اتصالات بين الجيش ومسلحي «السلفية» في شرق الجزائر تمهيدا لـ«العفو الشامل» والحكومة تعلن عن قانون لمحاربة الفساد

TT

بدأ الجيش الجزائري في إجراء اتصالات مع قادة جماعات مسلحة ينشطون في شرق الجزائر، تمهيدا لنزولهم من الجبال وانخراطهم في ديناميكية «العفو الشامل»، وهو مشروع سياسي ينوي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تنفيذه لطي صفحة الآلام. وشاهد سكان مناطق الريف طائرات مروحية عسكرية تلقي آلاف النشريات فوق الجبال، تدعو «المغرر بهم إلى التوبة». وقالت مصادر أمنية من ولاية سكيكدة (550 كلم شرق العاصمة) إن ضابطا ساميا من الناحية العسكرية الخامسة (شرق البلاد)، دخل في اتصال غير مباشر مع مسلحين ينتمون لـ«الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، منذ أيام. وأوضحت ذات المصادر أن الضابط التقى مرات عديدة مع عائلات وأقارب المسلحين، وحملهم رسائل إلى ذويهم، لكن المصادر عجزت عن معرفة فحواها، والأرجح أنها تدعو المسلحين إلى التخلي عن نشاطهم مقابل الاستفادة من تدابير العفو الشامل، غير المعلنة حتى الآن. وجرت الاتصالات حسب المصادر، في بلديات بني يزيد وكركرة والزيتونة. ولاحظ سكان هذه المناطق حوامات تلقي أوراقا على معاقل المسلحين، كتبت عليها آيات قرآنية من سورة المائدة حول قتل النفس بغير حق. ودعت الوثيقة المسلحين إلى «استغلال الفرصة لتحرير أنفسهم من الخوف لاستعادة الأمل في الحياة». كما دعتهم إلى وضع ثقتهم بالسلطات «التي تتكفل باستقبال كل من يضع السلاح استقبالا لائقا». وفي ذات السياق، نقلت مصادر نشوب نزاع مسلح في صفوف الجماعات المسلحة في شرق البلاد، بين جناح تبنى الاتصالات الجارية مع السلطات العسكرية وآخر يرفضها، وأسفر ذلك عن مقتل مسلحين اثنين في ولاية سكيكدة، وامتد النزاع إلى مناطق القيادة العامة لـ«الجماعة السلفية» في بومرداس (50 كلم شرق العاصمة). ونقلت ذات المصادر عن مسلحين سلموا أنفسهم، قولهم إن عددا من المسلحين يحاولون التصدي لـ«حركة التوبة» التي تسري في الصفوف، وأنهم هددوا الراغبين في وقف النشاط المسلح بالقتل، ووصل الأمر إلى استصدار فتاوى تصف كل من يتصل مع السلطات بـ«المرتد». وثارت ثائرة القيادة العامة لـ«السلفية» عندما بلغها خبر«المفاوضات» التي أجراها قائد الجماعة سابقا، حسان حطاب، مع السلطات، والتي أفضت إلى إعلان رغبته في الانخراط في مسعى «المصالحة الوطنية والعفو الشامل». ووصفت «السلفية» في بيان نشرته أخيرا على موقعها الإلكتروني، المصالحة والعفو بـ«الخدعة التي تستهدف إيقاف الجهاد وتثبيط المجاهدين».

إلى ذلك، أعلنت الحكومة أول من أمس عن اعتماد مشروع قانون جديد لمحاربة الفساد. وقال وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز صاحب المشروع، إن الحكومة «عازمة على محاربة أوجه الفساد مثل الرشوة وعرقلة القضاء واستغلال النفوذ». وأوضح للإذاعة الحكومية أن القانون الجديد «لا يميز بين القطاع العام والقطاع الخاص». وأشار إلى أن القانون ينص على عقوبات صارمة ضد من تثبت ضده تهمة الفساد.

ويعتبر النص، حسب الوزير، «تعبيرا عن التزام الجزائر بالاتفاقية العالمية لمكافحة الفساد»، والتي تؤكد على التعاون القضائي بين الدول من أجل إلقاء القبض على المفسدين وتسليمهم للبلد الذي يطلبهم. ومن حق البلد وفقا للاتفاقية، استرجاع أمواله المختلسة من البلد الذي أودعت بنوكه.