باحث أميركي يدرس السعودية منذ ربع قرن: فاجأني حجم وسرعة إنجاز الإصلاحات

قال إن المملكة ماضية على طريق التغيير الإيجابي

TT

اعرب الباحث الاميركي جوزيف كيتشيشيان عن دهشته البالغة لوتيرة ونوعية الاصلاحات التي تحققت في السعودية اخيراً، مؤكداً انها فاجأته مع انه دأب على دراسة المملكة منذ ربع قرن. واعترف بأنه لم يكن ليتوقع حصول هذه الاصلاحات قبل 15 عاماً. وجاء هذا الاعتراف ليلقي مزيداً من الضوء على عجز الغربيين عن تقدير هذه التطورات في المملكة حق قدرها، كما قال الباحث في محاضرة القاها امس في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» بلندن. ولفت الى ان السعودية كانت سباقة بين دول العالم الاسلامي الى تدريب الائمة وتأهيلهم، منوهاً بالانتخابات البلدية التي لقيت إقبالاً قال إنه «كان اعلى بكثير مما توقع الجميع». وقال كيتشيشيان، الذي ينفق يومياً «ما لا يقل عن أربع ساعات في دراسة السعودية، حتى ان زوجتي تتمنى لو انني أجد شيئاً آخر»، إن المملكة تخطو خطوات واثقة باتجاه «الدمقرطة وليس الديمقراطية»، وذلك «وفق برنامج زمني أعد بعناية». وفي سياق عرض جوانب هذه المسيرة الاصلاحية بمحاضرته التي اطلق عليها «المشاركة السياسية والاستقرار في السعودية»، لفت الباحث الاميركي الى «إجراء نقاشات بمنتهى الصراحة» حول مختلف القضايا التي تهم المواطن. كما نوه بمؤتمر الحوار الوطني الذي عقد «لمناقشة موضوع المرأة» منتقداً مراقبين غربيين فشلوا في تلمس اهمية التئامه بحد ذاتها ناهيك من «التوصيات الـ19 التي قدمت في نهايته». وأشار الى نماذج عدة للتدليل على ما وصفه بـ«القفزة العملاقة للمجتمع السعودي» لجهة اشراك المرأة في لعب دورها في حياة المملكة. واشتملت هذه الأمثلة على هنادي هندي، التي تدربت على الطيران المدني وقد وقعت عقداً للعمل قائدة طيارة مدنية لدى الأمير الوليد بن طلال أوائل العام الجاري ولبنى العليان «التي تدير مجموعة اقتصادية وتحدثت بطريقة لافتة في منتدى جدة الاقتصادي عام 2004». ولم يفته ذكر المذيعات اللواتي يظهرن على شاشة فضائية «الاخبارية» التي تبث على مدار الـ24 ساعة. وشدد على أهمية الخطوات التي اتخذتها المملكة في اطار ترشيد «حضانة الطفل» بهدف توفير حياة اسرية سليمة. وساق قضية المذيعة التلفزيونية رانيا الباز التي نجحت بقوة القانون بالفوز بحضانة أطفالها بعد انفصالها عن زوجها الذي اعتدى عليها بالضرب. ولفت الى تصريحات وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل عن عزمه على الحاق نساء بالسلك الدبلوماسي السعودي في المستقبل القريب. وذكر ان «الانتخابات البلدية انتهت حسب البرنامج المقرر»، مشيراً الى ان «نسبة المشاركة بلغت 75%»، الامر الذي يدل على حماس السعوديين للمساهمة في العملية السياسية. وأشار الى التطوير الذي أخضع له التعليم بحيث تم تشذيبه كي يوفر الفائدة المرجوة للطالب السعودي. ونفى صحة الانطباع الموجود في الغرب عن برامج التعليم السعودية ومدى تشبعها بالمواد الدينية، مؤكداً ان «هذا كلام فارغ، وتأثير الدين على هذه البرامج في السعودية ليس أكبر منه في مناطق مسيحية كاسكوتلندا مثلاً التي عدت منها للتو». واخذ المحاضر على بعض الاميركيين والغربيين عموماً اطلاق أحكام متسرعة على السعودية وتفسيرات للاحداث التي تشهدها غالباً ما تأتي تعبيراً عن «سوء فهم بالغ». وقال إن مسؤولية تصويب العلاقات السعودية الاميركية التي شهدت قدراً من التوتر في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)، «تقع على الجانبين»، منتقداً أولئك الغربيين الذين «ينظرون الى هذه العلاقات من منظور أخلاقي» يلقي باللوم على الآخر المختلف. ولفت كيتشيشيان الى أهمية المبادرة السعودية الرامية الى تأهيل الائمة. وقال إن «الهيكلية الدينية غائبة في العالم الاسلامي كله لأسباب تاريخية، الأمر الذي يعني ان عمليات التدريب والاعداد لعلماء الدين تفتقر الى التنظيم». وأضاف إن «السعودية كانت سباقة في إخضاعهم للتدريب، كما ان ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز قام بلفتة شجاعة للغاية حين دعا علماء الدين وأوصاهم بتوخي الدقة فيما يقولون، وهذا تطور إيجابي للغاية». وأبدى ثقته بأن «الاصلاحات ستتواصل، ولا شك لدي بذلك، وهذا سيؤدي الى تغييرات كثيرة في المجتمع الشاب الديناميكي». ودعا المعلقين الغربيين الى الاقلاع عن ترهات من قبيل «لا شيء يجري وراء الحجاب، لأن وراءه دماغ يعمل». وذكر ان تدريب الائمة يصب في قناة الجهود السعودية للقضاء على الارهاب وتطويق تداعياته. ورد هذه الظاهرة، التي تسعى المملكة الى مكافحتها عن طريق «معالجة الأسباب التي تؤدي اليها وليس فقط من خلال البطش بمنفذيها»، الى اسباب عدة.

وأشار الى ان النهج الذي تتبعه المملكة في محاربة الارهاب يشتمل على «محاولة توفير فرص عمل لائقة لأبناء الجيل الجديد، بحيث لا توقعهم البطالة في فخ الارهاب».