مصدر فرنسي رسمي: رفضنا استهداف سورية مباشرة ولكن الخطوط الحمراء تزول إذا عارضت الـ1559

قال لـ«الشرق الاوسط» إن باريس أوصلت الرسالة «بوضوح» إلى دمشق

TT

أعربت فرنسا عن تأييدها للاقتراح الذي تضمنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الحاجة لإقامة لجنة تحقيق دولية مستقلة «لجلاء الظروف والأسباب والنتائج» والمسؤوليات في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وقالت الخارجية الفرنسية، أمس، على لسان الناطق باسمها، إن باريس «سوف تتشاور مع شركائها في مجلس الأمن الدولي» للنظر في ما يصلح القيام به تنفيذا لهذا الاقتراح. غير أن مصدرا فرنسيا رسميا قال لـ «الشرق الأوسط» أمس إن باريس «تعلم تماما أنها لا يراودها الأمل بالكشف عن قتلة الحريري مع أدلة حسية وملموسة، إذ أن الكثير من القرائن المادية قد أزيلت»، لكنها تعتبر أن «فائدة» التقرير والقرار الدولي الذي يطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية هي في «الرسالة التي نريد إيصالها الى الأطراف المعنية ومنها سورية» وقوامها أن «تكرار مثل هذه الأعمال واستهداف شخصيات أخرى من المعارضة ومحاولة ضرب الأمن في لبنان ومنع إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وديمقراطية من غير وجود قوات أو أجهزة سورية في لبنان ومنع التغيير السياسي الذي نتوقع حصوله عبر الانتخابات يعني فتح الأبواب أمام كل الاحتمالات في ما خص سورية».

وأضاف المصدر أنه «يتعين على السلطات السورية أن تعي أن باريس التي قاومت حتى الآن أي توجه يتخطى أهداف استعادة لبنان لسيادته واستقلاله يمكن أن تغير رأيها وهي ترى أن أمام القيادة السورية فرصة للخروج من لبنان بأقل الأضرار وبشكل مشرف عبر تطبيق القرار الدولي بالكامل». وفي لهجة تعكس تحذيرا قويا، قال المصدر الفرنسي إن فرنسا «قاومت حتى الآن أصواتا تدعو لاستهداف سورية مباشرة، لكن لا يجب دفعنا الى وضع نغير فيه موقفنا، وإذا لم يفهم السوريون ذلك أو إذا حاولوا التلاعب والمماطلة فسيخسرون فرصتهم الأخيرة». وأكد المصدر الفرنسي الرسمي لـ «الشرق الأوسط» أن هذه الرسالة «وصلت بوضوح شديد للمسؤولين السوريين» إما مباشرة أو عبر وسطاء عرب لم يحددهم. ونقل المصدر الفرنسي الرسمي لـ «الشرق الأوسط» بعض ما تم تبادله في العشاء الذي ضم الرئيسين الأميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك في بروكسل اواخر الشهر الماضي حول لبنان وسورية. وقال إن شيراك قال لبوش ما معناه أن باريس «تعي أن اهتمام واشنطن الأول هو أن تغير نمط التصرف السوري في العراق والملف الإسرائيلي ـ الفلسطيني، بينما لبنان ليس من ضمن أولوياتكم». وأضاف شيراك: «لبنان، بالمقابل، أولوية بالنسبة إلينا. ورغم ذلك، نحن نستطيع الاتفاق والتفاهم، إذ أن حصول لبنان على سيادته واستقلاله يتناسب مع أهدافكم في المنطقة من جهة، كما أنه، من جهة أخرى، يسحب من أيدي سورية بعض قدراتها ووسائلها للتأثير على مجريات الأمور في المنطقة».

وأكد المصدر الفرنسي الواسع الإطلاع أن الرئيس شيراك شدد على «تطابق الأهداف» بين فرنسا وأميركا بخصوص لبنان، لكنه «أفهم» الرئيس بوش أن فرنسا «غير معنية» بإحداث تغيير في النظام السوري، إذ أن باريس «ليست عدوة لسورية»، كما «نصح» بوش «بعدم السعي لإحداث مثل هذا التغيير لسببين; الأول أن السوريين ليسوا جاهزين والتعرض للنظام سيدفع الى التفاف السوريين حوله، فيما السبب الثاني أن ذلك سيدفع الدول العربية الى توفير دعمها لسورية المعزولة حاليا، عربيا، بسبب لبنان».

وبحسب المصدر الفرنسي، فإن شيراك اعتبر اغتيال الحريري الذي كان صديقا شخصيا وحميما له، بمثابة «إعلان حرب عليه شخصيا ونكوث فاضح» بالتفاهم «الذي كان توصل إليه مع الرئيس السوري بشار الأسد حول لبنان».

وحول مضمون هذا التفاهم DEAL، فإنه يقوم على أن توفر باريس الدعم لسورية لجهة الدعوة الى حل سياسي شامل في المنطقة يشمل الجولان ومرافقة دمشق على طريق الانفتاح الاقتصادي والسياسي والدفاع عنها في المحافل الأوروبية والدولية وتفهم حاجاتها الأمنية والإستراتيجية في لبنان مقابل أن تعمل دمشق شيئا فشيئا وبالتدريج على تمكين اللبنانيين من استعادة استقلالهم السياسي وتخفيف وطأة اليد السورية على لبنان». وأضاف المصدر الفرنسي أن شيراك «صبر طويلا وراهن على الرئيس بشار الأسد الذي استقبله قبل أن يصبح رئيسا واستقبله بعد أن تسلم سدة الرئاسة وكان الى حد ما عرابه السياسي، والنتيجة أن ما كانت تتوقعه فرنسا ردا على موقفها الإيجابي من سورية لم يتحقق بتاتا بل حصل العكس تماما وهو تكلل بالتمديد للرئيس اللبناني إميل لحود ثم باغتيال الحريري». وأفاد المصدر أن السلطات الفرنسية «كانت على علم بالتهديدات المباشرة» التي تعرض لها الحريري. ويؤكد المصدر الفرنسي ان شيراك هو لحد الآن «أفضل محام عن نظام الرئيس الأسد بوجه المحافظين الجدد الأميركيين وأصحاب الخط المتشدد» ضد سورية في الإدارة الأميركية. وكشف المصدر المشار إليه أن الرئيس بوش «يتصل أسبوعيا بالرئيس شيراك للتشاور معه حول الشرق الأوسط وتحديدا حول لبنان، وهو يعترف أن شيراك أكثر خبرة ومعرفة منه بهذه الملفات». وبخصوص حزب الله الذي لم تقطع فرنسا الحوار معه، فقد أكد المصدر الفرنسي أن الرئيس شيراك «نجح في إحداث تغيير في موقف الرئيس بوش منه، كما أن فرنسا وقفت بوجه إدانته ووضعه على اللائحة الإرهابية الأوروبية. لكن بالمقابل يتعين على حزب الله ألا يكون أداة بأيد خارجية وأن يعي ضرورة ألا يسعى الى استخدام الوزن الذي يوفره له امتلاكه السلاح من أجل نسف اللعبة الديمقراطية وإجهاض الانتخابات وبلورة ميثاق وطني جديد بين اللبنانيين». وأكد المصدر الفرنسي أن باريس تريد إعطاء فرصة للتفاهم بين اللبنانيين حول حزب الله لأجل انخراطه بشكل كامل في الحياة السياسية اللبنانية، والرئيس شيراك الذي «ليس عدوا لحزب الله ينتظر أن يتصرف هذا الأخير بشكل مسؤول». وترى باريس أن أمام الأوروبيين «ورقة» للتعامل مع حزب الله هي إيران التي يتحاورون معها بخصوص برنامجها النووي. و يعتقد المصدر أن إيران التي توفر