أمين عام الاتحاد الاشتراكي المغربي: جبهة البوليساريو فشلت عسكريا ودبلوماسيا.. وتحاول أن تجد لها موقع دعم في المغرب مستغلة أجواء الحرية

اليازغي: تجاوزنا مرحلة الحكومة الانتقالية.. وتعديل الدستور يجب أن يتم بتوافق تام مع الملك

TT

قال محمد اليازغي، الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، ان جبهة البوليساريو، الداعية لانفصال الصحراء عن المغرب، فشلت عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا في الخارج، وتحاول ان تجد موقع قدم لها داخل المغرب، مستغلة اجواء الحريات العامة السائدة في البلد، وضمنها حرية الصحافة.

واضاف اليازغي، الذي كان يتحدث صباح امس في لقاء بمنزله مع مجموعة من الصحافيين حضرته «الشرق الاوسط»، ان صوت بلاده اصبح مسموعا، وان العالم كله بات مقتنعا بحل سياسي تفاوضي لنزاع الصحراء، بدليل ان الامين العام للامم المتحدة عين ممثلا خاصا جديدا له، ما يعني في نظر اليازغي ان مخطط جيمس بيكر، وزير الخارجية الاميركي الاسبق، لتسوية النزاع، اصبح متجاوزا، موضحا ان مقررات مجلس الامن الاخيرة ذات الصلة تتحدث عن تقرير المصير الذي يراه المغرب ممكنا في اطار الجهوية التي ستمنح سكان المحافظات الصحراوية بمقتضاها صلاحيات تدبيرية محلية واسعة، وشدد في نفس الوقت على ان الانفصال ذهب مع التاريخ، وان الاستفتاء لم يعد واردا.

واشار اليازغي الى أن حزبه لا يحبذ ان يطلق نعت «مرتزقة» على عناصر جبهة البوليساريو، بل وصفهم بـ«الانفصاليين».

وفي نفس السياق، ساند اليازغي الرأي المنتشر في المغرب، رسيما وشعبيا، من كون الجزائر هي الداعمة لجبهة البوليساريو، اذ لولا ذلك الدعم لانتهت ازمة الصحراء منذ زمان، معربا ان يسهم اجتماع القمة الاخير، الذي جرى في الجزائر بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والعاهل المغربي الملك محمد السادس، في إحياء اجواء الثقة بين البلدين الجارين، متمنيا كذلك ان يساعد الوقت من وصفهم بـ«الاخوة الجزائريين» حتى يكونوا ايجابيين في تعاطيهم مع قضية الصحراء.

وفي معرض حديثه عن ظاهرة الصحافة التي توصف بـ«المستقلة» في المغرب، تمييزا لها عن الصحافة الحزبية، اوضح اليازغي ان الحزب الذي يقوده معتز ببروز الصحافة المستقلة في البلاد، مشيرا الى ان الصحافة الحزبية مظلومة بكل المقاييس، فالنعت الذي توصف به يتضمن معنى قدحيا، علما بانها هي التي ادت ثمن الدفاع عن الحرية، مستذكراً في هذا الاطار اساليب الرقابة التي كانت مفروضة في الماضي على الصحافة الحزبية، التي كانت تنتظر الاذن بالطبع من الرقيب، وفي حالة مخالفتها تتعرض للحجز.

واستشهد اليازغي بجريدة «المحرر» التي كان يديرها قبل منع صدورها، اذ لم تسمح السلطات الحكومية آنذاك لحزب الاتحاد الاشتراكي بمواصلة اصدار صحيفته بنفس الاسم المحظور، ما ترتب عنه اطلاق اسم الحزب على الصحيفة الحالية التي عوضت «المحرر».

وفي معرض تعقيبه على تجاوزات وانزلاقات مطبوعات توصف بـ «المستقلة»، قال اليازغي ان الحملات الصحافية المثيرة لا تفيد البلاد، مبرزا ان المؤسسة الملكية عنصر اساسي وضمانة لوحدة المجتمع المغربي ومناعته، معيدا الى الاذهان ان كتلة العمل الوطني في عام 1934، هي التي قررت الاحتفال بعيد العرش في المغرب، واطلقت اسم الملك على عاهل البلاد، الذي كان يسمى «السلطان»، ولذلك ـ يضيف اليازغي ـ فإن واجب الصحافة المستقلة يكمن في ان لا تكون سلبية في مواقفها، مقرّاً بحقها في الحفاظ على مسافة بينها وبين السلطة.

وبخصوص النظرة السلبية التي ينظر بها المغاربة الى حكومتهم، والتي تعكس الصحافة المستقلة بدرجات حدة مواقفها، اعترف اليازغي بوجود تقصير في التواصل الاعلامي بين الحكومة المغربية والرأي العام، مسجلا حدوث تغيير نسبي في الاعلام المرئي والمسموع، اذا ما قورن بالحالة التي كان عليها في بداية حكومة التناوب السابقة التي رأسها عبد الرحمن اليوسفي، وكان اليازغي عضوا فيها، ما جعله يطالب في مجلس حكومي بأن تلجأ الحكومة للتعريف بمنجزاتها الى استئجار وسيلة اعلامية اجنبية، لتقوم بالدور وفق شروط محددة.

وفي هذا الصدد، اعرب اليازغي عن يقينه ان الحكومة الحالية وكذلك التي سبقتها انجزت اوراشا كبرى وحققت اصلاحات عميقة سيطلع المغاربة عليها عند تقديم حصيلة عملها في انتخابات 2007، وهي تدعو للافتخار.

وفيما اذا كان تعاطي الصحافة المغربية سلبيا مع عمل الحكومة، وسيؤثر على المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، ذكر اليازغي ان الاعلام لا يعكس دائما صورة الناخبين وتصوراتهم، لكنه مؤمن في نفس الوقت بان حجم المشاركة في الانتخابات متوقف على درجة وكيفية التواصل مع من سيذهبون الى صناديق الاقتراع.

وتحدث اليازغي عن التهييء الجاري لمؤتمر الحزب، الذي وصفه في نفس الوقت بـ«العادي» و«الحدث المهم»، لانه سيواجه رهانات كبرى في افق انجاح الانتقال الديمقراطي، متمنيا ان تسفر الانتخابات المقبلة عن العودة الى الاحتكام للمنهجية الديمقراطية، والمتمثلة في تسمية رئيس الوزراء من الاغلبية البرلمانية، وهذا لا يتأتى إلا اذا افرزت صناديق الاقتراع اغلبية قوية، مشيرا الى ان حزبه، وحليفه حزب الاستقلال، اشترطا ان يتلازم قانون الاحزاب السياسية الجديد بإصلاح ومراجعة مدونة (قانون) الانتخابات ونمط الاقتراع.

ووصف اليازغي الاجواء السارية قبل مؤتمر حزبه بـ«الشفافة»، اذ لأول مرة في تاريخ مؤتمرات الاتحاد يتم عرض الوثائق الاساسية على قواعد الحزب لمناقشتها، قبل ان تصادق عليها اللجنة التحضيرية، مشيرا الى ان الاصلاحات الهيكلية التي سيقرها المؤتمر يفرضها التلاؤم بين الاختيارات المذهبية للحزب، من جهة، والتطور الذي يعرفه المغرب الذي يتجه نحو اعتماد الجهوية (المناطق) واللامركزية.

وضرب اليازغي بعض الامثلة للتدليل على تجديد الاساليب الحزبية، من خلال طريقة الانتساب الجديدة الى الاتحاد الاشتراكي التي اصبحت سهلة وشفافة، بينما كانت في الماضي محاطة بالسرية والحذر.

وجوابا عن سؤال حول ما اذا كان مؤتمر الحزب سيصادق على برنامج سياسي واقتصادي لخوض انتخابات 2007، اوضح امين عام الاتحاد الاشتراكي ان المؤتمر العام لا يصوغ برنامجا انتخابيا ولكنه يحدد التوجهات الكبرى التي يستند إليها البرنامج الانتخابي الذي سيصاغ في حينه، لكن اليازغي استبق الاحداث وقال ان البرنامج سيكون متسما بصفتي الطموح والواقعية.

وبخصوص المرحلة الانتقالية التي لاحظ سائلون ان امدها طال في المغرب اوضح اليازغي ان لكل بلد نموذجه الخاص به في الانتقال الديمقراطي، باعتباره «ليس بضاعة تشترى»، مسترجعا سياقات التوافق مع الملك الراحل الحسن الثاني التي افضت الى تشكيل حكومة التناوب التوافقي.

وعبر اليازغي عن اعتقاد حزبه ان المغرب تجاوز مرحلة الحكومة الانتقالية، وقال إن الحكومة الحالية مؤسسة على اساس دستوري، معربا عن الامل في ان تخوض «الكتلة الديموقراطية» التي تضم احزاب الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال، والتقدم والاشتراكية، غمار الانتخابات المقبلة، موحدة الرؤية، اما مسألة المرشح المشترك او عدمه فستناقش في حينها، على حد قوله.

وتعليقا على النقاش الدائر حاليا في المغرب والمطالبة باجراء تعديل دستوري، اوضح اليازغي ان حزبه مؤمن بان مراجعة وتعديل الوثيقة القانونية الاسمى، يجب ان يتما بتوافق تام مع الملك، داعيا الى مقاربة هذا الموضوع بهدوء حتى يتحقق الاقتناع التام بوجوب تعديل ما ينبغي تعديله من بنود الدستور.

واثار اليازغي، جوابا عن سؤال، موضوع انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب المغربي يوم 8 ابريل (نيسان) المقبل، في سياق الدورة الربيعية، فجدد ما سبق ان ادلى به من تصريحات في هذا الشأن، قائلا «ان منطق استمرار الاغلبية الحالية يقتضي التجديد للرئيس الحالي عبد الواحد الراضي» (نائب اليازغي في قيادة الاتحاد الاشتراكي)، نافيا علمه بما اذا كانت الاحزاب الاخرى الممثلة في المجلس، عازمة على تقديم مرشح بديل للراضي.