الرئيس العراقي بعد تأدية القسم مع نائبيه: نريد دورا فاعلا للعراق في الجامعة العربية

طالباني يعرض عفوا عن المخدوعين والمنخرطين في الإرهاب

TT

أدى مجلس رئاسة الدولة المنتخب في العراق المتمثل برئيس الدولة الدكتور جلال طالباني ونائبيه الشيخ غازي عجيل الياور والدكتور عادل عبد المهدي أمس، اليمين القانونية في حفل التنصيب الذي أقامته الجمعية الوطنية في القاعة الرئيسية في قصر المؤتمرات في المنطقة الخضراء بجانب الكرخ من العاصمة العراقية بغداد، وسط أجواء حماسية مفعمة بالفرح ومستبشرة بإقامة أول تجربة ديمقراطية نتيجة انتخابات الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال حاجم الحسني رئيس البرلمان في كلمة له في بداية الحفل «ايها الشعب العراقي هنيئا لكم خياركم هذا وهنيئا للعراق وشعب العراق وارض العراق هذا الانجاز الكبير».

واضاف مخاطبا طالباني وعبد المهدي والياور «وانتم تتسلمون هذه المسؤولية الكبيرة، تعلمون ان المهمات أمامكم كبيرة، فالبلد يعم اجزاءه الخراب، ومعاناة المواطنين كبيرة وانتم اهل الفعل والتدبير والشعب ينظر اليكم».

ثم أدى الزعيم الكردي طالباني اليمين، رئيسا للعراق ليصبح أول رئيس غير عربي لدولة عربية وأول رئيس منتخب بالعراق منذ أكثر من 50 عاما.

وحلف طالباني، 71 عاما، اليمين في مراسم أقيمت أمام مئات من المشرعين والزعماء الدينيين والسياسيين، متعهدا بأن يعمل بإخلاص للحفاظ على استقلال العراق وسيادته والحفاظ على نظامه الديمقراطي والاتحادي. كما تعهد بالعمل على الحفاظ على جميع الحريات واستقلال القضاء واحترام جميع القوانين. واستقبل طالباني بعاصفة من التصفيق بعد أن أدى اليمين ورفع ذراعيه في علامة النصر. وحلف اليمين بعده مباشرة نائباه غازي الياور وعادل عبد المهدي.

وعرض الرئيس العراقي الجديد جلال طالباني أمس عفوا عن العراقيين «المخدوعين والمنخرطين في الارهاب»، من اجل «اعطائهم المجال» للانخراط في العراق الجديد. وقال طالباني بعد أداء القسم «يجب علينا ايجاد سياسة سلمية مع العراقيين المخدوعين والمنخرطين في الارهاب والعفو عنهم».

واضاف انه يجب ايضا «دعوتهم للمشاركة في المسيرة الديمقراطية واعطاء المجال للاستفادة من الحريات الموجودة حتى في دعوتهم الى ما يسمونه، جلاء القوات الاجنبية وقوات الاحتلال».

واضاف «اما الارهاب المجرم المستورد من الخارج والمتحالف مع العفالقة المجرمين، فلا بد من التصدي لهم بحزم لعزلهم عن الناس لتطهير المناطق المبتلية باجرامهم ووجودهم».

وقال طالباني «من اجل ايجاد هذه المهمة فلا بد من سياسة اعلامية وحرب فكرية ضدهم ولا بد من الوصول الى اتفاق مع الاشقاء العرب ليكفوا عن الاسناد الاعلامي لهم، والدعم المالي والتسليح والتدريب ».

وتابع «لا بد اخيرا من تحقيق المصالحة والاتفاق والتعاون مع الاخوة العرب السنة المؤمنين بالمسيرة الديمقراطية وتحقيق حقوقهم المشروعة».

ودعا طالباني الى «العفو عن العراقيين المستعدين للاسهام في المسيرة الديمقراطية هذه، اذ لا يمكن الاستغناء ابدا عن دور العرب السنة في العراق الجديد».

وقال اول رئيس عراقي منتخب منذ تأسيس الدولة العراقية «نجتمع اليوم لتأدية القسم لمجلس الرئاسة المنتخب من قبل الجمعية الوطنية بطريقة ديمقراطية بدون معارضة احد، ومن ثم تكليف مرشح الحكومة الجديدة لاستكمال العملية الدستورية وعرض الحكومة على الجمعية الوطنية، ونكون قد اكملنا السلطة التنفيذية بجانب الجمعية الوطنية وتحت اشرافها، لاستكمال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهي سلطات منفصلة عن بعضها ومرتبطة بعلاقات وعدم تدخل واحترام، وتعزيز السلطة التشريعية التي ستتولى سن الدستور عن طريق التوافق الوطني بين المكونات الرئيسية الثلاثة للمجتمع العراقي المتمثلة بالاكثرية الشيعية والعرب السنة والاكراد ومراعاة الاقليات الاخرى». واشار طالباني الى ان «الحقوق والحريات والاقتصاد الحر ومبادئ حقوق الانسان من صلب مقومات الدستور للشعب الذي تتحد فيه القوميتان الرئيسيتان الكردية والعربية وبدون تمييز عن سائر مكونات الشعب الاخرى». واكد الرئيس العراقي اهمية القضاء على الارهاب الذي يعرقل البناء، وخاصة في المناطق المبتلية «بآفة الارهاب، والامل الكبير في القضاء عليه لتحقيق الأمن والاستقرار وتأمين الحياة وبناء اقتصاد البلاد وتحقيق الازدهار والتقدم الاجتماعي، لان البعث العفلقي نفذ تهديده بالخراب في الصناعة والزراعة وغيرهما».

وقال «لقد مرت حقب مظلمة اذاق فيها البعث جماهير شعبنا مرارة الاضطهاد الطائفي والقومي، ومارس ابادة ضد الشعب ومصادرة الحريات وتبديد الاموال في حروب داخلية ومغامرات عسكرية فاشلة ضد الاكراد والشيعة في الوسط والجنوب والعرب السنة ومع الكويت والجارة ايران وجرائم الحرب باستخدامه الاسلحة المحرمة دوليا والمقابر الجماعية التي تضم مئات الالوف. ويجب التمييز بين الارهابيين والمجرمين وسائر العراقيين وايجاد الحلول السياسية والسلمية».

وركز الرئيس المنتخب على ان يكون للعراق دور فعال في الجامعة العربية والمنظمات الدولية، وقال «يجب دعم العراق للتحرر من الاجرام والارهاب لينصرف الى تحقيق البناء، وان شعب العراق شعب عظيم يملك طاقات علمية وثقافية وحضارية، ولا بد ان ينجلي الظلام وتشرق شمس الحرية، ويحتل العراق المكانة اللائقة، والعراق سيعود قويا لنيل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويقف شعب العراق من جديد بجانب القضايا العادلة، وخصوصا قضية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته على ارضه».

وقال الدكتور فؤاد معصوم عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه طالباني، وعضو الجمعية الوطنية عن «التحالف الكردستاني» ان «هذا اليوم يعد من الايام العظيمة والتاريخية في حياة العراقيين»، مشيرا الى ان فرحة العرب سبقت فرحة الاكراد الذين هم شركاء مع بقية القوميات في هذا البلد العظيم. واضاف معصوم الذي يعد من الشخصيات القانونية البارزة في العراق، والذي كان قد تسلم مناصب اكاديمية مهمة في الجامعات العراقية «لقد قال الشعب العراقي كلمته بروح ديمقراطية بعد سنوات من القهر والظلم».

وأكد معصوم لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس، ان مجلس الرئاسة يعتبر منذ اليوم (أمس) رسميا، ويتمتع بصلاحياته وان اول قرار له هو تعيين الدكتور ابراهيم الجعفري رئيسا للحكومة وتكليفه بتشكيل الحكومة الانتقالية.

واعتبر معصوم «مسألة كتابة الدستور وصياغته اهم مهمة يجب ان تنجز خلال الفترة المقبلة»، مشيرا الى ان تاريخا حديثا بدأ في العراق الذي سيحكمه ممثلو الشعب انفسهم.