لندن: اتهام «القاعدة» بالتورط في خطف خمسة أطفال

TT

كشفت مصادر قضائية بريطانية أن شبكة «القاعدة» التي يتزعمها اسامة بن لادن تورطت عبر احد قيادييها هو الجزائري جمال بقال (39 عاما)، الذي كان يقيم في ليستر، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في فرنسا يناير (كانون الثاني) الماضي، كان احد اعضاء عصابة مكونة من سبعة اشخاص استأجرهم الليبي عز الدين جورنازي لخطف أبنائه وبناته الخمسة في يونيو/حزيران 2000 من مدينة نورفولك البريطانية عائدا بهم إلى ليبيا. ونفى مصطفى ابو شامة (38 عاما) وزوجته وداد احمد، 45 عاما، وكلاهما من مانشستر تهمة التآمر في اختطاف الاطفال الخمسة من حضن أمهم التي منحها القضاء البريطاني حق رعايتهم حتى بلوغ سن الرشد. وقالت الزوجة انيتا جورنازي امام محكمة نورفولك الجنائية اول من امس انها حصلت على هاتف زوجها السابق واستطاعت ان تتحدث أخيرا الى اطفالها. وهناك خمسة متهمين لم يمثلوا في المحاكمة، بينهم قيادي «القاعدة» جمال بقال المحتجز في باريس. وكانت محكمة فرنسية قضت في وقت سابق بالسجن 10 أعوام على جمال بقال وهو فرنسي من أصل جزائري لإدانته بالتخطيط لتفجير السفارة الأميركية في العاصمة باريس العام 2001، كما قضت على 5 آخرين من شركائه بالسجن لمدد تفاوتت بين عام و9 أعوام، كانوا متورطين معه.

وعند القبض على بقال في دبي، في طريق عودته من أفغانستان الى فرنسا، قامت الشرطة الفرنسية في سبتمبر (أيلول) 2001 بحملة دهم في أوساط الأصوليين وخصوصا الشبكة التي شكلها جمال بقال. لكن ابرز معاونيه كمال داودي نجح في الإفلات من ذلك وهرب الى بريطانيا وتحديدا الى مدينة ليستر حيث كان لبقال منزل. وهناك استعان بالأصوليين في بريطانيا للتخفي، غير أن الشرطة البريطانية قبضت عليه وسلمته الى فرنسا ونقلت الى أجهزة الأمن الفرنسية الدلائل التي عثرت عليها في جهاز الكومبيوتر الخاص به وسجل اتصالاته على الأراضي البريطانية.

ويشتبه المحققون الفرنسيون في ان بقال الذي كان مقيما في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان حيث معسكرات التدريب التابعة لتنظيم «القاعدة»، تلقى الأمر من مسؤول عمليات «القاعدة (ابو زبيدة) معتقل حالياً لدى الأميركيين (بتشكيل مجموعة ارهابية في فرنسا لارتكاب اعتداء على السفارة الاميركية في باريس خلال عام 2002 وانتقل جمال بقال في 28 يوليو (تموز) عام 2000 إلى الامارات العربية المتحدة التي اعتقلته وسلمته الى فرنسا بعد اسابيع قليلة على هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة. وحصل المحققون على معلوماتهم من مذكرات اجهزة الاستخبارات الفرنسية والاستجوابات التي أخضعتها الشرطة لبقال في الإمارات، الا ان بقال طعن في كل الاتهامات الموجهة اليه ويؤكد انه تعرض للتعذيب خلال استجوابه في دبي. واعترف بقال في بيان مكتوب ارسل الى محكمة نورفولك البريطانية امس تلي نيابة عنه في مدينة نوريتش البريطانية، بدوره في عملية الخطف، لكنه قال «كنت أعتقد أنهم ذاهبون إلى مدينة ديزني لألعاب الأطفال في فرنسا».

واختفى الاطفال الخمسة يوم 10 يونيو (حزيران) 2000 . وهم من خمسة حسب أعمارهم حين نفذت العملية: رميثة (11 عاما)، وصفية (11 عاما) وعلي (7 أعوام) وحمزة (4 أعوام) وعائشة (عامان) حيث يقيمون في ليبيا الآن، وتحاول أمهم البريطانية أنيتا جيرنازي استعادتهم بحكم القانون. وقال محامي الدفاع مارتن تايلور امام المحكمة اول من امس إن «بقال كان أحد قياديي حركة التكفير والهجرة المتشددة التي يمولها ابن لادن»، يذكر أن هذه الحركة لها علاقات وثيقة مع شبكة (القاعدة) ومنظمات إسلامية أصولية متشددة لها ارتباطات بعمليات إرهابية، كما أنها على القائمة السوداء التي أعلنتها الولايات المتحدة بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001، وهي تضم حركات ومنظمات وأشخاصا لهم علاقات وارتباطات إرهابية. وقال محامي الام البريطانية «يعتقد بأن جمال بقال هو الأخطر بين عناصر تلك الحركة المتشددة».

وكان ممثل الادعاء العام جون فارمر أبلغ المحكمة يوم الثلاثاء الماضي أن اثنين من المطلوبين مسجونان حاليا في سجن فرنسي، حيث ألقي القبض على كورتيلر في جريمة لا علاقة لها بالخطف حين وصول المجموعة إلى مدينة كاليه الفرنسية، أما الثاني فهو جمال بقال الجزائري الجنسية، الذي قال الادعاء العام إنه محتال ومجرم حيث اعتقل حين كان يسافر بجواز سفر بريطاني مزور.

وذكر ممثل الادعاء أن احد اعضاء مجموعة الخاطفين السبعة وهو مصطفى ابو شيما الذي يعول ثمانية اطفال كان ادعى أنه هو والد الأبناء وقدم جواز سفر مزورا لسلطات الحدود خلال عبور المجموعة الخاطفة مع الأطفال في طريقهم إلى ليبيا عبر فرنسا وإسبانيا ثم عبر البحر الأبيض المتوسط».

ونفى بقال نفسه اثناء محاكمته في باريس يناير (كانون الثاني) الماضي أن يكون «أصوليا أو إسلاميا»، ووصف نفسه بأنه «مسلم متدين» و«ليس عضوا في مجموعة أصولية». كذلك نفى وجود أية علاقة له بحركة التكفير والهجرة التي نشأت عن انشقاق داخل حركة الإخوان المسلمين او اية علاقة مع أية مجموعة متطرفة. وذهب بقال الى حد اتهام المحكمة التي يمثل أمامها بأنها شبيهة بـ«محاكم التفتيش» الدينية التي رأت النور في اسبانيا وأرسلت الآلاف من الناس الى المحرقة بسبب ما اعتبرته من انحرافات في معتقداتهم الدينية. وسأل رئيس المحكمة بقال عن سبب ذهابه الى أفغانستان، فأجاب: «إنني من أولئك الذين يبحثون باستمرار عن المعرفة الدينية وإذا كنتم تريدون اعتبار ذلك ملة جديدة، فأنتم أحرار في ذلك».