وفاة الأمير رينييه الثالث بعد أكثر من 55 عاما في الحكم

ابنه الأمير ألبير يعلن أميرا جديدا لخلافته على رأس الإمارة

TT

توفي الامير رينييه الثالث امير موناكو فجر امس عن عمر يناهز 81 عاما بمركز أمراض القلب والصدر في الإمارة. والامير رينييه الذي ادخل الى المستشفى منذ شهر لتعرضه لمضاعفات في جهاز التنفس، تدهورت صحته كثيرا منذ ان وضع في قسم العناية الفائقة في 22 مارس (اذار) الماضي. وعند اعلان الوفاة، قرعت اجراس كل الكنائس في الامارة.

ومنذ ان خضع لعملية جراحية في القلب عام 1994، ادخل الامير رينييه الى المستشفى عدة مرات، وخضع خصوصا في العام 2000 لعملية استئصال قسم من الرئة لوقف امتداد ورم سرطاني. وقد تدهورت صحته تدريجيا على مر السنين الى حين ادخاله مركز امراض القلب والصدر الشهر الماضى لاصابته بالتهاب رئوي. وهكذا يغيب الموت الأمير رينيه الثاني بعد حكم استمر اكثر من 55 عاما، في اطول فترة حكم في اوروبا، على عرش امارة كانت دائما مثارا للانتقاد والجدل في احيان كثيرة لقصصها الجذابة المختلفة.

وبعد 23 عاما على النهاية المأساوية لزوجته الممثلة الاميركية غريس كيلي اميرة موناكو التي توفيت في 14 سبتمبر (ايلول) العام 1982 في حادث سيارة، بقي الامير من غير زواج غير قادر على التغلب على حزنه، وقال اكثر من مرة انه لم ينس تلك المرأة، وانه لم يفكر بعدها في الزواج ثانية. وهو يرحل على هذه الحال ليدفن الى جانب المرأة التي احب تحت كاتدرائية موناكو. وموعد الجنازة الذي لم يعلن رسميا، يحدد عادة بعد ما بين سبعة وتسعة ايام من الوفاة حسب مصدر في القصر. ولحقت اللعنة الاسطورية التي سكنت أسرة غريمالدي على مدى سبعة قرون من حكم موناكو بفترة حكم رينييه. فالاميرة جريس قتلت في حادث سير في عام 1982، وابنتاه ستيفاني وكارولين عانتا سلسلة من الكوارث والعلاقات التي كانت محط انظار العالم. كما تحطم قلب رينييه بعد وفاة زوجته عندما انزلقت السيارة التي كانت تقودها على منحدر جبلي في عام 1982. وعندما خلف رينييه جده لوي الثاني، كانت موناكو تشتهر بنادي القمار الذي تحققت من خلاله ثروتها في القرن التاسع عشر.

وفي سنوات حكمه كرس الامير رينييه نفسه لتعزيز ازدهار امارته الصغيرة (2 كلم) والتي لها 34 هكتارا مطلا على البحر. فقد قام بتحويل مؤسسة عائلية وامارة معروفة بكازينوهاتها، الى مركز اقتصادي ومالي، وعزز سيادة موناكو التي نصت عليها معاهدة مع فرنسا عام 1917 فتم الاعتراف بمياهها الاقليمية ومجالها الجوي وحصلت على مقعد في الامم المتحدة، وصارت عضوا في مجلس اوروبا عام 2004. لكن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لا تزال تنتقد موناكو لكونها جنة ضرائبية رغم جهود الامارة في مجال مكافحة تبييض الاموال. وباعتباره اخر حاكم فرد في اوروبا، قاد رينييه موناكو الى عصر ناطحات السحاب والاعمال المصرفية الدولية.

وبحلول التسعينات كان الدخل من القمار يمثل أقل من خمسة بالمائة من دخل الامارة السنوي، وكانت الحصة الاكبر تأتي من ضرائب القيمة المضافة والسياحة والتجارة والصناعة. وتدفق على الامارة المليارديرات والمليونيرات الذين جذبهم غياب الضرائب على الدخل والحماية المكفولة بوجود رجال الشرطة وكاميرات الامن في كل شارع تقريبا. ويقول المنتقدون ان ازدهار سوق العقارات حول تلك المنطقة الجميلة من العالم التي يتكدس سكانها وعددهم 30 الف نسمة على مساحة نحو 500 فدان من الارض الى «مانهاتن صغيرة».

وموناكو تحكمها عائلة غريمالدي منذ العام 1297 حين استولى فرنسوا غريمالدي على الامارة من عائلة منافسة مع مجموعة من رجاله المقنعين كرهبان. ورينييه هو الامير الذي حكم لاطول فترة في العالم بعد ملك تايلند بوميبول ادوليادج (77 عاما).

وبعد رحيل الامير رينييه سيحل محله ابنه ألبير البالغ من العمر 47 عاما، الذي اصبح بحكم الواقع منذ مرض والده حاكما للامارة، وكان قد تولى مهام ادارة الامارة الاسبوع الماضي بعد أن تضاءلت الامال بشفاء الامير رينييه. والبير رجل خجول عاش في الظل بعيدا عن الاضواء المسلطة على والديه وشقيقتيه بينما كان يجري تأهيله ليتولى السلطة بعد والده باعتباره الابن الوحيد له. وارتبط بعدة عارضات ازياء وممثلات لكنه لم يتزوج. وهو مولع بالرياضة. وكان يحلم بأن يكون لاعب كرة قدم وشارك في سباق سيارات باريس داكار في عام 1985 وهو حاصل على الحزام الاسود في لعبة الجودو. ومثل موناكو في دورة الالعاب الاولمبية اربع مرات. وللامير البير شقيقة تدعى كارولين دو هانوفر (48 عاما) اكبر منه سنا، لكن الدستور في موناكو ينص على اعطاء الاولوية للوريث الذكر.

واولاد الامير رينييه ثلاثة، هم كارولين والبير وستيفاني (40 عاما). ويترك رينييه الذي ولد تحت اسم لويس هنري ماكسنس برتران غريمالدي سبعة احفاد: اربعة من ابنته الكبرى (اندريا وشارلوت وبيار والكسندرا) وثلاثة من الصغرى (لويس وبولين وكاميل) فيما بقي البير عازبا حتى الان.