الموالاة والمعارضة تتفقان على «تسهيل» مهمة نجيب ميقاتي في تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة

TT

نال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي دعماً واسعاً من الكتل النيابية لـ«تسهيل مهمته في تشكيل الحكومة الجديدة». وبدا من خلال مواقف النواب الذين التقاهم ميقاتي في الاستشارات النيابية التي اجراها امس ان هناك توافقاً من قبل المعارضين والموالين على ان يكون في اولويات برنامجها اجراء الانتخابات النيابية (مع اختلاف في النظرة الى القانون الذي ستجرى على اساسه) والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومحاسبة قادة الاجهزة الامنية. وانفرد النواب المتحالفون مع سورية بالدعوة الى الحفاظ على العلاقة الوثيقة معها والحفاظ على المقاومة، فيما لوح نواب المعارضة بـ«محاسبة» رئيس الحكومة المكلف اذا اخل بالتعهدات التي قدمها للمعارضة قبل تسميته (من قبلهم وبعض النواب المتحالفين مع سورية) لتأليف الحكومة. واكد الرئيس المكلف إثر انتهاء الجولة الاولى من الاستشارات ان عنوان الحكومة هو الانتخابات وانه لا يريد حكومة فضفاضة.

وللمرة الاولى في تاريخ الاستشارات النيابية حرص الرئيس المكلف وبعد التشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وافق على الفكرة، على استقدام احد القضاة في رئاسة مجلس الوزراء هو القاضي مكرم صادر لتسجيل محضر لقاء الرئيس المكلف مع القيادات النيابية وذلك كي يكون المحضر شاهداً على المواقف التي ادلى بها هؤلاء وعلى ما تعهد به الرئيس ميقاتي في خلال اللقاء. وكشفت مصادر مقربة من ميقاتي ان تفكيره الاولي «يتمحور حول امرين اساسيين اولهما ان الحكومة ستكون على مثاله من غير المرشحين وهذا يسهل كثيراً مهمته في التأليف. والثاني الاستعانة بأشخاص تكنوقراط ذوي خلفية سياسية بمعنى انه يحظون بثقة الرأي العام والقيادات الموالية والمعارضة على السواء».

وكان ميقاتي بدأ يوم الاستشارات باللقاءات التقليدية مع رئيس مجلس النواب والرئيس السابق للمجلس حسين الحسيني، ونائب رئيس المجلس ميشال المر والنائب السابق لرئيس المجلس (وزير الاعلام في الحكومة المستقيلة) الياس الفرزلي، فيما غاب الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي ونائب رئيس الحكومة عصام فارس لوجوده خارج لبنان. وقد طالب الحسيني بحكومة «قادرة على اتمام مهمة المساهمة في قانون انتخاب طبيعي من دون استثناءات وبالتالي يأخذ قاعدة النسبية لانها تؤمن مشاركة جميع فئات الشعب».

اما الوزير الفرزلي فقال: «هاجسنا الاول هو تسهيل الامور ودفعها في اتجاه تأليف الحكومة كي تقوم بالمهمة الملقاة على عاتقها، وهي المهمة المركزية والاولى، اجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية». وامل ان «يتم ذلك وان يساعد الجميع الرئيس المكلف على تحقيق هذا الهدف».

واكدت كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها الرئيس بري (12 نائباً) للرئيس المكلف «ثوابتها وقرارها تسهيل تشكيل الحكومة». وطالب النائب انور الخليل باسم الكتلة الحكومة بالالتزام بـ«العلاقة المميزة مع سورية انطلاقاً من معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق التي وقع عليها كل من لبنان وسورية، والحرص على موضوع المقاومة وسلاح المقاومة كعنصر قوة للبنان ولضمان استقلاله واكمال تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، واسترداد قانون الانتخاب على اساس القضاء الموجود حالياً في مجلس النواب. وارسال مشروع قانون الى المجلس يعتمد المحافظة كأساس لاجراء الانتخابات مع تطبيق النسبية. ووضع رؤساء الاجهزة الامنية بالتصرف ومتابعة الجهود لجلاء الحقيقة في موضوع جريمة اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري».

ثم التقى ميقاتي وفداً من نواب المعارضة ضم ممثلين لـ«كتلة قرار بيروت» التي كان يرأسها الرئيس الحريري (11 نائباً) و«كتلة اللقاء الديمقراطي» بغياب رئيسها وليد جنبلاط (17 نائباً) ونواب «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض (6 نواب) و3 نواب منفردين. وبعد اللقاء الذي استمر اربعين دقيقة قال النائب مروان حمادة: «قلنا لدولة الرئيس ان الالتزامات التي وعد بها قبيل تكليفه وعند تكليفه وبعد تكليفه تبقى بالنسبة الينا غير خاضعة لأي خروقات اي ان الانتخابات النيابية التي هي اولوية الحكومة العتيدة يجب ان تجري ضمن المواعيد الدستورية المعهودة اي ان تبدأ على الاقل قبل 31 مايو (ايار) المقبل (نهاية ولاية مجلس النواب). كذلك ذكّرنا دولة الرئيس ان موقف المعارضة مجتمعة متوقف على تضمين البيان الوزاري اشارة واضحة الى قرار يتعلق باقالة ما تبقى من قادة الاجهزة الامنية الذين تورطوا او حموا او تغاضوا او قصروا في عملية اغتيال الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ونعني بذلك ايضاً المدعي العام التمييزي بالاصالة (وزير العدل في الحكومة المستقيلة) عدنان عضوم الذي لم يقصر ابداً في هذا المجال حيال كل القضايا حتى قبل قضية الاغتيال الشنيع».

من جهته قال النائب المعارض بطرس حرب: «طلبنا من دولة الرئيس بعدما بينا له تصميمنا على تسهيل مهمته الالتزام بالتعهدات التي تمت الموافقة على تكليفه وتأييد المعارضة لتكليفه على اساسها. ولقد ذكرنا دولته انه يفترض ان يتضمن البيان الوزاري الذي سيتلى في مجلس النواب لنيل ثقته، واذا لم يتضمن البيان الوزاري هذا الامر سيكون للمعارضة موقف سلبي من عملية منح الثقة باعتبار ان الثقة التي سنمنحها ليست نتيجة صفقة لاخراج جو معين انما نتيجة اقتناع اننا دخلنا مرحلة جديدة».

أما كتلة الوفاق المتني (4 نواب بينهم اميل اميل لحود نجل رئيس الجمهورية) فقد اعلنت ان مطلبها الاول هو الا يكون فراغ حكومي «لان الشعب لم يعد يحتمل الفراغ». وقال النائب ميشال المر الذي يرأس الكتلة «ابلغنا الرئيس المكلف انه ليس لدينا اية مطالب او شروط الا ان يشكلوا حكومة بسرعة كي تعطي ثقة للناس انه لم يعد هناك فراغ كي تعود الحركة الاقتصادية الى البلد (...) لم نناقشه ولم نضع شروطاً عليه».

وطالبت كتلة نواب «حزب الله» (12 نائباً) الرئيس المكلف «باعتماد مشروع قانون يقوم على اعتماد المحافظة مع النسبية». وقال باسمها النائب محمد رعد: «طالبنا بأن يكون هناك في البيان الوزاري للحكومة موقف صريح وصلب من موضوعي المقاومة وحمايتها وتبني خيارها والعلاقات مع سورية»، مشيراً الى ان «حزب الله» ليس في وارد المشاركة في الحكومة.

واستأنف ميقاتي الجولة الثانية من الاستشارات النيابية عصراً واجمع غالبية النواب الذين التقاهم في الجولة على ضرورة قيام حكومة في اسرع وقت ممكن تسرع في اجراء الانتخابات النيابية ضمن مواعيدها الدستورية خلال شهر مايو (ايار) المقبل.

وكان ميقاتي التقى في منزله امس كلا من السفير الفرنسي برنار ايمييه والسفير الكويتي سليمان السعيد، اللذان تمنيا له النجاح في مهمته.