مجلس الأمن يقرر إرسال 10 آلاف رجل إلى السودان لدعم عملية السلام في الجنوب

TT

قرر مجلس الأمن الدولي إرسال قوة من عشرة آلاف رجل الى السودان لدعم اتفاق السلام الذي وقع في يناير (كانون الثاني) الماضي لوضع حد لحرب أهلية استمرت 21 عاما في الجنوب، وكانت أطول صراع في أفريقيا. ويأتي هذا القرار بعد شهرين من عرقلته في مجلس الأمن بسبب خلافات حول الوسائل التي يجب اعتمادها لمعالجة العديد من المشاكل التي يشهدها السودان وتهدد بعرقلة عملية السلام. وتبنى مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه الـ15، القرار الدولي 1590 الذي قدمته الولايات المتحدة. وستكون مدة مهمة القوة التي يطلق عليها اسم «بعثة الأمم المتحدة في السودان» ستة اشهر في مرحلة اولى. وستتألف البعثة من عشرة آلاف رجل كحد أقصى و715 عنصرا من الشرطة المدنية. والمهمة الأساسية للقوة هي «دعم تطبيق اتفاق السلام» الذي وقع في يناير (كانون الثاني) بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان التي يتزعمها جون قرنق.

وتأخر قرار إرسال القوة لان مجلس الأمن كان منقسما حول جوانب أخرى من المشكلة في السودان والتي تناولها ايضا مشروع القرار الدولي. ولتجاوز المشكلة قررت الولايات المتحدة التي تقدمت بالقرار توزيعه على ثلاثة مواضيع منفصلة وتسريع الموافقة على قوة حفظ السلام بما أنها حظيت بالإجماع. والموضوعان اللذان يثيران خلافا يتصلان بمنطقة دارفور غرب السودان التي تشهد منذ عامين حربا أهلية تسببت بسقوط 180 ألف قتيل على الأقل، وفق إحصاءات الأمم المتحدة. وهما اختيار المكان المناسب لمحاكمة الأشخاص المشتبه في ضلوعهم في جرائم الحرب المرتكبة في دارفور وفرض عقوبات على أفراد.

وكانت لجنة تحقيق دولية من الأمم المتحدة توجهت الى دارفور وخلصت الى ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية وأوصت بإحالة المسؤولين عنها على المحكمة الجنائية الدولية. وأيدت 12 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس التي وقعت نظام روما وفي مقدمها فرنسا، مبدأ إحالة القضية على المحكمة الجنائية.

لكن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش تعارض هذه الإحالة على المحكمة خوفا من تعرض مواطنين اميركيين لدعاوى قضائية بدوافع سياسية من قبل معارضي سياسات الولايات المتحدة. وبدلا من المحكمة الجنائية الدولية، اقترحت واشنطن إقامة محكمة خاصة تعقد جلساتها في اروشا (تنزانيا). ويتناول مشروعا القرارين الاميركيين المنفصلين موضوعي العقوبات والمحكمة، ولا يحسم مشروع المحكمة بين الخيار الاميركي والإحالة على المحكمة الجنائية واقتراح ثالث تقدمت به نيجيريا ويقضي بتأليف لجنة أفريقية للمصالحة والعدالة.

من جهة ثانية، قررت فرنسا ان تطرح مشروعها الخاص المتعلق بالمحكمة مشددة على اللجوء الى المحكمة الجنائية. وهي تحاول دفع الاميركيين الى قبول هذا الخيار عبر ادراج فقرة في مشروع قرارها يشير الى ان رعايا اي دولة ليست موقعة لاتفاقية روما يرسلهم بلدهم الى السودان لعمليات تسمح بها الأمم المتحدة، لن تتم ملاحقتهم أمام المحكمة.

وذكرت مصادر دبلوماسية ان الولايات المتحدة لم ترضها هذه الفقرة وتأمل في استثناء رعايا في كل الأحوال وليس فقط في السودان، من المثول أمام المحكمة الدولية، وهذا ما ترفضه فرنسا والدول الأخرى. وأعلن السفير الفرنسي في الأمم المتحدة جان مارك دو لا سابليير انه سيطلب تصويت مجلس الأمن على مشروع بلاده الأربعاء المقبل. من جهته قال نظيره البريطاني ايمير جونز باري ان المجلس سيصوت الأربعاء ايضا على المشروع الاميركي حول العقوبات. وينص مشروع القرار الفرنسي على إحالة مرتكبي التجاوزات في دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية. وقال السفير جان مارك دو لا سابليير للصحافيين «أجرينا مشاورات مع الدول الأخرى الأعضاء في نظام روما»، واضاف أن «بعض الوفود طلبت منا عندما قدمنا مشروع القرار امس مهلة للتفكير وتلقي التعليمات». وأوضح ان فرنسا لا تنوي إدخال تعديلات على مشروع القرار. وتؤيد 12 من أصل الدول الـ15 الاعضاء في المجلس ووقعت نظام روما مبدأ إحالة القضية الى المحكمة الجنائية الدولية، وهو موقف ينطبق على توصية لجنة للتحقيق تابعة للأمم المتحدة قالت ان جرائم ضد الانسانية ارتكبت في دارفور. والى جانب الولايات المتحدة، هناك دولتان أخريان عضوان في المجلس لم توقعا اتفاق روما وهما الصين والجزائر.