الرباط : السجن 10 سنوات لبارونة المخدرات «الجبلية» وأحكام متفاوتة لمساعدها و25 رجل أمن

TT

أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط، الليلة قبل الماضية، أحكاما تتراوح مددها بين 10 سنوات سجنا وسنة واحدة، في ملف فتيحة حيمود، الملقبة بـ«الجبلية بارونة المخدرات» ومن معها بعد جلسات ماراثونية.

وأدانت المحكمة فتيحة حيمود بترويج المخدرات ورشوة موظفين عموميين، وقضت بحسبها 10 سنوات ومصادرة أموالها المودعة ببنك مغربي وعقاراتها وهواتفها الجوالة وإتلاف محجوزاتها التي لا قيمة لها، وتغريمها 20 ألف درهم (الدولار يساوي 8.3 درهم) لفائدة خزينة الدولة، و520 ألف درهم لفائدة إدارة الجمارك، مع تبرئتها من تهمة تكوين عصابة إجرامية. وحكمت بالسجن على عبد العزيز بلحسن مساعدها الأيمن، بالسجن 8 سنوات، وتغريمه مبلغ 10 آلاف درهم لفائدة الخزينة و20 مليون و880 ألف درهم مناصفة مع «الجبلية» لفائدة الجمارك، كما قضت بحبس 25 رجل أمن و7 من رجال الدرك بسنة واحدة وأداء غرامة 10 آلاف درهم لكل واحد منهم، بعد إدانتهم بتهمة الارتشاء، ومنحت جميع المدانين مهلة 10 أيام لاستئناف الحكم الصادر في حقهم.

وبعد النطق بالحكم انهارت «الجبلية»، التي ظلت جالسة فوق كرسي المتهمين في انتظار خروج باقي المدانين تباعا من القفص الزجاجي، فلم تجد بدا، وهي التي عودت الحاضرين على قوة تحملها من خلال كيفية جلوسها ومظهرها الأنيق الجذاب ونظراتها الثاقبة واجاباتها المتناسقة على أسئلة القاضي، والتي كانت تميل في الغالب إلى التحدث باللغة العربية، من مد يديها لتلتفا بخاصرة محامية وكأنها تريد الاستنجاد بها، فسقط الشال ذو اللون الأسود من فوق رأسها ليظهر شعرها المخملي كاملا مسترسلا على كتفها بعدما كانت تظهر خصلات منه فقط في الجلسات الماضية، إذ كانت ترتدي كل مرة جلبابا أنيقا حرصت دائما أن يكون متناسقا مع لون الشال وكذا مع حذائها الجلدي، فتغيرت ملامحها من الصلابة الى الشحوب وهي تنتحب صامتة، في الوقت الذي تعالى فيه بكاء أحد المدانين في قاعة المحكمة.

واصطفت العائلات أمام بوابة المحكمة وهي تراقب سيارات الأمن حاملة المدانين، وقد علا بكاؤهم وصراخ بعضهم حد الإغماء، إذ تدخلت سيارات الإسعاف، في أكثر من مناسبة، لحمل من سقط مغشيا عليه، فيما كانت نفس العائلات قبل النطق بالحكم، تقرأ «اللطيف» متذرعة إلى الله كي يفك كربة ذويهم. واستغرب دفاع المدانين في تصريحات متطابقة لـ«الشرق الأوسط» ما سموه استنساخ نفس الحكم في حق 25 من رجال الأمن و7 من رجال الدرك، نظرا لاختلاف الدور والوضع القانوني لكل واحد منهم في هذا الملف، على حد تعبيرهم.

وكانت آخر جلسة شهدت جدلا قانونيا بين الادعاء العام الذي طالب إنزال أقصى العقوبات في حق «الجبلية» التي وصفها بأخطر بارونة مخدرات، لتكوينها شبكة إجرامية محكمة، دفعها إلى التخفي والاستمرار في مزاولة نشاطها اللامشروع حتى بعد صدور أزيد من 200 مذكرة بحث أمنية عنها، وبين الدفاع الذي استند إلى غياب حالة التلبس في هذه النازلة، وطعنوا في الوثيقة التي تضم أرقام الهواتف الجوالة المستعملة في الاتصال بين المتهمين، مؤكدين عدم نجاعتها. ولم يقبل الدفاع كذلك اعتماد المحكمة شهادة شخص لتأكيد التهم في الوقت الذي لم تسمح بشهادة مناقضة، استنادا الى قرينة البراءة التي تسجل في القانون المغربي لصالح المتهم وليس ضده.

وارتفعت حدة السجال القانوني في المحكمة بخصوص تصنيف المخدرات، خاصة مادة «الشيرا»، بين من يعتبرها بضاعة تصنف ضمن مجال الصيدلة والطب، تستوجب رسوما جمركية، ومن يعتبرها خلاف ذلك.

ووصل الجدل القانوني حول مفهوم العصابة الإجرامية التي أسقطت من لائحة الاتهام الموجهة إلى «الجبلية» من قبل المحكمة أثناء النطق بالحكم، في الوقت الذي تمسك الادعاء العام بالتهمة مستدلا بالتستر الذي حصل على نشاط «الجبلية» غير المشروع، من قبل رجال الأمن والدرك مقابل الحصول على هبات مالية ورشاوى، بينما نفى الدفاع وجود أي تنسيق أو اتفاق بين المتهمين والجبلية، لإنكار هذه الأخيرة ومساعدها عبد العزيز بلحسن، الملقب بـ«الضب»، وكذا الشاهد الثاني في القضية نور الدين بلكيول، الملقب بـ«دراكولا»، أمام المحكمة، معرفتهم أصلا بالمتهمين، بل وإصرار «الجبلية» على الإنكار أن تكون بارونة مخدرات أو اشتغلت في هذا الصنف من التجارة غير المشروعة، على حد قولها. وكانت «الجبلية» اعتقلت في أغسطس (آب) الماضي، وبدأت محاكمتها ومن معها في نوفمبر (تشرين الأول).