الجزائر: أويحيى يزور قبر شاب في منطقة القبائل قتل في مواجهات مع الدرك

تعبيرا عن اعتراف السلطات بذنبها في مقتل 126 شخصا في ربيع 2001

TT

زار رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى أمس قرية تقع في منطقة القبائل بالوسط الجزائري، كانت قبل أربع سنوات شرارة انطلاق مواجهات دامية بين قوات الأمن وسكانها، خلفت 126 قتيلا وعشرات الجرحى. وفسر متتبعون الزيارة على أنها اعتراف من السلطات بمسؤوليتها عن الأحداث.

سبب زيارة أويحيى، بحسب مصدر من رئاسة الحكومة تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، هو زيارة قبر ماسينيسا فرماح في بني دوالة ولاية تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة). وارتبط اسم ماسينيسا بما يعرف بـ«الربيع الأسود»، وهو شاب لم يتجاوز عمره 18 سنة عندما توفي متأثرا برصاصة أطلقها عليه دركي داخل مقر الدرك في قريته يوم 18 أبريل (نيسان) 2001. ودعا رئيس الحكومة سكان المنطقة إلى «تجاوز الأحقاد التي خلفتها الأحداث والنظر إلى المستقبل بكثير من التفاؤل». وقال أويحيى الذي كان يتحدث إلى والد القتيل، إن الدولة «لم تدخر أي جهد في سبيل لملمة الجرح الذي تسبب فيه خطأ ارتكبه أحد أعوانها»، في إشارة إلى تلبية أغلب المطالب التي رفعها سكان المنطقة، وأهمها جعل الأمازيغية لغة رسمية مثل اللغة العربية، وهو ما ظلت السلطات ترفضه سنين طويلة، وإقالة منتخبي المجالس البلدية والولائية بالمنطقة على أساس أنهم «غير شرعيين». وقال والد ماسينيسا للصحافة قبيل زيارة أويحيى، إنه يرحب برئيس الحكومة «في المنطقة التي يتحدر منها». وأشار إلى كون الزيارة «دليلا على اعتراف الدولة بذنبها في مقتل ابني»، لكنه قال إنه لن يعفو عن الدركي الذي قتل ماسينيسا حتى لو كان بالخطأ.

وشهدت ولاية تيزي وزو تعزيزات أمنية إضافية، تحسبا لزيارة أويحيى الذي تنقل إلى المنطقة مرفوقا بحراسة غير عادية، فالسلطات تدرك أن قطاعا من سكان المنطقة لا يرغبون في نزول الرجل ضيفا عليهم، وتتخوف من رد فعل عنيف من جانبهم. وتعد المرة الأولى التي يزور فيها رئيس حكومة منطقة القبائل، بعد المواجهات التي خلفت قتلى في صفوف المتظاهرين الذين ثاروا ضد مقتل ماسينيسا. وتطورت الأحداث إلى بلورة مجموعة من المطالب رفعتها ما يسمى بـ«حركة العروش»، أهمها الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية، وسحب قوات الدرك من كل ولايات القبائل وإقالة أعضاء مجالسها المنتخبة، وإعداد مخطط لإنعاش المنطقة اقتصاديا، وتصنيف ضحايا الأحداث ضمن قانون الشهيد الذي يكفل حقوقا مادية مهمة لكل من ينطبق عليه هذا الوصف. وقد تجاوبت السلطات مع كل المطالب تقريبا، إلا مطلب إبعاد قوات الدرك بدعوى أن الأمر يتعلق بسيادة الدولة على ترابها، وأن الموافقة عليه تعني تميز المنطقة عن باقي مناطق الجزائر.

ويستعد فريق من «العروش» لتنظيم مسيرات غدا في كامل المنطقة، احتجاجا على الحوار الذي دخل فيه فريق آخر من «العروش»، يوصف بـ«المهادن» مع الحكومة، حول المطالب المرفوعة. ودعا الجناح المعادي لأي تقارب مع السلطات إلى إضراب شامل، احتفالا بالذكرى الـ25 لما يعرف بـ«الربيع البربري» الذي يرمز لحركة احتجاجية كبيرة رفعت في 20 أفريل 1980، بولاية تيزي وزو مطالب تتعلق بالهوية.