونه دقة التحولات السياسيـة التي يشهدها المغرب، مما يستوجب من وجهة نظرهم تأهيل الحزب وتجديد أوصاله ليكسب معركة الانتخابات التشريعية المقبلة عام 2007، وإلا فانه سيؤول الى حزب صغير.

وقال مصدر حزبي من اللجنة التحضيرية ان الإعداد للمؤتمر العام، يتم وفق اساليب تنظيمية جديدة، يمكن في حالة اعتمادها واقرارها ان تعد بمثابة ثورة هادئة، وانه اصبح بالإمكان خوض معركتها بعد ان تخلص الحزب من معيقات الماضي التي عرقلت تحديث هياكله وتطوير اساليب ادائه في الوقت المناسب، في اشارة الى الجناح النقابي الذي كان يتزعمه لغاية المؤتمر السادس، محمد نوبير الاموي، امين عام الكونفدرالية الديقراطية للشغل (اتحاد عمالي) الذي انسحب من قيادة الحزب وساند تأسيس حزب بديل هو المؤتمر الوطني الاتحادي. وقال المصدر ان المنتسبين للاتحاد الاشتراكي، الذين اسسوا نقابة الفدرالية الديموقراطية للشغل، لن يكرروا ما أسماه المأساة التي تسببت فيها مواقف الاموي السابقة، مشيرا الى ان الاجواء النقابية التي كانت تهيمن على الاجواء قبل واثناء مؤتمرات الحزب السابقة اختفت، مصححا ما تداولته بعض الصحف المغربية اخيرا من كون، الطيب منشد، عضو المكتب السياسي، وامين عام الفدرالية الديموقراطية للشغل، يمارس ضغطا على قيادة الحزب، بخصوص مسائل تنظيمية.

وكشف المصدر عن بعض ملامح التجديد التي ستدخل على هياكل الحزب وطبيعة اشتغاله، قائلا بهذا الصدد انه يتوجه نحو اعتماد النظام الفدرالي او الجهوي، حيث ستصبح للجهة صلاحيات تدبير الشأن السياسي والحزبي في منطقتها، بينما يقتصر دور المكتب السياسي (أعلى هيئة) على البت في قضايا السياسة الوطنية والحزبية الكبرى، اما عدا ذلك من مشاكل الفروع والجهات فسيتم الحسم فيها مستقبلا على الصعيد المحلي.

واعتبر المتحدث ان هذا النهج يواكب السياسة العامة للبلاد المتجهة نحو اعتماد مزيد من اللامركزية، كما ان هذا التغيير يتيح لقيادة الحزب الانصراف الى القضايا الجوهرية بدل إنهاكه في الخلافات الصغيرة بفروعه في انحاء البلاد، مضيفا ان التنظيم الجديد سيساعد على خلق النخب المحلية وتأجيج التنافس فيما بينها ما دام سيكون لها دور محوري في الجهات التي تنشط فيها.

ومن التجديدات المحدثة كذلك إعادة النظر في كيفية انتقاء المؤتمرين الذين يحضرون ويصوتون في المؤتمر العام، اذ يتوقع ان يتم اللجوء الى معايير جديدة عند اختيارهم ومراجعة كيفية تمثيلية الاقاليم والجهات، وهكذا يجري التفكير في التخلي عن عدد المنخرطين تبعا لبطاقات العضوية كمعيار في تحديد النسبة، بل ستؤخذ بعين الاعتبار نسبة الاصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات التشريعية الاخيرة، كمعيار اضافي باعتبارها مرجعية يطمئن اليها الجميع. ويعتبر هذا المعيار في حالة اعتماده وسيلة لمكافأة المناضلين الذين كسبوا ثقة الناس في الانتخابات، نتيجة اقترابهم من مشاكلهم.

وبخصوص مشاريع الاوراق التي ستعرض على المؤتمر العام اوضح المصدر الحزبي حصول تغيير بصدد هذه المسألة، مبرزا ان الوثائق ستعرض للنقاش على الاقاليم لتضيف او تعدل فيها ما شاءت، ثم تحال ثانية على اللجنة التحضيرية التي تحيلها بدورها على المكتب السياسي.

وتمنى المصدر الحزبي ان يتم تدبير النقاش الذي سينتج عن التعديلات والاضافات، بكيفية حديثة وعقلانية، جوابا على سؤال يتعلق بمدى التحكم في نقاش قد يحمل في ثناياه انتقادات القواعد الحزبية، ملاحظا ان ذلك امر وارد، وهو متوقف على كيفية تدبير النقاش الذي سيؤطره عضو من المكتب السياسي واعضاء من اللجنة التحضيرية، كما ان هذا التقليد الجديد سيواكبه انفتاح الحزب على فعاليات المجتمع المدني في المغرب، وهكذا سينظم عشرة منتديات جهوية مفتوحة على القضايا الراهنة للمجتمع المغربي، تدلي خلالها الفعاليات برأيها بكل حرية.

وجوابا على سؤال بخصوص تجديد قيادة الحزب اوضح المصدر انه لم يظهر الى الآن سبب يحول دون اختيار محمد اليازغي الامين العام الحالي ليستأنف مهمته على رأس قيادة الحزب، لكن الاجهزة المسيرة سيطالها التغيير، وعلى سبيل المثال فإن الشباب ما دون 30 سنة سيحصلون على حصة 10% من التمثيلية في الاجهزة الحزبية، فضلا عن الاحتفاظ بحصة 20% للنساء الاتحاديات، معترفا بوجود ضغط من الاجيال الشابة الجديدة لتولي زمام المسؤولية، ورغبتها في الحصول على مساحة اكثر في مواقع القرار والتسيير، موضحا انها رغبة مشروعة تقابل بصدر رحب.

واخيرا توقع المصدر ان يحضر المؤتمر حوالي 2000 شخص بينهم حوالي 1600 مؤتمر.

يذكر ان المؤتمر السادس لحزب الاتحاد الاشتراكي عقد في صيف 2001 بالدار البيضاء، وانتخب عبد الرحمن اليوسفي امينا عاما، لكن هذا الاخير اعتزل في وقت سابق الحياة السياسية، وخلفه محمد اليازغي، الذي حل محله كنائب له عبد الواحد الراضي رئيس مجلس النواب المغربي.