بعد إطلاق النار على مقره وحرق خيام للأمن الوطني في طولكرم

أبو مازن يأمر الشرطة باتخاذ إجراءات ضد المسلحين

TT

تواصلت مظاهر الفلتان الأمني وتهاوي هيبة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بتجرؤ مسلحين في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية على إطلاق النار على مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) في مقر الرئاسة (المقاطعة) في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية. اضافة الى ذلك، قيام مواطنين في مدينة طولكرم بمهاجمة حاجز للشرطة الفلسطينية في المدينة التي سلمت سلطاتها الأمنية مؤخرا للسلطة وحرق خيامه.

ووقعت هذه الأحداث بعد الاجتماع الذي عقد في وقت سابق من الاسبوع وضم قادة الاجهزة الأمنية مع ممثلي 70 من المطلوبين من كتائب الاقصى، للضغط عليهم من اجل إلقاء اسلحتهم. ومن بين الرجال السبعين 20 مطاردا لجأوا الى المجمع الرئاسي في رام الله منذ الأيام المبكرة للانتفاضة. وقدم لهم الرئيس الراحل ياسر عرفات الملجأ وسمح لهم عباس بالبقاء.

وبعد هذا التدهور الامني، أمر ابو مازن الاجهزة الامنية باتخاذ إجراءات أمنية ضد المسلحين الذين يتحدون مطالبه بالقاء اسلحتهم في اطار تحركات السلام التي اتفق عليها مع اسرائيل.

وقال متحدث فلسطيني ان ابو مازن اصدر امرا بمنع اي انتهاكات أمنية او اضرار بممتلكات المواطنين. واضاف ان وحدات الأمن نشرت لمنع وقوع هجمات اخرى.

وقالت مصادر فلسطينية ان عناصر من كتائب الاقصى عاثوا في مدينة رام الله فسادا، فاقتحموا العديد من المطاعم والمحلات التجارية وحطموا نوافذها، فيما تحدثت مصادر اخرى عن تعرض بعض المحلات للنهب.

واشارت المصادر الى ان المجموعة ترفض الاستجابة لطلب السلطة بنزع سلاحها ضمن التهدئة، وتطالب بحمايتها ومنح افرادها المستحقات المالية. واوضحت أن جميع العناصر كانت في الأساس في الأجهزة الأمنية.

من ناحيتها، قالت قيادة كتائب الأقصى إن افراد المجموعة التي قامت بعمليات العربدة في المدينة يرفضون العودة الى مواقعهم في الأجهزة الأمنية قبل التحاقهم بصفوف كتائب الاقصى، ويطالبون بتحسين ظروف وظائفهم في حال عادوا للعمل فيها.

وقالت المصادر ان ابو مازن كان موجوداً في المقر لحظة وقوع اطلاق النار، لكنه غادره بعد وقت قليل، ثم عاد اليه لإجراء مشاورات مع قادة الأجهزة الأمنية للتباحث حول سبل تطويق الأزمة. وحسب المصادر، فقد عاد العشرات من المسلحين الى مقر الرئاسة، وطلبوا الحديث الى ابو مازن وجها لوجه. إلا ان متحدثاً باسمه، اوضح لهم أن الشرطة ستمنع «تكرار هذه الجرائم»، على حد تعبيره.

وتعهد ابو مازن بتعويض اصحاب المحلات التجارية التي تعرضت للنهب. وهددت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في المدينة بأنها ستعمل على نزع سلاح كل المسلحين.

وقال ناطق باسم السلطة الفلسطينية في بيان رسمي أن مجموعة مسلحة، قامت الليلة قبل الماضية بالاعتداء على بعض المحلات العامة في رام الله، وذلك بهدف «التخريب والإساءة إلى الأمن». وحسب البيان، فقد اتخذت السلطة إجراءات عاجلة «لضبط الأمن وردع المسيئين، وحماية الممتلكات العامة، وقامت أجهزة الأمن بنشر وحدات لوقف أي اعتداءات جديدة».

من ناحيتها، نقلت الإذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية عن مصادر في قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال قولها ان اعمال العربدة جاءت في اعقاب توجه ابو مازن لاخراج المطلوبين من مقره، الذي كان يتخذونه ملجأ لهم خوفا من عمليات الاستهداف الاسرائيلية. وفي شمال الضفة الغربية، اشعل عدد من المسلحين يعتقد انهم من سارقي السيارات او تجار المخدرات، فجر امس، النار في خيام يستخدمها افراد الامن الوطني الفلسطيني الذين يحرسون حاجزا امنيا، على طريق شويكة ـ طولكرم، للاستراحة. وقال مصدر فلسطيني في المدينة لـ«الشرق الاوسط» ان عملية حرق الخيام تمت عندما أطلق رجال الشرطة النار على سيارة يشك في انها مسروقة او تحمل مخدرات، رفضت الانصياع لأوامرهم بالتوقف.

فتبادل من في السيارة اطلاق النار مع الشرطة التي تمكنت من اصابة احدهم، واثر ذلك اشعل المسلحون النار في الخيام التي يستخدمها رجال الشرطة للاستراحة. كذلك اطلق المسلحون النار على مركز للشرطة في شمال شرقي شويكة. وتمكن رجال الشرطة من اعتقال جميع المعتدين باستثناء واحد لا يزال البحث جاريا عنه. واستنفرت قوات الشرطة والأمن الوطني حيث جرت مضاعفة الاعداد على الحواجز وداخل المدينة. وحرص وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز الذي يزور واشنطن حالياً على استغلال الحادثين لمهاجمة ابو مازن. فقال ان هذه الحوادث تدل على عدم قيام ابو مازن بمسؤولياته في مجال مكافحة الارهاب، زاعماً بوجود هوة كبيرة تفصل تصريحات ابو مازن عما يقوم به من عمليات على أرض الواقع. واضاف موفاز «لقد قدمنا للسلطة الفلسطينية قائمة مكونة من 17 مطلوبًا فلسطينيًا موجودا في أريحا، وقائمة أخرى من 35 مطلوبًا في طولكرم من أجل نزع أسلحتهم، إلا أن السلطة لم تتخذ أي خطوة حيال هذا الأمر». وهدد موفاز أنه إذا لم ينفذ الجانب الفلسطيني ما التزم به في إطار الاتفاقات مع إسرائيل، فإن عملية الانسحاب من المدن الفلسطينية لن تستمر.

يُذكر أن نشطاء من كتائب الأقصى قاموا قبل أكثر من شهر بفض اجتماع لكوادر من حركة فتح اجتمعوا للمطالبة بإجراء إصلاحات في اطر الحركة لا سيما اللجنة المركزية. وتعتبر مدينة رام الله مركزاً تقليدياً لنشطاء كتائب الأقصى، والذين عادة ما يتجرأون على السلطة.