الداخلية السورية تنفي رواية لـ«حقوق الإنسان» عن حوادث وفاة حدثت بسبب التعذيب

TT

تلا المحامي هيثم المالح رئيس جمعية حقوق الإنسان في سورية في مؤتمر صحافي أمس، التقرير السنوي الثاني للجمعية عن عام 2004 والذي تناول مسائل تتصل باحترام السلامة الشخصية من حيث التجريد التعسفي أو غير الشرعي من الحياة، والموت تحت التعذيب، أو الوفيات الناجمة عن عقوبات جسدية، مشيراً إلى عدة حوادث وفاة حدثت تحت التعذيب، وهو أمر سارع إلى نفيه مصدر في وزارة الداخلية السورية. وفيما أشار إلى أنه لم تسجل في العام الفائت حالات اختفاء سياسي، وسَجل تحسنٌ نسبي في سرعة إحالة بعض المعتقلين إلى القضاء من قبل الأجهزة، لفت التقرير إلى أن السلطات السورية لم تقم بعد بنشر أية قوائم تلقي الضوء على أسماء المفقودين بسبب أحداث الثمانينات وما تلاها.

وأورد التقرير بعض حالات الاحتجاز التعسفي، مشيراً إلى انحسار اليد الأمنية نسبياً عن الاعتقال العشوائي، وحدوث عدة عمليات إفراج طالت نحو 425 معتقلاً، في حين لا يزال ألفا شخص معتقلين ولا تزال تمارس عمليات تعذيب جسدي ونفسي (حسب ما جاء في التقرير) الذي طالب بأن تكون المحاكمات عادلة وفي محاكم تخضع للقضاء، مشدداً على احترام الحريات المدنية السياسية والصحافية والإعلامية والدينية والتنقل داخل الوطن وخارجه، ومنح الحق في تشكيل الأحزاب والجمعيات والتظاهر والتجمع السلميين.

وأشار التقرير إلى أن الأكراد يعتبرون ثاني أكبر جماعة قومية في سورية، ويتعرضون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ويعانون من التمييز على أساس الهوية، وطالب بتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والدخل والتوازن بين أصحاب قوة العمل وأصحاب الملكية، والمشاركة في القرار الاقتصادي والرقابة عليه. (يذكر أن الناطق الحكومي السوري ماهر المجتهد أعلن قبل أيام أن موقعاً إلكترونياً لرئاسة الحكومة سيحدث قريباً لطرح مشاريع الحكومة على المواطنين والاستماع إلى آرائهم حولها).

ورأى التقرير أن الفساد يشكل عبئاً على أداء قطاع الأعمال ويعيق قدرته التنافسية، لافتاً إلى أن مستويات الفساد تصل حتى عشرة في المائة من التكاليف في بعض الأحيان. كما أشار التقرير إلى أن السلطات السورية لا تسمح بالوجود الشرعي والقانوني لجمعيات أو منظمات حقوق الإنسان المحلية، وأن استجابة الحكومة السورية للتقارير والبيانات المقدمة من منظمات وهيئات دولية حكومية أو غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، لا تزال في حدودها الدنيا. وذكر التقرير أن الحكومة وضمن خطتها لإصلاح النظام القضائي بالتعاون مع خبراء فرنسيين سمحت للجنة من الوفد الفرنسي بزيارة عدد من السجون للإطلاع على أوضاعها وقدمت تقريرها إلى الحكومة السورية.

وطالب التقرير بمنع التعذيب وإغلاق ملف المفقودين والمحرومين من الجنسية ودراسة ملفات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والإفراج عن المعتقلين لأسباب أمنية وإحالة من يستوجب وضعه إلى القضاء العادي وإصدار قانون للأحزاب والجمعيات وإعادة النظر في قانون المطبوعات (يعاد النظر فيه الآن) وتدريس مواد حقوق الإنسان في المدارس والجامعات، والبدء بإلغاء حالة الطوارئ وكل ما يتفرع عنها من أوامر عرفية وأقضية استثنائية وصلاحيات غير محدودة للأجهزة الأمنية المختلفة على حساب القانون والقضاء العادي والعدالة.

وما أن أُعلن تقرير الجمعية، نفى مصدر في وزارة الداخلية السورية ما ورد في التقرير وقال «إن ما ورد في التقرير هو محض إشاعات وأكاذيب مفبركة، حيث لم يَتوف أحد في الأمن الجنائي، وفي حال التوقيف، فإنه يتم بشكل قانوني ويحال الموقوفون إلى القضاء أصولاً». وفي مؤتمره الصحافي رد المحامي المالح على أسئلة الصحافيين الذين كان بينهم ممثلون عن وسائل الإعلام الرسمي السوري، فأكد أن الجمعية تسعى إلى سيادة القانون، مشدداً على أن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعديل تشريعات معينة وبصورة محددة. ورداً على سؤال قال المالح «لقد خاطبت الرئيس بشار الأسد بعد توليه الرئاسة بأشهر برسالة رسمية طالبت فيها بأن يحال كل من يرتكب جريمة ما سواء كان المرتكب داخل السلطة أو خارجها إلى القضاء العادل ومحاكمته، وطالبت بإلغاء القانون 49 المتعلق بالإخوان المسلمين ووضعت جملة من المطالب في ثلاث رسائل كان آخرها قبل شهرين». وأضاف «إننا نريد أن نتعاون مع النظام بشكل أفضل». وقال إنه التقى أخيرا وزير العدل السوري بعد أن قدم مذكرتين حول منع التعذيب وحقوق الإنسان، وأن الوزير السوري أخبره بأنه سيتدارس مع وزير الداخلية موضوع التعذيب.