الجزائر: تحقيق حكومي يحمل الأمن «كأفراد» مسؤولية اختفاء 6146 مدنياً

TT

خلصت لجنة شكلها الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، امس، الى تحميل قوات الامن «كأفراد وليس كمؤسسة» مسؤولية اختفاء 6146 مدنيا خلال اعمال العنف التي عرفتها الجزائر في التسعينات.

وقال المحامي فاروق قسنطيني رئيس «الآلية الخاصة بالتحقيق في ملف الاختفاءات القسرية» للصحافة، أمس، ان «رجال الأمن مسؤولون عن اختفاء 6146 مدنياً». وكان قسنطيني يتحدث للصحافيين بمناسبة تقديمه نتائج التحقيق الى الرئيس بوتفليقة الذي يفترض أن يعلن عن اجراءات لفائدة عائلات المفقودين.

وقال قسنطيني لـ «الشرق الأوسط» ان التقرير الذي رفعه الى رئيس الجمهورية يقترح تعويضا ماديا لذوي المفقودين. ولم يكشف المصدر عن المبلغ الذي تعتزم السلطات دفعه للمعنيين بالأمر، لكنه قال ان «الدولة لا تستطيع ان تفعل أكثر من ذلك لمصلحة أسر المفقودين، ومن يرفض التعويض عليه أن يرفع شكوى أمام القضاء يحدد فيها الجهة التي يتهمها بالاختطاف». واكد قسنطيني الذي يرأس «لجنة ترقية حقوق الانسان» الحكومية، أن «التجاوزات التي ارتكبها أفراد الأمن تعكس تصرفات فردية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتهم الدولة او مصالح الأمن كمؤسسة أمنية باصدار أوامر بالخطف».

وكان الرئيس بوتفليقة قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2003 عن تشكيل آلية للبحث عن المفقودين، بسبب تزايد الضغط من جماعات حقوق الانسان في الداخل والخارج وتنامي احتجاج الأحزاب المهتمة بالقضية، وشكاوى المئات من أمهات المفقودين اللواتي كن يتظاهرن كل يوم أربعاء في العاصمة منذ 1998، للمطالبة بالكشف عن أماكن ذويهم الذين اختفى غالبيتهم بين عامي 1993 و1996. وكلف الرئيس، قسنطيني بقيادة التحقيق وأمهله مدة 18 شهرا لتقديم تقريره.

وفي أحد التجمعات التي نشطها الرئيس، مطلع عام 2000، رفعت امرأة صورة ابنها المفقود للفت انتباه بوتفليقة وراحت تبكي تعبيرا عن آلام فراقه، فرد عليها الرئيس قائلا: «حتى أنا أنتمي لعائلة بها مفقود، فابن أخي مفقود مثل ابنك».

ويشتد النزاع هذه الأيام داخل «جمعية عائلات المفقودين» بين جناح يرفض مبدأ التعويض المادي، على أساس أن السلطات «تريد شراء صمتهم» ويتمسك هذا الجناح الذي تقف وراءه أطراف سياسية بضرورة الكشف عن المتسببين في الاختفاءات القسرية، وجناح ثان يقبل بمبادرة التعويض من منطلق أن المشكلة لن تحل أبدا لو ظلت العائلات تطالب بالقصاص من خاطفي أبنائها. وطلب بوتفليقة يوم الثلاثاء الماضي من عائلات المفقودين «التنازل عن شيء من الحقوق لإنقاذ الجزائر» من تبعات استمرار الأحقاد. وقال ان «كظم الغيظ هو من شروط نجاح المصالحة الوطنية».

ويتردد في محيط الرئيس أن ملف المفقودين يعد آخر عقبة في طريق تنفيذ «العفو الشامل» الذي ينوي بوتفليقة اصداره عن طريق استفتاء شعبي لفائدة الضالعين في جرائم القتل والاغتصاب والاختطاف.