إسرائيل تهدد الفلسطينيين مجددا باجتياح غزة إذا لم يتوقف إطلاق صواريخ القسام

خلال محادثة طويلة وحامية بين أبو مازن وموفاز

TT

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، استغلال اطلاق صواريخ القسام وغيرها من القذائف الفلسطينية باتجاه أهداف إسرائيلية، ليحرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ويتهمه بالعجز والقنوط ازاء «المتطرفين الفلسطينيين الذين يأخذون القانون بأيديهم».

وطلب شارون ان تمارس الولايات المتحدة الضغوط عليه ليعتقل قادة تلك التنظيمات ويجمع أسلحتها. كما طلب ان تتفهم الادارة الأميركية المماطلة الإسرائيلية في تطبيق تفاهمات شرم الشيخ في 8 فبراير (شباط) الماضي، بدعوى ان هناك خطرا في ان يستغل المتطرفون الفلسطينيون الوضع لتفجير الانتفاضة المسلحة من جديد.

ووضع شارون قضية القصف الصاروخي الفلسطيني على رأس جدول أعمال محادثاته في الولايات المتحدة، شاكيا من ان استمراره يعرقل جهوده في تطبيق خطة الفصل القاضية بالانسحاب الكامل من قطاع غزة وتفكيك مستوطناته إضافة إلى تفكيك 4 مستوطنات نائية في شمال الضفة الغربية، ويساعد معارضيه الكثيرين في هذه الخطة.

وقال ان التصرفات الفلسطينية تؤكد انه سيكون من الخطأ ان تنسحب إسرائيل إلى حدود ما قبل الانتفاضة في 28 سبتمبر (أيلول) 2000، في الضفة الغربية، «اذ انهم يظهرون نوايا واضحة لاعادة تفجير الأوضاع بعد الانتهاء من تطبيق خطة الفصل». واقترح ان تنتظر إسرائيل حتى ترى التطورات التي تعقب تنفيذ الخطة وما ستسفر عنه نتائج الانتخابات التشريعية في 17 يوليو (تموز) المقبل. وأجرى شارون مقارنة بين الاجراءات التي يتخذها هو مع المعارضة اليمينية المتطرفة في اسرائيل وبين ممارسات ابو مازن، فقال انه منع المتطرفين اليهود من دخول باحة الحرم القدسي الشريف التي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، مع انه هو شخصيا يؤمن بحق اليهود في الصلاة هناك، وانه دخل في مواجهة حادة مع المعارضة داخل حزبه لكي يطبق خطة الفصل التي التزم بها، مع ان هذا كلفه ثمنا سياسيا باهظا.

في المقابل فان ابو مازن، حسب شارون، يحاور المعارضة ويهادنها وفي بعض الأحيان يسلمها الشارع لتسيطر عليه. ووصف ابو مازن بأنه «خيبة أمل كبرى». وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، قد أجرى مساء اول من أمس، محادثة هاتفية مطولة مع الرئيس الفلسطيني، استغرقت نصف ساعة، احتج فيها على اطلاق الصواريخ على المستوطنات في قطاع غزة وطالب باعتقال قادة تنظيم «لجان المقاومة الشعبية» التي أطلقت معظم هذه القذائف الصاروخية. وقال ان هذا التنظيم لا يلتزم بالتهدئة ويتمرد على النظام «فاذا لم تعالجوه كما يجب فانه سيواصل نشاطه وسيشجع القوى الأخرى المعارضة على ان تتبع خطاه وتفجر الموقف من جديد». وهدد موفاز بان إسرائيل ستعود الى الاعتماد على نفسها في معالجة هذه القوى (أي انها ستجتاح قطاع غزة من جديد ) اذا لم يفعل ابو مازن.

ورد أبو مازن من طرفه فقال انه لا يوافق على اطلاق الصواريخ ولا يسكت عن فوضى السلاح، انما الانفجارات الأخيرة تعود الى ممارسات الاحتلال «فأنتم قتلتم ثلاثة أطفال أبرياء، وجاء اطلاق الصواريخ، الذي لا نوافق عليه، ردا عليها». وأوضح أبو مازن ان الممارسات الإسرائيلية على الأرض وتلكؤها في تطبيق تفاهمات شرم الشيخ، خصوصا الامتناع عن اطلاق سراح الأسرى والانسحاب من بقية المدن واستمرار سياسة التنكيل على الحواجز، وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، تعرقل جهود السلطة الفلسطينية لتثبيت وقف النار وفرض سيادة القانون. وضرب مثلا بقيام جنود الاحتلال الاسرائيلي، في الاسبوع الماضي بضرب رجال شرطة السير الفلسطينيين العزل من السلاح في الخليل، وتساءل «كيف يمكن ان تكون للشرطة هيبة في مثل هذه الحالة؟». وقال ابو مازن ان الممارسات الإسرائيلية لا تدل على نوايا طيبة وتشكل أكبر خرق للتفاهمات. وهي تبث رسالة سيئة للغاية إلى الشعب الفلسطيني وتحطم له الأمل المتجدد بالمسيرة السلمية. وحذر بدوره من خطورة الاستمرار في هذا. جدير بالذكر ان شارون اجتمع مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، فجر امس، قبل ان يلتقى مع الرئيس الاميركي جورج بوش في مزرعته في كروفورد بولاية تكساس. وكان مقررا ان يستغرق الاجتماع ساعة ونصف الساعة، لكنه استمر وقتا اطول، وانتهى بمؤتمر صحافي مشترك لم ينقل مباشرة.

وبعد المحادثات تناول بوش وضيفه طعام الغداء قبل أن ينطلقا في جولة على الأقدام في المزرعة. وغادر شارون في وقت لاحق من امس (حسب التوقيت الاميركي) من المفروض إلى واشنطن، حيث سيلتقي نائب الرئيس ديك تشيني وعددا من قادة مجلسي النواب والشيوخ وقادة اليهود الأميركيين.