المعارضة اللبنانية ترحب بتقرير لجنة تقصي الحقائق وأعضاء الحكومة المستقيلة ينتقدونه «سياسيا وتقنيا»

TT

قوبل تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بردود فعل متباينة في لبنان، ففيما رحبت به المعارضة بحرارة ورأت فيه تأكيداً على صوابية مطالبتها باقالة قادة الاجهزة الأمنية وتكليف لجنة تحقيق دولية بمتابعة الملف، سارع وزراء في الحكومة اللبنانية المستقيلة الى ابداء الملاحظات «التقنية والسياسية» على التقرير الذي وصفه بعضهم بأنه «اصاب حيادية الامم المتحدة ولا يمكن ان يخدم الحقيقة في جريمة الاغتيال».

وعقد وزيرا الخارجية محمود حمود والعدل عدنان عضوم مؤتمراً صحافياً مشتركاً تحدثا فيه عن التقرير الدولي، فعرض حمود بداية «الملاحظات السياسية»، معتبراً ان التقرير «جاء وصفياً». وقال: «نحن نرى ان هذا التقرير الوصفي ولا سيما في الجهة الأمنية فيه لا يمكن اعتباره تقريراً قضائياً، لأن للتقرير القضائي توصيفاً معيناً. والتقرير يصل الى خلاصات ولعلكم لاحظتم معي ان هذه الخلاصات لم تكن موثقة او مبنية على مستندات او على وثائق او على أدلة تؤدي الى مثل هذه الخلاصة»، مشيراً الى انه «لم تكن لهذه اللجنة صلاحيات تسمح لها بالوصول الى النتائج التي وصلت اليها ولا سيما الاقتراحات».

ورأى حمود ان الاسباب التي اوردها التقرير «فيها مساس بدور الدولة اللبنانية التي حققت استقراراً أمنياً كان موضع تقدير من مختلف الجهات الدولية ولا سيما، وليس حصراً، الانتربول الذي اشار في اكثر من مناسبة الى ان الأمن في لبنان مستقر بشكل يدعو الى الاعجاب ويختلف عن الكثير من الدول التي لها في الأمن مقدرة واجهزة وتجهيزات ليست متوافرة للبنان»، مشدداً على ان «لا علاقة لما جرى (حادثة الاغتيال) بالمناخ السياسي الذي ورد في التقرير وكأنه سبب لحادثة الاغتيال».

واستغرب حمود «تحميل المسؤولية للاجهزة الأمنية اللبنانية والمخابرات العسكرية السورية بسبب تقصيرها في ضمان الأمن والحماية وتطبيق النظام في لبنان، وذلك على رغم ان الأمن كان على مدى 15 عاماً مستتباً ومدعاة للاعجاب من جهات كثيرة». كما استغرب ان يرد في التقرير «ان الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الاساسية عن التوتر السياسي الذي سبق الاغتيال». ولم ينف حمود امكانية وجود ثغرات في التنسيق بين السلطات والاجهزة الأمنية، معتبراً انه «ليس هناك بلد في العالم ليس فيه ثغرات او نواقص يمكن اصلاحها واخذ الدروس مما يحدث».

اما الوزير عضوم فتحدث عن «الجانب التقني»، مؤكداً «ان السلطات اللبنانية القضائية والأمنية ساهمت بصورة فعلية وجدية في تسهيل عمل لجنة تقصي الحقائق، بحيث ان المساعدة تجاوزت حدود المهمة المعطاة لهذه اللجنة ومكنتها من القيام بأعمال تتجاوز التقصي وجمع المعلومات الى التحقيق. كما تمكنت بواسطة الاجهزة القضائية من خلال قرار قضائي صدر عن المحقق العدلي، من الاستعانة بخبرات اجنبية كان يجب الا يقبل بها الا من خلال صورة مستقلة عن عمل اللجنة كلجنة للتقصي. ولكن قبلنا متنازلين عن مبدأ السيادة بأن تكون الاعمال الفنية من اختصاص هذه اللجنة بحيث تمكنت من القيام بكل الاجراءات الفنية اللازمة من عملية اجراء معاينة فنية وفحوصات مخبرية وغيرها من الامور التي حددت طبيعة التفجير وكيفية حصوله ومادة التفجير».

واعتبر عضوم «ان ما جاء في هذا التقرير وثيقة أمنية متينة ولكن لا يمكن تصوره بانه وثيقة قضائية او قانونية»، مشيراً الى ان ما ورد في الوثيقة «هو فقط اشارة الى بعض الوقائع الفنية واستنتاجات شخصية لكاتبي التقرير من خلال المعاينات وسماع الناس وبعض الاجراءات التي مكن القضاء اللبناني هذه الاجهزة من القيام بها».

وقال عضوم: «اذا قرأتم التقرير تجدون ان اللجنة نفسها قالت انها وجدت قطعة من سيارة «الميتشوبيشي» كما وجدت آثاراً مرتبطة بمعدن معين الى جانب الحفرة ثم حصل غطس في البحر. في اليوم الاخير ما قبل اتمام المهمة نزل من القوات الأمنية اللبنانية غطاسون ومعهم غطاس سويسري من الخبراء الموجودين وجمعوا باقي قطع سيارة الميتسوبيشي التي كانت في البحر، ومن هنا جاء التقرير ليقول إنه على الارجح ان التفجير حصل في سيارة مفخخة. ونحن لدينا اكثر.. لدينا الصور من كاميرا بنك H.S.B.C تدل على هذه الشاحنة».

من جهته، انتقد وزير الداخلية سليمان فرنجية «اتهام جهة معينة بصورة دائمة، خصوصاً سورية، بكل ما يقع من احداث في لبنان». وقال فرنجية، في مؤتمر صحافي عقده امس: «ان الاجهزة الأمنية لا يجوز ان تحمل ما لا تستطيع حمله، فهي غير مهيأة لمواجهة اعمال أمنية من النوع الذي طال الرئيس رفيق الحريري».

وتساءل فرنجية عن لجنة التحقيق الدولية المقترحة وممن ستتكون «وهل سيكون اعضاؤها محايدين ام من الدول المعنية بالصراع اللبناني؟ هذا ما ستقرره الدولة اللبنانية ككل».

واعتبر انه «من غير المقبول اتهام اي جهة بجريمة اغتيال الرئيس الحريري من دون توافر المعطيات اللازمة لهذا الاتهام».

وفي المقابل، رحب المعارضون بالتقرير. واعتبره النائب نسيب لحود «مضبطة اتهام كاملة للنظام المخابراتي المشترك الذي تمارس عبره سورية وصاية غير مقبولة على كل مفاصل الحياة العامة في لبنان»، مشيراً الى انه «يؤكد ضرورة اجراء عملية اصلاح جذري للاجهزة اللبنانية ويقترح لها برنامجاً تفصيلياً. وهذا الامر يحيل مباشرة الى المطلب الرئيسي الآخر للمعارضة اللبنانية وهو رحيل قادة الاجهزة وتطهير تلك الاجهزة من كل العناصر المتورطة في الانتهاكات والانشطة غير الدستورية وايكال التحقيق الى هيئة دولية مستقلة».

واعتبر نواب «التكتل الطرابلسي» الذي يضم النواب محمد الصفدي ومحمد كبارة وموريس فاضل «ان تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق يضع لبنان امام حقائق جديدة اولها فقدان السلطة اللبنانية ثقة الشرعية الدولية بعدما فقدت ثقة الشعب اللبناني». كما رأوا «ان الاتهامات الخطيرة للاجهزة الأمنية بتحمل مسؤولية انعدام الأمن والحماية والقانون، تؤكد الحاجة الى هيئة تحقيق دولية مستقلة».

وأشاد النائب احمد فتفت تيار (الرئيس الحريري) بتقرير بعثة تقصي الحقائق الدولية. واعتبر ان «وضع النقاط على الحروف في كثير من القضايا. واضاء على مواقف حاولت السلطة تمويهها». ودعا قادة الاجهزة الأمنية «اذا كان لديهم ادنى احساس بالمسؤولية الى تقديم استقالاتهم فوراً ووضع انفسهم بتصرف القضاء الدولي». واستغرب فتفت «التضارب الظاهر بين موقف رئيس الجمهورية (اميل لحود) وموقفي وزيري العدل والخارجية في ما يخص لجنة التحقيق الدولية ونزاهة التقرير».