استمرار التساؤلات رغم تبرئة أنان في تحقيق «النفط مقابل الغذاء»

اتهامات للمدير السابق لمكتب الأمين العام بإتلاف مستندات البرنامج الإنساني للعراق

TT

في ضوء التقرير الذي أصدرته، أول من أمس، لجنة التحقيق المستقلة في مزاعم الفساد المحيطة ببرنامج «النفط مقابل الغذاء» في العراق، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، وكبار المسؤولين في المنظمة الدولية، أن نتائج التحقيق الذي قاده رئيس البنك المركزي الأميركي السابق، بول فولكر، بمثابة تبرئة كاملة لأنان من أي سوء فعل مرتبط بالبرنامج.

وأشار المسؤولون الى أن التقرير خلص الى عدم وجود أدلة كافية تشير الى أن الأمين العام للأمم المتحدة كان في موقع تضارب مصالح، نتيجة توظيف نجله، كوجو، في شركة كوتكنا السويسرية المتعاقدة مع الأمم المتحدة في اطار البرنامج الانساني. لكن الانتقادات الشديدة التي وجهها التقرير، في الوقت نفسه، الى الأمين العام لعدم تنبهه لاحتمال وجود حالة تضارب مصالح ولعدم قيامه باتخاذ الاجراءات اللازمة لتصحيح الموقف، من شأنها أن تثير تساؤلات داخل الأمم المتحدة وخارجها حول قدرة الأمين العام على دفع عملية الاصلاح بالشكل المطلوب.

وأثار تقرير فولكر الذي جاء في 90 صفحة، تساؤلات حول امكانية توصل اللجنة الى استنتاجات شافية في ظل ما كشف عنه التقرير من غياب أدلة هامة كان من شأنها أن تساهم في تسليط الضوء على هذه القضية، اذ أظهر التقرير أن المدير السابق لمكتب أنان، الباكستاني اقبال رضا، كان قد أمر بتدمير ملفات تتضمن وثائق متعلقة بالفترة ما بين 1997 و1999، وهي الفترة التي سعت فيها شركة كوتكنا الى الحصول على عقد من الأمم المتحدة، الأمر الذي تحقق عام 1998. وترى لجنة التحقيق أن قرار تدمير الوثائق مدهش لا سيما أنه جاء بعد يوم واحد من اصدار مجلس الأمن قراراً رحب فيه بقرار تعيين لجنة للتحقيق في برنامج «النفط مقابل الغذاء». ورغم تشديد فولكر على أن الأدلة لا تشير الى وجود تضارب في المصالح لعدم وجود «ادلة كافية» تظهر بشكل معقول أن الأمين العام كان على علم في عام 1998 بأن شركة كوتكنا كانت تحاول الفوز بعقد للاشراف على السلع الانسانية التي كانت تدخل العراق في اطار برنامج «النفط مقابل الغذاء»، الا أن ثمة انطباعا سائدا بين المراقبين بوجود ما يشير الى تضارب مصالح، لا سيما ما كشف عنه التقرير من هفوات في الذاكرة لدى الأمين العام عندما نفى، في البداية، أن يكون التقى بالمسؤولين في شركة كوتكنا. وقد اتضح، في ما بعد، أن أنان التقى مع مدير شركة كوتكنا، ايلي ماسيه، في ثلاث أو أربع مناسبات، ما قبل منح كوتكنا العقد وما بعد.

وحمّل التقرير نجل أنان، كوجو، مسؤولية الانطباع عن وجود تضارب في المصالح، «لاخفائه، بصورة متعمّدة، الطبيعة الحقيقية لاستمرار علاقته مع الشركة». ويقول فولكر ان كوجو رفض التعاون مع لجنة التحقيق والاجابة على أسئلتها منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال أنان انه يشعر بالارتياح لما توصلت اليه اللجنة، وان كان يأخذ انتقاداتها له على محمل الجد. ومن ضمن هذه الانتقادات قيام الأمين العام باجراء عملية تحقيق داخلية غير كافية لمعرفة الحقيقة في هذا الشأن.

وكان صدور التقرير أثار ردود فعل ايجابية لدى بعض الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، الذين اعتبروا أن «الوقت قد حان لوضع هذه القضية خلفنا ولاتاحة الفرصة للأمين العام للمنظمة الدولية أن يمضي قدماً في برنامج الاصلاح الذي تقدم به قبل عشرة أيام الى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكانت الادارة الأميركية، فور صدور التقرير، عبّرت عن دعمها للأمين العام. وشدّد أنان في ردّه على سؤال حول ما اذا كان ينوي الاستقالة على انه لا مجال لذلك على الاطلاق، وان ما يريد أن يفعله هو العمل على اصلاح المنظمة الدولية، واعداً بتبني أسلوب أكثر فاعلية وشفافية في ادارة الأمم المتحدة. ومن المتوقع أن يواجه الأمين العام أسئلة جديدة حول ادارة برنامج «النفط مقابل الغذاء» عندما يتم اصدار التقرير الثالث والنهائي للجنة التحقيق، في منتصف الصيف المقبل، والذي سينظر أيضاً في الدور الذي لعبه مجلس الأمن.