الفاتيكان يهيئ لوفاة البابا ويعين 11 أسقفا جديدا

الفاتيكان ـ لندن: «الشرق الأوسط» ـ وكالات الأنباء

TT

شهدت الساعات الاخيرة من يوم امس تدهورا حادا في صحة البابا يوحنا بولس الثاني، واعلن وزير الصحة في الفاتيكان الكاردينال المكسيكي خافيير لوزانو للتلفزيون المكسيكي ان البابا يوحنا بولس الثاني «يحتضر». وقال الكاردينال في اتصال هاتفي اجرته معه قناة «تيليفيزيا» المكسيكية «نحن في مرحلة ما قبل الموت. البابا يحتضر، لقد تكلمت لتوي مع الاطباء في الفاتيكان وقالوا لي ان الوضع غير قابل للتحسن». واضاف الكاردينال ان «الامور تسير بشكل سيئ جدا» مؤكدا ان البابا كان ما زال يحتفظ بوعيه حتى الساعة الخامسة بعد الظهر بتوقيت غرينتش. وتابع الكاردينال المكسيكي ان «قوة كبيرة تتقد في قلب البابا لكنه الآن في نزاع حقيقي».

ونصح الاطباء الكاردينال بعدم التوجه الى الفاتيكان حيث «يسود الارتباك». وقال مصدر طبي لوكالة الانباء الايطالية امس، ان الوضع الصحي للبابا تدهور وانه لا أمل بعد الآن للحبر الاعظم في الحياة. وكانت محطة «سكاي تي جي 24» التلفزيونية الاخبارية اكدت قبيل ذلك ان البابا فقد الوعي. واكد طبيب التخدير فيسينزو كاربينو ان الحالة الصحية التي يتحدث عنها الفاتيكان تؤدي الى «فقدان الوعي». واضاف «في هذه الظروف لم يعد هناك امل والصورة التي تعرض تشير الى قصور وظيفي لكل الاعضاء».

وبحسب اختصاصي شؤون الفاتيكان في صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية، فإن يوحنا بولس الثاني، طلب ألا ينقل مجددا إلى المستشفى، وعبر عن رغبة أخيرة بأن «يموت بكرامة» في غرفته في الفاتيكان، المقابلة لساحة القديس بطرس. وأوضح طبيب الأعصاب الايطالي ستيفانو روجييري، أمس في صحيفة «كوريري ديلا سيرا»، أن التهاب المجاري البولية خطير بالنسبة لمريض مثل البابا مصاب بمرض باركنسون ويعاني من وهن عام، مشيرا إلى أن الالتهاب كان نتيجة صعوبات في البلع عانى منها يوحنا بولس الثاني، وأدت إلى حالة جفاف، وإلى التهاب في المثانة على الأرجح. وكان الأطباء يخشون الالتهاب المعمم الذي ظهر أمس وأدى إلى تسمم في الدم.

ووسط تدهور الحلة الصحة للبابا، أعلن الفاتيكان لائحة تتضمن تعيين 11 اسقفا جديدا وسفيرا بابويا، إضافة إلى استقالات كان البابا قد وقعها قبل تفاقم وضعه الصحي. وشملت اللائحة التي نشرها الفاتيكان وحملت توقيع البابا يوحنا بولس الثاني، ويعود تاريخها إلى شهر مارس (آذار)، تسمية 11 أسقفا جديدا ومدبرين بابويين (في أوزبكستان واستونيا) وسفيرين بابويين (في اليابان ونيوزيلندا). وعين البابا أيضا المونسنيور نيكولاس هوين فان نغي، في رتبة أسقف بان تتيت في فيتنام.

وقبل البابا من جهة أخرى استقالة الكاردينال ميغيل أوباندو برافو، من منصبه كأسقف ماناغوا، لأسباب تتعلق بتقدمه في السن. ويجمع الفاتيكان في غالب الأحيان وثائق عدة وقعها البابا منذ عدة أيام وحتى أسابيع لنشرها لاحقا في اوقات محددة مسبقا. وأثناء تلقي البابا في الفترات السابقة، في فبراير (شباط) ومارس، العلاج في مستشفى جيميللي، أعلن الفاتيكان مرارا تعيينات وقعها البابا، للإشارة إلى أن صحة البابا بخير، وأنه لا يزال في وسعه إدارة شؤون الكنيسة.

وبدأت الكنيسة الكاثوليكية تهيئ أتباعها لوفاة البابا، وتدعو في جميع أنحاء العالم إلى «الصلاة من أجل البابا الذي يعيش آخر لحظات حياته». وبحسب الدستور البابوي الذي أصدره يوحنا بولس الثاني عام 1996، تقام قداديس جنائزية عند وفاة البابا على مدى تسعة أيام، ويوارى البابا الثرى ما بين اليوم الرابع واليوم السادس الذي يلي الوفاة. وتحدد هذه الوثيقة المفصلة كل الإجراءات والممنوعات التي تلي وفاة البابا والمتعلقة بجنازته ودفنه وانتخاب خلفه.

وبموجب الدستور الفاتيكاني، يقوم الأسقف كامرلنغ، المكلف إدارة الممتلكات البابوية، والمسؤول عند شغور الكرسي البابوي عن دعوة مجمع كرادلة، بإثبات الوفاة رسميا، ويعلنها الكاردينال أسقف روما. ويقوم الكرادلة بعد ذلك بـ«تحديد يوم وساعة وطريقة حمل جثمان البابا إلى كاتدرائية الفاتيكان، حيث يسجى ليلقي عليه المصلون النظرة الأخيرة».

ويوارى البابا الثرى في كاتدرائية القديس بطرس إلا في حال نصت وصية بابوية على ترتيبات مخالفة. ويفيد عدد من مواطني البابا أن يوحنا بولس الثاني كان يود أن يوارى الثرى في بولندا، في مدفن عائلته قرب كراكوفيا. وستحسم المسألة عند وفاته إذا ما وضع وصية.

وأعلن الفاتيكان أمس أن بيانا جديدا عن الوضع الصحي للبابا يوحنا بولس الثاني سيصدر لاحقا.

وعلى اثر إعلان تدهور وضع البابا الصحي المفاجئ، اقيمت صلوات في أنحاء مختلفة من العالم، فيما قررت جميع الأحزاب السياسية الإيطالية أمس إلغاء التجمعات والنشاطات المقررة في نهاية الحملة للانتخابات المحلية في الثالث والرابع من أبريل (نيسان) تضامنا مع البابا يوحنا بولس الثاني. وفى بيت لحم، مهد سيدنا المسيح عليه السلام، يتابع الكاثوليك في الأراضي المقدسة بقلق كبير أخبار الوضع الصحي للبابا، وكانت الكنائس الكاثوليكية هناك تستعد لإقامة صلوات خاصة على نية صحة البابا.

وعند رحيل البابا، سيخلفه إيطالي على الأرجح، لكن ذلك ليس محسوما مسبقا إذ أن هناك عددا من الكرادلة والأساقفة، وبينهم أفارقة وأميركيون جنوبيون، مرشحون لتولي السدة البابوية بعد 26 عاما من حبرية البابا البولندي. وأكدت عدة مصادر من الفاتيكان فضلت عدم الكشف عن هويتها لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «خلافة يوحنا بولس الثاني، هي مسألة إيطالية بالدرجة الأولى في حال توصل الكرادلة الإيطاليين إلى الاتفاق على مرشح واحد». وقال أحد هذه المصادر «إن التوجه بعد يوحنا بولس الثاني سيكون نحو انتخاب بابا إيطالي بسبب العرف في الكنيسة، ولأن هذه الجنسية لا تزعج أحدا على عكس الوضع في حال انتخاب أميركي أو فرنسي أو ألماني». ويوحنا بولس الثاني هو البابا غير الإيطالي الأول منذ 455 عاما. وقال مصدر آخر «لست متاكدا من أن مجمع الكرادلة الناخبين (كل الكرادلة ما دون الثمانين من العمر) سيخاطر وينتخب أجنبيا. الإيطاليون قريبون من الكرسي الرسولي ويعرفون جيدا كيف تسير الأمور».

ومن أصل 117 كاردينالا، هناك 58 أوروبيا بينهم عشرون ايطاليا. وذكر أحد المصادر أن «كارول فويتيلا (البابا الحالي) انتخب عام 1978، لأن المرشحين الإيطاليين آنذاك رئيس أساقفة فلورانسا جيوفاني بيليني، ورئيس أساقفة جنوى غيسيبي سيري، لم يتمكنا من حسم المنافسة».

وتسلط الأضواء بشكل خاص على ثلاثة كرادلة، هم الإيطاليان ديونيدجي تيتامانسي وانجيلو سكولا، والاأماني جوزف راتزينغر. وتيتامانسي، 70 عاما، أسقف ميلانو كبرى، أبرشيات أوروبا، هو الأوفر حظا حاليا «لأنه راع ومفكر وسياسي في آن واحد، ولأنه من المقربين من يوحنا بولس الثاني، ويمثل استمرارية لخطه، ولكن مع أفكار جديدة»، كما قال مصدر من الفاتيكان.

أما «البابابيلي» الثاني، فهو بطريرك البندقية أنجيلو سكولا، 63 عاما، وهو يعد «معتدلا».