مجلس الأمن يحيل 100 مسؤول سوداني إلى محكمة جنائية دولية بلاهاي بشأن دارفور ويستثني الأميركيين

مندوب السودان لدى الأمم المتحدة: أصحاب العضلات بإمكانهم الحصول على إعفاءات

TT

تبنى مجلس الأمن الدولي مساء أول من امس قرارا جديداً بشأن السودان، يجيز إحالة مرتكبي «جرائم ضد الانسانية» في إقليم دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، مما يضع حدا لمناقشات ماراثونية استمرت اسابيع مرتبطة بمعارضة واشنطن لهذه الهيئة القضائية. لكن المجلس استثنى مثول الأميركيين ممن قد يتهمون في السودان في اطار بعثة الأمم المتحدة او الاتحاد الأفريقي، أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما أثار حفيظة منظمات حقوقية اعتبرت ان المجلس يكيل بمكيالين في إصدار قراراته. وقال المندوب السوداني الفاتح عروة في هذا الخصوص ان «اصحاب العضلات بإمكانهم الحصول على إعفاءات». وسيمنع الإعفاء المحكمة الجنائية الدولية او محاكم من اي دولة اخرى من محاكمة أي مواطن اميركي او مواطن من اي دولة اخرى بالسودان ليست طرفا في المحكمة، وهو «الشرط» الذي وضعته الولايات المتحدة، لتمرير القرار، وعدم استخدام حق القيتو ضده. وتبنى المجلس القرار، وهو مشروع بريطاني بـ11 صوتا من اصل 15 وامتنع 4 اعضاء عن التصويت هم: الجزائر والبرازيل والصين والولايات المتحدة، بعد شهرين من تحقيق دولي اكد ارتكاب جرائم ضد الانسانية في الإقليم السوداني المضطرب. وسيتيح القرار للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بان تلاحق المسؤولين وعددهم نحو 100، عن عمليات القتل والاغتصاب والنهب التي تجتاح منطقة دارفور السودانية حيث قتل حوالى 300 الف شخص (تقدير الامم المتحدة) خلال ما يقارب عامين من القتال بين المتمردين المحليين من جهة والحكومة والميليشيات التابعة لها من جهة اخرى. واعتمد المجلس قراره تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو فصل العقوبات، وسيقوم بإحالة أسماء المتهمين الذين لم يكشف النقاب عنهم، إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليقوم باستدعائهم. وهذا هو اول قرار يتخذه مجلس الأمن، يحيل فيه متهمين الى المحكمة الجنائية، ويعتبر خطوة أولى أساسية باتجاه تثبيت شرعية المحكمة التي صادقت على معاهدتها أكثر من 90 دولة. وطلب مجلس الأمن من الحكومة السودانية ومن جميع أطراف الصراع الأخرى في دارفور أن تتعاون تعاونا كاملا مع المحكمة والمدعي العام وأن تقدم إليها كل ما يلزم من مساعدة عملا بهذا القرار. وأكد المجلس على أن الدول غير الأطراف في نظام روما الأساسي لا يقع عليها أي التزام بموجب النظام الأساسي لروما، وفي الوقت ذاته حث جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى المعنية على أن تتعاون تعاونا كاملا. وعارضت واشنطن بشدة المحكمة الجنائية الدولية، خوفا من ملاحقة مواطنيها وقواتها المنتشرة في ارجاء العالم. وقالت القائمة بأعمال البعثة الأميركية في الأمم المتحدة السفيرة آن باترسون «إن الولايات المتحدة مصممة على فعل شيء ما في السودان وأنها لا زالت تعارض جوهريا أن يكون بإمكان المحكمة الجنائية الدولية ممارسة سلطة على مواطني دولة غير منضمة لمعاهدة روما». ومضت تقول «لقد قررنا عدم معارضة القرار لأن على المجتمع الدولي أن يعمل معا بغية وضع حد لأجواء الإفلات من العقاب في السودان». وأدرك السفير الفرنسي جان مارك دي سابليير أهمية تغيير الموقف الأميركي، وقال أنا «أتفهم أنهم (الأميركيون) بذلوا جهودا كبيرة من أجل تمرير هذا النص». ولم يكن للفقرة السادسة من منطوق القرار أية علاقة بدارفور وإنما وضعت لإرضاء الولايات المتحدة، والتي تؤكد خضوع أفراد الدول التي لم تصادق على اتفاقية المحكمة الجنائية للقوانين الداخلية المحلية. وقد اعترضت بعض الدول على هذه الصيغة لأن قوانينها تسمح بمحاكمة الأجانب المتهمين بارتكاب جرائم جنائية، وهذا ما يفسر قرار فرنسا سحب اسمها من القرار الذي قدم في اللحظة الأخيرة تحت اسم بريطانيا. وانتقد عروة بشدة قرار مجلس الأمن، قائلا ان هذا القرار يثبت كيفية استخدام المحكمة الجنائية الدولية كسلاح ضد الدول الفقيرة «وان اصحاب العضلات بإمكانهم الحصول على اي اعفاءات يريدونها». واضاف «إن الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية هي أداة لممارسة التفوق الثقافي وفرض ثقافة المتفوقين»، واعتبر القرار تجاوزا للموقف الأفريقي، وقال «إن العدالة هنا سلعة عظيمة تستخدم لخدمة الشر».