الرؤساء وعشرات الآلاف من المودعين يتدفقون على روما لحضور جنازة البابا

البابا فكر في الاستقالة عام 2000 بحسب وصيته الروحية

TT

مدينة الفاتيكان ـ وكالات الأنباء: شهدت إيطاليا أمس أكبر تجمع للساسة وغيرهم في العصر الحديث، اذ احتشد ما يصل الى نحو 4 ملايين من المصلين المشيعين للبابا، فيما تجمع عدد ضخم من الرؤساء وأعضاء الاسر المالكة لحضور الجنازة. واجتذبت وفاة البابا البولندي الاصل الذي كان دائم السفر أكثر من أي بابا آخر خلال الألفي عام الماضية، الملايين من كل أنحاء العالم لحضور جنازته التي ستقام في الهواء الطلق اليوم في ساحة القديس بطرس.

ومن بين الملوك والملكات والساسة الذين يحضرون الجنازة، الرئيس الاميركي جورج بوش الذي وقف على جثمان البابا مع الرئيسين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش الاب.

وعلى متن طائرة الرئاسة الاميركية، استعاد كلينتون وبوش الاب ذكريات عن البابا الذي عارض حربي الخليج، ولكنه أيد تدخل كلينتون في البوسنة خلال منتصف التسعينات. وقال بوش الاب «كان مختلفا معنا بشأن عاصفة الصحراء (عام 1991)، كان قلقا من مدة الحرب وفقد الابرياء». كما تذكر كلينتون، وهو نفسه سياسي من الطراز الاول، قدرة البابا على تحفيز طاقات الناس. وقال كلينتون «كان الرجل يعلم كيف يمكن أن يحشد الجماهير». ومن الزعماء الآخرين الذين سيحضرون الجنازة اليوم التي تبدأ الساعة العاشرة صباحا، الرئيس الايراني محمد خاتمي وزعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا الى جانب ملك وملكة اسبانيا.

وللمناسبة، نشرت إيطاليا صواريخ مضادة للطائرات وسفينة حربية قبالة الساحل وآلافا من قوات الأمن لحماية المدينة. وسيحظر سير كل السيارات وستغلق المصالح العامة والمدارس والكثير من المتاجر للسماح بتدفق الزائرين الذين سيتجمعون قرب ساحة القديس بطرس اليوم. وأعلن الفاتيكان امس ان اكثر من 3500 صحافي من جميع انحاء العالم قد اعتمدوا في الفاتيكان لنقل وقائع تشييع البابا، ويتضمن هذا الرقم فقط الصحافيين المعتمدين لدى الفاتيكان ولا يشكلون جميع الصحافيين الموجودين في روما لنقل وقائع التشييع. ولا يتضمن هذا الرقم التقنيين الموظفين الاخرين الذين سيعملون على نقل وقائع هذا الحدث الضخم الذي ستتخطى مدته الثلاث ساعات.

وأقيمت قرية اعلامية مزودة بهوائيات وخيم تلفزيونية في قصر الملاك المقدس قرب الفاتيكان.

وامام ساحة القديس بطرس أقيمت منصة للكاميرات والمصورين فيما استأجرت وسائل اعلام منذ اشهر شققا وشرفات مطلة على الفاتيكان بأسعار خيالية. وستنقل شبكات التلفزيون الاميركية والاوروبية والاسيوية والبلدان العربية، مباشرة وقائع التشييع التي ستكون واحدة من اكبر عمليات التغطية الاعلامية في التاريخ، على غرار ما حصل لدى نقل وقائع اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) او جنازة الاميرة ديانا.

وفى اثناء ذلك، كشفت وصية البابا يوحنا بولس الثاني التي اعلنها الفاتيكان امس ان البابا راودته فكرة الاستقالة عام 2000 بعد ان عايش «القرن الصعب الذي انقضى للتو». وكتب البابا في الوصية الواقعة في ثماني صفحات والتي سلمت نسخ عنها للصحافة «شاءت العناية الالهية ان اعيش في القرن الصعب الذي انقضى للتو. اتساءل ان لم يكن الوقت حان لأردد مثل سمعان في الكتاب المقدس «يمكنك الان ان تصرفني يا ربي». وتتألف الوثيقة من اوراق كتبت في تواريخ مختلفة اولها في السادس من مارس (اذار) 1979. وجاء في الوصية «آمل ان يساعدني الرب كي اعرف الى متى علي ان اكمل المهمة التي دعاني للقيام بها في 16 اكتوبر (تشرين الاول) 1978، وارجوه ان يستدعيني حين يقرر ذلك بنفسه».

الى ذلك، سيبدأ الكرادلة دون سن الـ 80 عاما، وعددهم الاجمالي 117، اجتماعهم السري في 18 من الشهر الحالي، لاختيار الرجل الذي سيرث عرش القديس بطرس. وسيجري اختيار البابا تحت لوحات مايكل انجلو الجصية الشهيرة في كنيسة سيستين وستكون اشارة التوصل الى الاختيار دخانا أبيض يصدر من مدخنة الكنيسة وقرع أجراس كنيسة القديس بطرس.

ويواجه البابا الجديد مهمة مضنية وهي قيادة 1.1 مليار كاثوليكي في عهد يتسم بالتوترات بين الديانات وبين العلوم والاخلاقيات وبين العقيدة والضغوط الاجتماعية التي تدعو الى تقبل وسائل منع الحمل وزيادة حقوق المرأة والقساوسة المتزوجين. وليس هناك مرشح مرجح لخلافة يوحنا بولس الثاني، وهو الأمر ذاته الذي حدث عام 1978 عندما اختير البابا يوحنا بولس الثانى الذي يرحل الان عن دنيانا. وتحدث الكرادلة صراحة في الايام الاخيرة عن نوع الزعيم الروحي الذي يبحثون عنه. ولكن كردينالا قال ان من المرجح أن يتوقفوا عن التحدث الى وسائل الاعلام بعد الجنازة. وقال الكردينال كورماك ميرفي أوكونر لرويترز«على الكرادلة أن يركزوا على الصلاة والتفكير».