تقرير أعد لرامسفيلد يتهم «البنتاغون» بسوء التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في العراق

قال إن وزارة الدفاع لم تخطط «لضمان أمن الشعب العراقي»

TT

تضمنت دراسة حول العمليات العسكرية الأميركية في العراق انتقادات حادة لمحاولات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في العراق. وأشارت الدراسة، التي جرى إعدادها لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، الى ان قضايا الاستقرار وإعادة الإعمار في العراق «تم التعامل معها بصورة عامة» ولم يحدث «أي تخطيط لضمان أمن الشعب العراقي». وقالت الدراسة، التي أعدتها مجموعة راند الأميركية المستقلة للبحوث والتحليلات، ان تجربة الولايات المتحدة في العراق سلطت الضوء على نزعة البنتاغون الى «عدم استيعاب الدروس التاريخية» في مواجهة التمرد في العراق. وأشارت الدراسة أيضا الى الافتقار الى التنسيق السياسي ـ العسكري و«معلومات استخبارية يجري التحرك اعتمادا عليها» في حملة مواجهة التمرد، كما حثت الدراسة ايضا على ايجاد «كادر من المختصين في مواجهة التمرد». وعلى الرغم من ان التقرير أشار الى ان القوات العراقية المتواضعة التدريب والتجهيز لا تضاهي القوات الاميركية، فإنه اكد ايضا على ان النزاع كشف بعض المشاكل داخل الجيش الاميركي تحتاج الى معالجة. وتضمنت نتائج الدراسة ان «ثمة حاجة الى التغيير والتعامل على نحو عاجل لعلاج هذه المشاكل». جدير بالذكر ان رامسفيلد، الذي تسلم التقرير الشهر الماضي، ارسله الى اعضاء هيئة الأركان المشتركة وقادة مدنيين في المؤسسات العسكرية وكتب عليه تعليقا يقول ان «توصيات مؤسسة راند تستحق منا اهتماما خاصا»، كما حدد ايضا يوم اول من امس كآخر موعد لتلفي التعليقات على التقرير ونتائجه. وأضاف انه طلب من نائبه السابق، بول وولفويتز، جمع الأطراف مع بعضها بعضا و«مناقشة التغييرات المناسبة التي يمكن إجراؤها». وتطابق بعض نتائج التقرير المذكور نتائج دراسات داخلية سابقة أجراها البنتاغون. إلا ان تضمين هذه النتائج في ورقة اعدت مباشرة لدونالد رامسفيلد تعطي النتائج والتوصيات اهمية إضافية. وقال برايان ويتمان، المتحدث باسم البنتاغون، ان التقرير يسلط الضوء على بعض الدروس المهمة المستفادة، إلا انه لا يزال قيد النظر بواسطة وزارة الدفاع. وفي سياق إدارة حرب العراق، أشار التقرير الى ان الضربات الجوية الاولى التي اطلق عليها اسم «الصدمة والرعب» لم تؤد الى إسقاط النظام العراقي بالصورة التي كان يأمل فيها مؤيدو استخدام القوة الجوية. وأورد التقرير ايضا ان «الهجمات التي شنت على مواقع النظام العراقي، مثل مراكز القيادة والبنيات التحتية، أحدثت إرباكا لكنها لم تقض على مقدرة القادة العراقيين على الاتصال بالشعب العراقي وقوات الجيش». وأوصى التقرير بضرورة التعامل بعناية فيما يتعلق بالتوقعات ازاء ما يمكن ان تحققه الضربات الجوية على أهداف النظام الحاكم. ويقول التقرير ايضا ان هجمات طائرات الهليكوبتر الأميركية على القوات العراقية «ثبت انها كانت محفوفة بالمخاطر»، وأشار على وجه التحديد الى تعرض وحدات أباتشي الى نيران القوات العراقية من مواقع داخل مناطق سكنية. وقال التقرير انه على الرغم من ان خططا وضعت لتنفيذ هجمات، فإنه لم تنفذ عمليات هجومية مما أثار تساؤلات حول استخدام المروحيات لتوجيه ضربات الى أراضي العدو.

وأشار التقرير ايضا الى تقصير في جمع المعلومات الاستخباراتية. فأجهزة الاستطلاع والمراقبة الجوية «فشلت في الكثير من الحالات في رصد او تحديد موقع او التعرف على المقاتلين العراقيين الذين يتحركون في سيارات مدنية او يختبئون في أحياء سكنية مأهولة». وحتى «عندما ترد معلومات حول مواقع للعدو، فإنها لا تصل الى المراتب القيادية الدنيا تبعا للتسلسل القيادي التراتبي. ففي الوقت الذي يتلقى فيه قادة الفرق العسكرية المعلومات الاستخبارية بصورة جيدة، لا يتلقى القادة الميدانيون «معلومات استخباراتية محددة، وتتحرك الوحدات على وجه السرعة عندما تتلقى معلومات بغرض الاستفادة منها، إلا ان المعلومات لا تكون في بعض الأحيان مفصلة على النحو المطلوب»، حسبما اورد التقرير. وتقول الدراسة ايضا ان تقييم الضربات الهجومية الاولى لم يكن دقيقا بسبب «رداءة الطقس والندرة في انظمة الرصد والمراقبة وعدم كفاية المعلومات الواردة، ونتيجة لذلك شنت الطائرات الحربية الاميركية هجمات على اهداف «غير ضرورية»، فضلا عن ان القوات البرية لم تكن لديها معلومات حول القوات العراقية على طول خط التقدم برا. وورد في التقرير ان صعوبات جمع وتوزيع المعلومات من اجهزة المراقبة والرصد الجوية استمرت خلال عمليات مكافحة التمرد في العراق. وفي هذا السياق أوصى التقرير بالتعامل بحذر ازاء الاستمرار في برامج مكلف اطلق عليه «أنظمة القتال المستقبلية» تستخدم فيه مجموعات من المركبات العسكرية المقاتلة الخفيفة والروبوتات التي تعتمد بصورة اساسية على شبكات انظمة المعلومات.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»