حزب إسباني معارض يستغل مبادرة مغربية بالعفو عن 4 سجناء إسبان للضغط على ثباتيرو

طالب بالتحقيق في «التعذيب» الذي يتعرض له نزلاء إسبان بالسجون المغربية

TT

في الوقت الذي أفرج فيه المغرب عن أربعة سجناء إسبان ضمن قرار العفو الذي اصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس الأسبوع الماضي بمناسبة ختان ولي العهد المغربي الأمير مولاي الحسن، والذي تم بموجبه الإفراج عن 7179 معتقلا، لم يفوت الحزب الشعبي الإسباني اليميني المعارض، الفرصة قبل أن يحول المبادرة المغربية إلى ورقة للضغط على الحكومة الاشتراكية بزعامة خوسي رودريغيث ثباتيرو، من خلال مطالبة فريقه في البرلمان الإسباني «الكورتيس» التدخل على أعلى المستويات من أجل التحقيق في «التعذيب» الذي يتعرض له السجناء الإسبان بالسجون المغربية، والذين يصل عددهم إلى 68 سجينا، غالبيتهم مسجونين في سجن مدينة طنجة (شمال)، وأدين معظمهم في قضايا تهريب المخدرات.

لكن مبادرة الحزب الشعبي لم تلق تجاوبا من طرف بعض الجمعيات مثل منظمة «رامون روبيال»، التي تعنى بأحوال السجناء الإسبان بالمغرب، والتي اعتبرت أقوال الحزب الشعبي ضربا من ضروب المزايدات السياسية، موضحة أن الحزب الشعبي بحديثه عن وجود حالات للتعذيب في المغرب لا يومئ في الحقيقة إلا إلى حالتين اثنتين، لكون وضعية السجناء الإسبان في المغرب تبقى أحسن بكثير من نظيرتها في بعض دول أميركا اللاتينية، نتيجة استفادة المعتقلين من زيارات عائلية منتظمة، نظرا للقرب الجغرافي بين اسبانيا والمغرب، كما يزورهم القنصل الإسباني بمدينة طنجة بشكل أسبوعي للاطمئنان على أحوالهم.

ومنذ وصول الاشتراكيين إلى الحكم في اسبانيا في أبريل (نيسان) 2004، لم يدع الحزب الشعبي، الذي يقوده ماريانو راخوي، أحد نجباء مدرسة رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسي ماريا أثنار، أي فرصة تمر بدون استخدام ورقة المغرب في الضغط على الحكومة الاشتراكية، حيث طالبها في البداية بتحديد موقفها من قضية الصحراء بعدما طفق ثباتيرو ووزير خارجيته ميغيل أنخيل موراتينوس، يلوحان بضرورة إيجاد حل سريع لقضية الصحراء من أجل فسح المجال لبناء تكتل المغرب العربي، وكانت تلك أولى الكرات التي حاول الحزب الشعبي تسجيلها في شباك غريمه الاشتراكي، مستفيدا من وجود جيش من الجمعيات المدنية الإسبانية التي تساند مبدأ تقرير المصير في الصحراء وجبهة البوليساريو.

وفاض غيظ الحكومة الاشتراكية الإسبانية عندما شرعت مجموعة من الصحف الإسبانية المقربة من الحزب الشعبي مثل «ايل موندو» و«لا راثون»، في الترويج لأخبار حول تورط الاستخبارات المغربية في الإعداد لهجمات 11 مارس (آذار) 2004 بمدريد، التي توبع فيها عدد كبير من المهاجرين المغاربة في اسبانيا، مما تطلب من الاشتراكيين الإسبان تكثيف جهودهم واستغلال جميع الفرص من أجل تفنيد هذه الأخبار، والحفاظ على الجو الودي الذي يسود بين البلدين، وهكذا تم إغلاق هذا الملف، بشكل عملي بعدما صرح القاضي الإسباني خوان ديل ألمو، المكلف بالتحقيق في هجمات قطارات الموت، أن الاستخبارات المغربية بريئة من دماء حوالي 200 شخصا قتلوا إثر الاعتداءات الإرهابية. ولم يفوت الحزب الشعبي الاسباني مناسبة زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس إلى المغرب منتصف يناير (كانون الثاني) ليأول إحدى عبارات العاهل المغربي محمد السادس في حوار خص به صحيفة «ايل باييس» الإسبانية بقوله «هل يكون اثنار أكثر فرانكوية من فرانكو؟، وهو يحاول أن يشرح استغرابه من موقف اثنار أثناء أزمة جزيرة ليلى، التي كادت أن تقود البلدين إلى مواجهة مسلحة، حيث اعتبرها الحزب الشعبي بمثابة قذف في حق رئيسه السابق.

وأمام هذه الحرب المفتوحة التي تمثل فيها الورقة المغربية إحدى الأوراق الرابحة في السياسة الداخلية الإسبانية، تقف الحكومة الاشتراكية موقف الصامت أحيانا أو المراوغ أحيانا أخرى، أو تحاول تصيد أخطاء وتناقضات الحزب الشعبي للحفاظ على توازنات صعبة في قضايا ساخنة تربطها بجارها الجنوبي.