وثيقة بريطانية: مستشارة قانونية لوزارة الخارجية مستقيلة اعتبرت الحرب في العراق «عدوانا»

لجنة الدفاع في مجلس العموم تنتقد التحالف لفشله في التخطيط لمواجهة أعمال العنف

TT

تعززت في لندن الشكوك المثارة حول طبيعة الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق منذ سنتين وانتهت باسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، فقد كشف النقاب امس عن ان مستشارة قانونية لحكومة توني بلير العمالية اعتبرت في كتاب استقالة وجهته قبل بدء الحرب بثلاثة ايام، ونشرته «بي بي سي»، التدخل الاميركي البريطاني في العراق بأنه «عدوان»، فيما افيد بأن المدعي العام البريطاني اللورد غولدسميث ساورته شكوك بشأن مشروعية حرب العراق حتى قبل أيام من بدئها. وقالت اليزابيث ويلمهورست المستشارة القانونية لوزارة الخارجية في كتاب الاستقالة المؤرخ في 18 مارس (آذار) 2003 والذي سمح القانون الجديد حول حرية الاعلام في كشف النقاب عنه، ان التدخل العسكري في العراق يشكل «استخداما غير قانوني للقوة» ويمكن اعتباره «عدوانا».

واضافت «لا يمكنني ان اوافق على هذه الاعمال التي تتم في ظروف تعود بضرر بالغ على النظام الدولي وسلطة القانون».

ومن جهتها ذكرت القناة الرابعة التلفزيونية الخاصة من دون ان تكشف عن مصدرها، انه في جزء من الكتاب الذي لم ينشر، ذكرت ويلمهورست ان المستشار القانوني بيتر غولدسميث رأى في مرحلة اولى ان الحرب غير قانونية لكنه سرعان ما غير رأيه.

واللورد غولدسميث هو المستشار القانوني الابرز للحكومة البريطانية.

وقالت صحيفة «ديلي تليغراف» إن رسالة الاستقالة، التي جاءت بناء على اعتقاد بأن الحرب تتعارض مع القانون الدولي، أشارت إلى أن اللورد غولدسميث غير رأيه مرتين قبل أن ينصح توني بلير بأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441 قد يسوغ شن حرب على العراق. لكن ناطقا باسم غولدسميث رد بقوله ان هذا الاخير عرض وجهة نظره «بكل وضوح» امام مجلس العموم في 16 مارس 2003 مؤكدا ان «التدخل العسكري في العراق قانوني».

واشارت وزارة الخارجية البريطانية الى ان القسم غير المنشور من الرسالة مشمول بالسرية التي تحوط عادة صياغة سياسة الحكومة. الى ذلك قالت لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني امس ان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة فشل في الاعداد بشكل كاف لمواجهة التمرد الدموي الذي اندلع في العراق بعد غزوه عام 2003 .

ورجحت اللجنة في تقرير لها ان تبقى القوات البريطانية في العراق حتى بعد عام 2006 بسبب عدم جهوزية القوات الأمنية العراقية. وقال التقرير ان «سلسلة من الاخطاء والاحكام الخاطئة وقعت خلال المراحل الاولية من الحملة العسكرية على العراق والتي بدأت في مارس (آذار) 2003 ولم يعط الاهمتام الكافي لتعزيز قوات الأمن العراقية».

وجاء في التقرير «ولم يبدأ التحالف ببناء قوات الأمن العراقي الا متأخرا وحتى عندئذ فان الطريقة التي اعتمدت على الارقام التي اتبعت في ذلك كانت تعني ان الجيش العراقي وقوات الشرطة والأمن لم تطور بشكل منسق». وانتقد التقرير سلطة الائتلاف المؤقتة التي تشكلت في السنة الاولى بعد الحرب بسبب فشلها في حراسة مخازن الاسلحة الصغيرة في العراق والتي اصبحت مصدرا رئيسيا لحصول المتمردين على المواد المتفجرة والاسلحة الثقيلة. وقال التقرير انه لم يتم التخطيط بشكل كاف لتلبية احتياجات اعادة الاعمار ولذلك فقد طلب من القوات البريطانية القيام بمجموعة من المهام تتعدى ما يتوقع عادة من المؤسسات العسكرية.

وفي تقييم واسع للعمليات في العراق منذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فقد استمع اعضاء اللجنة البرلمانية الى ادلة من خبراء فيما زار بعضهم ذلك البلد مرتين للاطلاع على الوضع بأنفسهم. وخلص الاعضاء الى ان الحكومة العراقية تحتاج لإبقاء ثمانية الاف عسكري فيها الى حين استعداد قوات الشرطة والجيش العراقيين.

وحذر التقرير من ان «هذه ربما تكون فترة كبيرة». واضاف «نظرا الى وضع التمرد وحالة قوات الأمن العراقية فيبدو من المرجح ان القوات البريطانية ستتواجد في العراق باعداد مماثلة للاعداد الحالية خلال عام 2006».

وفي الوقت ذاته قالت اللجنة انها تدعم هذا الالتزام وتعتقد ان الدعوات لسحب القوات البريطانية من العراق سابقة لاوانها. وجاء في تقرير اللجنة ان «التجربة علمتنا انه اذا اردنا ان تنجح عمليات بناء دولة كما يحدث في العراق، فيجب ان يكون لدينا التزام جدي بالوقت والطاقة والموارد المالية والتصميم السياسي».