السفير الأميركي خليل زاده يغادر كابل مخلفا حصيلة مثيرة للجدل

TT

كابل ـ ا.ف.ب: يرى المراقبون ان السفير الاميركي في افغانستان زلماي خليل زاده الذي عين هذا الاسبوع سفيرا في العراق، كان لما يزيد عن ثلاث سنوات اكثر من مجرد كونه سفيرا عاديا، بل كان الموفد الدائم لواشنطن فى افغانستان، وواكب عملية تحول المؤسسات في هذا البلد بعد سقوط نظام طالبان، وصنع الكثير من السياسات الداخلية.

وزلماي خليل زاده الافغاني المولد الذي يلقبه الافغان بـ«نائب الملك»، العبارة التي كانت مخصصة فيما مضى للمسؤولين البريطانيين في امبراطورية الهند ، سيظل رمز العلاقة الدائمة التي تجمع الرئيس حميد كرزاي بالولايات المتحدة التي دعمته دائما. وقال نعمة الله خان، الاخصائي في السياسة الافغانية الذي يتخذ من مدينة كويتا الباكستانية القريبة جدا من الحدود الافغانية مقرا له، «انه كان حقا اكثر من سفير. كان بكل تأكيد الشخص الاكثر نفوذا في افغانستان».

وهو يتحدث بطلاقة اللغتين الغالبتين في افغانستان، الداري والبشتون. وقد عين موفدا خاصا للرئيس الاميركي جورج بوش في افغانستان مباشرة بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 في الولايات المتحدة وقبل حصوله على لقب سفير في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003. وقال مراقب غربي طلب عدم كشف هويته ، ان «كثيرين من الافغان يعتقدون ان المكان الذي تتخذ فيه القرارات المهمة هو السفارة الاميركية اكثر من القصر الرئاسي، من هنا الشعور بان الحكومة لا تمسك حقا بالسلطة». وعبر دوره كوسيط بين الفصائل المتنازعة تدخل هذا الاستاذ الجامعي السابق المتمرس بتعقيدات المسائل القبلية الافغانية والذي وضعت بتصرفه مليارات الدولارات لارساء الاستقرار في البلاد، في الشؤون الداخلية. وقد اسهمت مزاياه كمفاوض في نظر العديد من المراقبين، في حسن سير الانتخابات الرئاسية التي هدد عدد كبير من زعماء المعارضة بمقاطعتها بسبب شائعات عن عمليات تزوير.

لكن برأي بعض المراقبين فان تأثيره الكبير على الحكومة الافغانية لم يقتصر فقط على جوانب ايجابية. فتقربه من حميد كرزاي وهو بشتوني مثله وظهوره الى جانبه بانتظام خلال الحملة الانتخابية لم يترك مجالا للشك بشأن تأييده لواشنطن واثارة الانتقادات لدى قسم من الافغان.

وفي هذا الصدد قال سيد محمد علي جواد ، المتحدث باسم يونس قانوني زعيم الحزب الجديد المعارض لكرزاي والمرشح السابق الى الانتخابات الرئاسية، «انه كان يريد حقا رؤية كرزاي في الرئاسة».

فضلا عن ذلك فان خليل زاده كان يخطف غالبا الاضواء ويحجبها عن حميد كرزاي الذي كان يتصل به كل يوم ويستعين بنصحه في الشؤون السياسية، بحسب مصادر مقربة من الرئاسة الافغانية. حتى انه تدخل علنا في اغسطس (اب) الماضي لوضع حد للمعركة بين الرجلين القويين في مدينة هراة (غرب) زعيم الحرب السابق الطاجيكي اسماعيل خان وقائد الميليشيا البشتونية امان الله خان.

وقد اسفرت المعارك بينهما عن سقوط عشرات القتلى. لكن مصدرا عسكريا اميركيا طلب عدم كشف هويته قال لوكالة الصحافة الفرنسية «كان الاولى به الا يبرز اثناء وقف اطلاق النار في هراة. كان من الافضل في نظر الافغان لو انه بقي في الظل وترك كرزاي تحت الاضواء». ولفت دبلوماسي غربي اخر الى ان «الحصيلة كانت ايجابية، فقد نجح من جهة في الحفاظ على وحدة البلاد في الظاهر عبر اجتذابه بعض زعماء الحرب، لكن ما زال كل شيء بحاجة الى البناء على مستوى عمل المؤسسات والحياة السياسية». غير ان مصادر اميركية وغربية تعتبر ان شخصية خليل زاده القوية سمحت خصوصا بابقاء افغانستان على رأس اولويات واشنطن.