الإعلامي جاد الأخوي: الحرب حياة ثانية .. مرت وكأني كنت أشاهد فيلما سينمائيا

TT

* الاعلامي جاد الاخوي والاكبر في هذه المجموعة بحوالي عشر سنوات، يطرح مسألة الحرب بنظرة خاصة فيقول «عشت الحرب بتفاصيلها، منذ كنت في الثامنة عشرة. واعتبر انها حياة ثانية، كأن حائطاً ارتفع بين تلك المرحلة والفترة الحالية، او كأني كنت اشاهد فيلماً من السينما فأقول لنفسي: اووف فعلاً، مررنا بظروف صعبة».

ويتابع: «عملي في منظمة الصليب الاحمر منذ كنت في الخامسة عشرة ساهم اكثر في معايشتي مراحل الحرب وفظاعاتها، كما ساهم بحيادتي تجاه جميع الفرقاء، لكني اليوم اسأل نفسي. هل كان يجب ان ابقى حيادياً؟ او هل كنت مقتنعاً بهذا الحياد؟ على امتداد السنوات ما زالت لدي علامة استفهام وقد كبرت هذه العلامة اكثر في 14 مارس (آذار) الماضي عندما نزلت الى ساحة الشهداء الاكثرية الصامتة للتظاهر. كانت المرة الوحيدة التي تحرك فيها الشعب بهذه الطريقة. هل ستكون مرة يتيمة؟ لا اعرف ولا اتمنى، واذا لم تكن يتيمة هل يعقل ان يبقى اللبناني حيادياً؟».

* هل تعني بحيادك تجاه فرقاء النزاع انك كنت تقبلهم ولا تدينهم؟

ـ كنت اقبل وجهة نظرهم وحقهم في التعبير وما ازال بمعزل عن تأييدي لوجهة النظر هذه او معارضتي اياها. ولكني كنت اعتبر ان جميع الذين حملوا السلاح هم مدانون. ربما هذه هي اشكالية الحرب التي لم تنته في النفوس اللبنانية.

ادانة وقبول في وقت واحد. اليوم اشعر ان واجبي كان ان احاورهم ليفهموا انهم مخطئون بحمل السلاح، ولكني لا استطيع ان اتجاهل كونهم يمثلون فئة من الشعب موجودة على الارض، ولم اكن احاول تقييمهم كمجرمين او ابرياء. ويقول جاد: «بالتأكيد لم ابرر الحرب، ليس فيها ما يمكن تبريره. لانه بعد ايام من اعلان انتهائها فتحت المناطق على بعضها ونسي الناس كل شيء. من هنا يجب ان تكون الحرب محطة اساسية في فكر كل واحد منا للانطلاق الى الافضل، وليس لنسيان ما حصل كما تحاول السلطة الحالية والمسؤولون فيها ان يفعلوا. ليس مقبولاً ان تتصرف كأن شيئاً لم يحصل. وليس مقبولاً ان بلداً عاش 15 عاماً من الحرب لا يملك احصاءات دقيقة بعدد القتلى وعدد المفقودين والخسائر الفعلية الناتجة عن الدمار الاقتصادي. هذه الامور ليست مقبولة».

ولان الاعتراض من دون محاولة تحرك يبقى عقيماً، عمد جاد الاخوي مع رفاق له الى تأسيس تجمع تحت عنوان «ذاكرة للغد»، هدفه وضع الاصبع على جرح التهاون في التعامل مع الحرب وتذكير الشعب اللبناني بهذه المحطة، ليعرف ان لبنان عاش فترة عصيبة من تاريخه وعليه ان يتعلم منها حتى يصار الى تحرير الجيل الجديد من مفاعيلها وحتى ينشأ حوار اجتماعي وسياسي سليم انطلاقاً من هذه الذكرى.

* هل تعتقد ان الحرب ستقع لان مثل هذه الخطوة لم تتحقق؟

يجيب جاد: ليس بسبب عدم استعادة الحرب ومناقشتها فقط، وانما لان كل ما يقال عن مصالحة وطنية غير جدي. المصالحة تطلع من عيش مشترك، وهي اليوم تتجسد في الشباب المعتصمين في ساحة الشهداء، وفي الفتهم من دون توقف اي منهم عند طائفته. لان لديهم قاسماً مشتركاً واحداً هو الحلم بلبنان جديد من خلال نظرة المصالحة، ولكن هذا الجيل يحتاج الى ان يعرف ماذا حصل. كما يحتاج الى روابط مشتركة وعميقة، والا فلا استغرب من ان يعود الى الحرب لانه حاول القيام بتحرك جدي باتجاه الوطن ولم يجد من يهتم به. ومع الاسف السياسيون الموجودون سواء في المعارضة ام في الموالاة لا يتوجهون الى الشعب، وانما كل منهم يسخّر خطابه السياسي ليوجه رسالة الى الطرف الآخر، لذا هذه الاكثرية الصامتة تشعر بانها متروكة وهنا الخطر.