تيري شايفو الأميركية تفارق الحياة بعد أن أثارت جدلا حول الموت الرحيم

بوش: الولايات المتحدة تشعر بالحزن على وفاتها

TT

توفيت تيري شايفو الاميركية (41 عاما)، التي عانت لاكثر من 15 سنة من فقدانها للادراك بعد اسبوعين من وقف اجهزة التغذية، وبعد ان اثارت قضيتها جدلا حول «الموت الرحيم» في الولايات المتحدة، على اثر تعرضها في 25 فبراير (شباط) عام 1990 لنوبة قلبية حادة، ادت الى حدوث نقص حاد في تزود دماغها بالاوكسجين والى تلف في المخ، وأطلق العلماء على حالة غيبوبتها الطبية «حالة فقدان الادراك المتواصل».

ولم يكن اطباء الاعصاب سعداء ابدا بالمعركة القضائية التي دارت بين زوجها ووالديها، حول نزع انبوبة التغذية التي تمدها بالحياة، او ابقائها على قيد الحياة والتي انتهت بفوز زوجها ووفاة زوجته، لأن هذه المعركة التي اتخذت ابعادا حقوقية وسياسية ودينية، أقصت الجانب العلمي لهذه الحالة الطبية.

ويعرف العلماء جيدا انه وبالرغم من محدودية فهم العلم والطب لحالات تلف الدماغ، فانه لم تسجل حتى الآن عودة اي مصاب بـ«حالة فقدان الادراك المتواصل» الى وعيه الطبيعي وادراكه، وبمعنى اخر ليس هناك أي امل في شفائه، وذلك على عكس المرضى الآخرين الذين يصابون بالغيبوبة في حالة مماثلة يطلق عليها «حالة الوعي الأدنى».

وكانت حالة شايفو مستعصية حقا، فقد وقعت في غيبوبة، وكان بإمكان أي مريضة في حالتها تلك ان تفتح عينيها، أو تتحرك فجأة او تئن وتصرخ، الا انها لا تستطيع الاستجابة الى الاوامر او الى أي طلب بتحريك عينيها، وكلما طالت فترة مثل هذه الغيبوبة قلت فرصة عودة المريضة الى وعيها الكامل، وظلت شايفو في هذه الحالة لمدة 15 عاما. الا ان بعض المرضى يمكنهم احيانا تنفيذ اعمال عند طلبها منهم، مثل الامساك بقدح ماء، ذلك ان تلف الدماغ لديهم لم يؤثر على بعض اجزائه وخاصة على القدرة على الحس، وهذه هي حالة «الوعي الأدنى» التي يمكن للمريض فيها ان يشفى او ان تتدهور وضعيته نحو «حالة فقدان الادراك المتواصل». وتقع حالة «الوعي الأدنى» كما يقول اطباء الاعصاب «عند حدّ السكين». وتتمكن أجهزة مسح الدماغ المتطورة حاليا التمييز بين الحالتين.

وبعد ان ظلت القضية سبع سنوات امام القضاء، حصل زوجها مايكل شايفو على اذن من القضاء بانتزاع انبوب التغذية الذي كان يبقي زوجته على قيد الحياة، وذلك خلافا لرغبة والديها بوب وماري شيندلر. وقال الراهب بول اودنل الذي يقول بأنه المرشد الروحي لعائلة شيندلر ان والدي شايفو وشقيقها لم يكونوا في غرفتها عندما لفظت انفاسها الاخيرة.

وفي الفاتيكان، قال الكاردينال ريناتو مارتيني رئيس المجلس الحبري للعدالة والسلام قبيل الاعلان عن وفاتها «ان المنطق قبل الرحمة (..) ومبدأ الاحترام الواجب لكل انسان، يؤكدان على ضرورة تجنب ما يمثل جريمة في الواقع بعيدا عن محاولات تجميل العبارات، وبالتالي فانه يستحيل ان نقف مكتوفي الايدي امام هذا الفعل دون ان نصبح متواطئين فيه».

واضاف الكاردينال عبر اثير اذاعة الفاتيكان «ان نزاع شايفو المؤلم والرهيب (..) يجب ان يثير انتفاضة انسانية للحؤول دون وقوع مأساة باتت محتمة».

ومن جانبه اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش ان الولايات المتحدة تشعر «بالحزن» لوفاة تيري شايفو وتؤكد تمكسها مجددا بـ«ثقافة الحياة». وقال بوش «ان ملايين الاميركيين يشعرون اليوم بالحزن لوفاة تيري شايفو»، وقدم تعازيه لوالديها. وقال اثناء تصريح في البيت الابيض «اني اثمن مثال الرحمة وعزة النفس الذي يتحليان به في هذه الاوقات الصعبة. ادعو كل الذين يكرمون تيري شايفو الى مواصلة بناء ثقافة الحياة التي تتسع لكل الاميركيين وتحميهم وخصوصا اولئك الذين يحتاجون لرأفة الاخرين». واضاف «ان جوهر المدنية هو واجب حماية الضعفاء. في الحالات التي تسودها تساؤلات وشكوك، يجب ترجيح كفة الحياة».