الهيئة المغربية لحماية المال العام تعتزم الاحتجاج غدا أمام البرلمان

من أجل الضغط لتحصيل 20 مليار دولار منهوبة وتعديل القوانين الزجرية

TT

في الوقت الذي تضع فيه الحكومة المغربية اللمسات الأخيرة لاصدار مشروع قانون جديد يتعلق بالتصريح بالممتلكات، الذي يفرض على المسؤول الكشف عن ممتلكاته المالية والعينية، وممتلكات عائلته، قبل مزاولته المسؤولية بهدف مراجعتها عن توقفه عن ممارسة المسؤولية، تعتزم الهيئة المغربية لحماية المال العام (جمعية غير حكومية) الاحتجاج غدا، أمام مقر البرلمان للمطالبة بإرجاع الأموال المنهوبة الى خزانة الدولة، وهي اموال قدرتها بنحو20 مليار دولار، في سعي لدفع البرلمانيين والحكومة الى الاستجابة لمطالبها باعتماد قوانين صارمة تحمي المال العام من السرقة وتحويله لأغراض شخصية أو تهريبها الى الخارج.

وعزا محمد المسكاوي، منسق الهيئة المغربية لحماية المال العام، دواعي الاحتجاج الى وجود ثغرات قانونية تسمح لناهب المال العام الإفلات من العقاب، وتجريد الدولة المغربية من أموال مهمة كانت مخصصة للتنمية المستدامة، يفترض ان يستفيد منها عموم الشعب المغربي بكل فئاته.

وأوضح المسكاوي، لـ«الشرق الاوسط» أن الهيئة تسعى الى رفع مذكرة لرئاستي البرلمان (النواب المستشارين)، مذيلة بتوقيعات المواطنين، من أجل تعديل القوانين للحد من استفحال ظاهرة جرائم تبذير المال العام، ومحاصرة ما وصفه بـ«مافيات وشبكات المصالح» التي تستفيد من هذا الوضع للإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ لتحقيق مآربها الشخصية على حساب المصلحة العليا للبلاد.

وحدد المسكاوي التعديلات التي ترغب الهيئة تضمينها في القوانين في اعتبار الجرائم الاقتصادية جرائم ضد الإنسانية تستوجب المصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة الرشوة، وإلغاء نظام الامتيازات، وإحداث نظام وطني للتقييم والافتحاص، وسن قانون جديد للتصريح بالممتلكات يتضمن إبراء الذمة لتجاوز ثغرات القانون السابق، الذي كان فقط يلزم المسؤول التقدم بالتصريح بممتلكاته بدون مراجعتها عند الانتهاء من مهامه، ولا تقدم له أي وثيقة تثبت ما إذا كان بريئا أم لا، وحماية كاشفي جرائم الرشوة، ونهب المال العام، بدل طردهم من وظائفهم، مقدما أمثلة كثيرة في هذا الباب آخرها ما جرى لموظف بمصرف القرض الفلاح.

واشار المسكاوي الى أن حماية هؤلاء تشجع آخرين على فضح الناهبين، ومن يتستر عليهم، اضافة الى مقترح يؤكد حرمان المرتشين وناهبي المال من الحقوق الوطنية والسياسية.

وبشأن دور القضاء المغربي في متابعة المتهمين باختلاس المال العام، قال المسكاوي إن القضاء يتعامل بانتقائية مع هذا النوع من الملفات، ويقدم من خلالها ما أسماهم «أكباش فداء»، يودع البعض منهم السجن بدون تحصيل المال المنهوب أو حجز ممتلكاتهم، وطالب بضرورة تفعيل دور اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات بتوسيع صلاحياته الى حد دفع وزارة العدل فتح تحقيق في أي ملف تشم فيه رائحة اختلاس أو تلاعب مالي ، منبها الى أن دور المجلس الحالي يظل مقتصرا على تقديم رأي استشاري لا غير كما أن 200 من القضاة الذين يزاولون مهامهم لا يمكنهم معالجة 40 ألف تقرير يعرض عليهم سنويا، وهذا ما يجعل المجلس، على حد قوله، بدون فعالية رغم أنه مجلس دستوري قائم بذاته.

وبخصوص دور المفتشيات العامة للوزارات وعلى رأسها وزارة المالية، في ردع هذا النوع من الجرائم، قلل المسكاوي من أهميتها استنادا إلى تقادم القانون الذي ينظمها، إذ يعود لعام 1963، وهو غير صالح نظرا لتطور الجريمة المالية بسرعة فائقة.

وعن الأسباب التي دعت الهيئة الى عدم مراسلة الحكومة، أوضح المسكاوي أن إدريس جطو، رئيس الوزراء المغربي، تلقى مذكرة من قبل مسؤولي الهيئة العام الماضي، يدعونه من خلالها الى إحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة، على غرار هيئة الانصاف والمصالحة الحقوقية، لطي صفحة الماضي التي أضرت بالاقتصاد المغربي وضمان عدم تكرار ما جرى سابقا، لكن المسكاوي أكد أن جطو لم يكلف نفسه عناء اجابة المجتمع المدني ولو برسالة تفيد اعتراضه.