اغتيالات وهجمات تثير توترات طائفية في البصرة وتنتهك هدوءها

TT

أدت سلسلة من أعمال الاغتيال المرتكبة في وضح النهار بحق مسؤولين شيعة وسنة في البصرة الى تعزيز المخاوف من أن المتمردين السنة والمتطرفين الشيعة والعملاء الإيرانيين ربما يسعون الى زعزعة استقرار هذه المدينة الجنوبية التي ظلت هادئة نسبيا منذ غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة قبل عامين.

ولم يعتقل أحد أو توجه تهمة الى احد عن هذه الأعمال التي أودت بحياة قاض جنائي ومفتش تربوي سنيين واثنين من الأعضاء الشيعة المرشحين لمجلس المدينة ومقدم في الحرس الوطني العراقي.

ويشعر بعض السكان بالقلق من أن أعمال القتل يمكن أن تثير عنفا طائفيا واسعا في مدينة يهيمن عليها الشيعة الذين تبلغ نسبتهم حوالي 60 % ولكن فيها عدد كبير من السنة أيضا، حيث تبلغ نسبتهم حوالي 35 %. وهي مدينة متنوعة اثنيا ودينيا وتشكل نموذجا مصغرا للعراق، حسب تعبير محسن من حزب الفضيلة الإسلامي الذي يهيمن عبر تحالف مع أحزاب إسلامية صغيرة على مجلس المحافظة المشكل حديثا. وتزايدت التوترات بين جماعات شيعية نتيجة غارة دموية شنها أتباع رجل الدين المتطرف مقتدى الصدر على عشرات من الطلبة الجامعيين ممن كانوا يقومون بسفرة طلابية أخيرا. وأعلن مجلس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابع لحركة الصدر المسؤولية عن الهجوم، مشيرا الى أن الطلاب تعرضوا الى الضرب وأطلق عليهم الرصاص لتجاهلهم المحظورات الدينية وبينها الاختلاط بين الجنسين. وأصيب عدد من الطلبة بجروح.

وقال حيدر محسن مساعد الأمين العام لمنظمة سياسية شيعية بارزة عن أعمال القتل «نحن مستاءون من حدوث هذه الأعمال في البصرة. انها تعقد الأمور وتخلق عدم الثقة».

وعلى الرغم من التدهور الحاصل في أوضاع المدينة فان كثيرا من السياسيين ورجال الدين البارزين من السنة والشيعة دعوا الى الابتعاد عن أعمال الانتقام. وقال صلاح البطاط رئيس مكتب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في البصرة «حتى اذا استهدفنا أحدهم فإننا سنتسامح معه». وألقى بعض الزعماء باللوم على غرباء عن المدينة، وبينهم لصوص وقطاع طرق وعملاء للمخابرات الإيرانية ومتمردون من وسط العراق موالون لصدام حسين.

وقال الشيخ خلف عيسى، رجل الدين السني ومسؤول فرع الحزب الإسلامي العراقي في البصرة «نعتقد ان هناك من يحاول التحريض على الفتنة بين السنة والشيعة».

ويتوجه عيسى باللوم في أعمال العنف إلى الإيرانيين، حيث تقع البصرة قريبة من حدودهم ويمر بها كثير من الزوار الإيرانيين المتوجهين الى العتبات الشيعية المقدسة في النجف وكربلاء. ولكنه اعترف أيضا بان السنة متورطون في تمرد على نطاق البلاد بالإضافة إلى ان بعض السكان السنة ربما كانوا من بين مرتكبي الأعمال. كما ألقى باللوم على الحكومة المحلية التي يسيطر عليها الشيعة بسبب إخفاقها في منع العنف.

وفي فبراير (شباط) الماضي كان مسلحون مجهولون قد أردوا القاضي السني طه العامري قتيلا أثناء توجهه من بيته الى محكمة جنايات البصرة. وكان المفتش التربوي السني عبد الرحمن فريح عائدا الى بيته عندما أطلق مسلحون النار الأسبوع الماضي عليه من الخلف وأردوه قتيلا.

وفضلا عن أعمال العنف والاغتيال أضاف شيعة متشددون مرتبطون برجل الدين الشاب مقتدى الصدر، توترا جديدا بغارتهم في فبراير الماضي على طلبة الجامعة. وأقلق الهجوم المعتدلين من الشيعة والسنة. وهم ينظرون الى الحادث باعتباره محاولة لفرض نسخة الصدر من الشريعة الإسلامية بالقوة. وقد أثار الحادث موجة من الاحتجاجات في أوساط طيف واسع من الزعماء السياسيين.

وحتى محسن من حزب الفضيلة الإسلامي، وهو تنظيم شقيق لجماعة الصدر، انتقد الحادث وقال انه «من المعروف على نطاق واسع أن حركة الصدر لا تفكر في الديمقراطية. ونحن نرفض ما فعلته حركة الصدر. فالشريعة لا تعني عدم احترام الآخرين وإرغامهم على مواقف معينة بالعنف او النشاط السياسي».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»