مسيرة الإصلاح في البحرين تنتهي بغزل بين الحكومة والمعارضة

اتفاق «آخر الليل» حال دون الصدام وشجع الشرطة على المساعدة في التنظيم

TT

وسط ترقب مشوب بالحذر متبادل من الحكومة والمعارضة في البحرين، مرت مسيرة الأمس، والتي أصرت المعارضة على القيام بها بالرغم من منع الحكومة لها، بسلام وبلا أي خسائر للطرفين. وانتهت المسيرة بغزل من المعارضة للحكومة لعدم منع المسيرة. وبدا أن الوضع كان ملتهبا بعد تزايد أعداد المشاركين بالمظاهرة، والذين قدرتهم المعارضة بأكثر من 100 ألف، مقابل حضور مكثف لرجال مكافحة الشغب في الشارع الرئيسي للمسيرة، ولكنهم اكتفوا بالمراقبة من بعيد بدون منع المشاركين من المسيرة، كما أكدت وزارة الداخلية أمس. وقد شارك رجال المرور في تنظيم المسيرة.

وكانت أعداد كبيرة من المشاركين بدأوا بالتوافد إلى مقر المسيرة حاملين معهم أعلام البحرين. ولم يلاحظ رفع أي أعلام لدول أجنبية، وهو ما أكد عليه الشيخ علي سلمان رئيس، جمعية الوفاق الإسلامية، منظمة المسيرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط». كما لوحظ أن غالبية الشعارات كانت تحمل عبارات تتعلق بالتعديل الدستوري بدون أي شعارات أخرى كانت تستفز السلطة البحرينية وتحمل عبارات تمس القيادات البحرينية. ورفعت شعارات مثل «مطلبنا دستور عقدي»، و«نحن فداء للوطن».

وخاطب الشيخ علي سلمان المشاركين، مشددا على سلمية المسيرة وعدم خروجها عن الخط المرسوم لها، مشيرا إلى أن المشاركين كانوا أكثر من 100 ألف، منهم 20 ألف جاءوا إلى مكان المسيرة سيرا على الأقدام. وشدد على أن المطالبة بالتعديلات الدستورية لن تتوقف. ولم ينس الشيخ سلمان تهنئة المحتشدين بفوز المنتخب البحريني على كوريا الشمالية يوم أمس. وخاطب الملك حمد، عاهل البحرين، خلال المسيرة قائلا: «إن البحرينيين لا يريدون التحدي، وإنما تدفعهم للمطالبة الحاجة الملحة إلى إصلاح دستوري تتولى السلطة التشريعية المنتخبة التشريع والرقابة لوحدها، وفصل حقيقي بين السلطات من اجل التخلص من أزمات ومشاكل عديدة عاشتها البحرين طوال ثلاثة عقود، على رأسها التجنيس السياسي والبطالة والفقر في ظل وجود 180 ألف عامل أجنبي وعشرات الآلاف من العاطلين، والمستوى المتدني من العيش لدى آلاف الأسر البحرينية».

وعقب المسيرة قال سلمان لـ«الشرق الأوسط»، إن انتهاء المسيرة كما خطط لها «يعبر عن عادات أهل البحرين عندما يمارسون حقهم في التعبير عن آرائهم بدون أي إساءة للغير»، مشددا على أن الروح الوطنية كانت هي الغالبة في هذه المسيرة. وأوضح أن عدم تدخل رجال مكافحة الشغب لمنع المسيرة «محل تقدير لدينا، وهذا ما كنا نأمله من الحكومة». وأكد رئيس جمعية الوفاق الوطني، على أنهم يدعمون استضافة البحرين لسباق «الفورميلا 1»، الذي تستضيفه المنامة أوائل الشهر المقبل. وكشف سلمان أن المعارضة اتفقت على عدم إقامة أي فعالية سياسية خلال فترة السباق، وذلك «من واقع حرصنا على إنجاح كافة الفعاليات التي تستضيفها البحرين، والتي ننتظر منها دعم الاقتصاد الوطني».

وكان ليلة أول من أمس قد شهدت اجتماعا بين المعارضة والحكومة في وقت متأخر، حيث التقى الشيخ سلمان والشيخ عيسى قاسم، أحد علماء الشيعة الكبار، مع الشيخ عبد الله بن خالد، نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني ووزير الشؤون الإسلامية، وسعى فيه الطرفان إلى تهدئة الأمور خلال مسيرة الأمس. ووفقا لمصادر من داخل الاجتماع، فقد شدد المجتمعون على أهمية عدم التصعيد مهما كانت الظروف، فيما أكدت الحكومة البحرينية على حق المواطنين بالتعبير عن آرائهم «وفق الضوابط المنظمة لذلك».

ووفقا لمصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحكومة البحرينية أصدرت توجيهات لرجال مكافحة الشغب بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، في محاولة لعدم التصعيد مع المعارضة في هذه الفترة بالذات. وأردفت المصادر أنه وبالرغم من منع وزارة الداخلية التصريح بالمسيرة، فإن الجهات المختصة ارتأت تهدئة الأمور و«محاولة إيجاد حلول أخرى خلال الأيام المقبلة»، بعيدا عن منع المسيرة والاصطدام بالمشاركين.