طالباني يردد بعد انتخابه رئيسا للعراق أغنية «كرد وعرب فد حزام»

الياور وعبد المهدي نائبان للرئيس والباجه جي يؤكد «مؤامرة تريد إبعادي عن المناصب الحساسة»

TT

مثلما توقعت «الشرق الأوسط» امس وبناء على اصرار «التحالف الكردستاني» و«الائتلاف الموحد» الشيعي على ترشيح جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني رئيسا للعراق ولعدم وجود أي منافس له في هذا المنصب، فقد انتخبت الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) أمس طالباني كأول رئيس دولة كردي في تاريخ العراق، والشيعي عادل عبد المهدي والسني الشيخ غازي عجيل الياور نائبين له.

وصوت 228 عضوا من اعضاء البرلمان الـ 257 الذين حضروا الجلسة لطالباني وعبد المهدي والياور، بينما امتنع 29 عضوا عن التصويت. وحال اعلان النتائج دوى تصفيق كبير في قاعة البرلمان، حيث قام الاعضاء الحاضرون بتقديم التهاني للفائزين الثلاثة.

كما عمت مدن كردستان وخصوصا في السليمانية معقل طالباني وكركوك التي يعتبرها الاكراد «قلب كردستان» واربيل التي يعتبرونها مركز كردستان، مسيرات واحتفالات.

وقال هوشيار زيباري وزير الخارجية المنتهية ولايته «هذه المرة الاولى التي يتم فيها انتخاب كردي لمنصب رئيس جمهورية العراق، لذلك فإننا نعتبر هذا الحدث تاريخيا».

من جانبه، اكد احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي ان «انتخاب طالباني اعاد الاكراد الى وطنهم العراق بعد 13 عاما من الانفصال بسبب حكم الرئيس المخلوع صدام حسين».

واضاف ان «طالباني يستحق هذا المنصب وترشيحه دليل على ان الاكراد جزء لا يتجزأ من العراق».

وقال طالباني في كلمة له بمناسبة فوزه «وعدا لكم عهد الرجال الاوفياء ان نبذل قصارى جهدنا لنبقى عند حسن ظنكم ونسمع آراءكم ونصائحكم وننفذ قراراتكم وان نسهم بجد واخلاص في ايجاد حكم ديمقراطي يوفر الحريات ويسعى لاجتثاث الارهاب الاجرامي والفساد الاداري وافكار العفالقة الفاشيستية ومفاهيمه العنصرية الطائفية».

ودعا طالباني جميع الدول الى «معاملة العراق معاملة كريمة وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والكف عن مساعدة الارهاب الاسود الذي يشن حرب ابادة جماعية ضد الشعب العراقي».

واوضح طالباني ان «العراق يسعى لاقامة علاقات متكافئة مع جيرانه رافعا شعار (نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا)».

وفي مؤتمر صحافي اعقب جلسات البرلمان قال طالباني معلقا ومذكرا بأغنية عربية كردية قديمة «كرد وعرب فد حزام» أي «في حزام واحد»، وفي رده على سؤال حول ما اذا كان سيبقى في الشمال ام في بغداد لادارة شؤون العراق، ضحك وقال «كيف اكون رئيسا للجمهورية العراقية وانا في شمال العراق». وتابع «الا اذا صار الى اتخاذ عاصمتين في العراق واحدة شتوية في الشمال وهي اربيل واخرى صيفية في بغداد».

وحول مسألة رفض الاكراد رفع علم العراق في كردستان، قال طالباني ان «الجمعية الوطنية ستختار علما جديدا للعراق، والعلم الموجود حاليا هو ليس علم العراق بل علم العفالقة» في اشارة الى ميشيل عفلق احد مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل، مشيرا الى ان الشعب العراقي اذا اصر على هذا العلم «فسوف نركع احتراما لارادة الشعب».

وردا على سؤال مشاكس «فيما اذا سيتزوج امرأة عربية» في اشارة واضحة الى الشيخ الياور الذي تزوج من كردية خلال فترة رئاسته المؤقتة، اجاب طالباني قائلا «اولا انا احب زوجتي الحالية.. ثانيا لا اعتقد ان هناك من هي افضل منها. ثم اني كبير في العمر». وأكد طالباني الذي بدا سعيدا جدا ان «يوم غد سيشهد عملية القسم القانوني يعقبها تكليف ابراهيم الجعفري بتشكيل الحكومة بالتشاور مع القوائم الفائزة في الانتخابات للوصول الى تشكيلة وزارية مقبولة من قبل الجميع».

وينص الدستور المؤقت الساري العمل به حاليا في العراق حتى وضع دستور دائم، على انتخاب المجلس الرئاسي بغالبية ثلثي اعضاء الجمعية الوطنية. ويعين المجلس بدوره بالاجماع رئيس الوزراء الذي يطرح عليه فيما بعد حكومته قبل طرحها على الجمعية الوطنية للموافقة عليها بالغالبية المطلقة، وهو يملك ايضا حق النقض على بعض القوانين.

واحتلت قائمة التحالف الكردستاني التي ينتمي اليها طالباني المرتبة الثانية في الانتخابات العامة التي جرت في العراق في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي بحصولها على 25% من الاصوات و75 مقعدا في الجمعية الوطنية العراقية. وقد رشحت القائمة زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني لتولي منصب رئيس الجمهورية العراقية، بينما رشح «الائتلاف الموحد» الشيعي الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس حزب الدعوة الاسلامية لمنصب رئيس الحكومة والدكتور عادل مهدي نائبا للرئيس. واختلف السنة العرب في ترشيحهم لنائب عربي سني نائبا للرئيس، اذ قال الدكتور عدنان الباجه جي ان العرب السنة كانوا قد اختاروه لمنصب نائب الرئيس «لكن ثمة مناورات ابعدته عن المنصب لصالح الياور الذي اصر «الائتلاف الشيعي» على ترشيحه لهذا المنصب بدعم من «التحالف الكردستاني» حيث نال مجلس الرئاسة غالبية اصوات الجمعية الوطنية امس.

وفي الوقت الذي قال فيه الباجه جي لـ«الشرق الأوسط» امس ان «مؤامرة تريد ابعاده عن المناصب الحساسة في العراق»، أكد مصدر مقرب من الياور ان «اجتماع العرب السنى أول من أمس رشح ثلاث شخصيات ليشغل احدهم منصب نائب الرئيس وهم الياور والباجه جي وعدنان الجنابي من غير ان يكون هناك مرشح اول وثان وثالث، بل كانوا متساوين في الترشيح وترك الامر الى الجمعية الوطنية التي اختارت الياور بسبب الاجماع على توليه هذا المنصب».

وكانت قوات من الجيش والشرطة والحرس الوطني العراقي واصلت لليوم الثاني على التوالي اتخاذ اجراءات أمنية مشددة في بغداد وخصوصا حول المنافذ المؤدية الى قصر المؤتمرات في «المنطقة الخضراء» حيث عقدت الجمعية الوطنية العراقية.