اللقاءت الفلسطينية ـ الإسرائيلية أجريت بضغوط من بوش شخصيا

شارون ينتقد الشعبين المصري والأردني لرفضهما التطبيع مع إسرائيل

TT

كشف النقاب في إسرائيل، أمس، أن استئناف الحوار والمحادثات الاسرائيلية ـ الفلسطينية، الذي بدأ أمس في القدس المحتلة وتل أبيب بين كبار المسؤولين من الطرفين، تم بناء على طلب ملح من الرئيس الأميركي جورج بوش، كان قد تقدم به الى رئيس الوزراء الاسرائيلي، أرييل شارون، خلال لقائهما في 11 ابريل (نيسان) الجاري في مزرعة الاول في كروفورد بولاية تكساس.

وقالت مصادر مطلعة في القدس الغربية، أمس، ان بوش طرح هذا المطلب على نحو لا يرد. وأوضحت ان شارون كان قد حاول التحريض على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (ابو مازن)، بدعوى انه لا يفعل شيئا لمكافحة الارهاب، وحاول استخدام هذا التحريض حتى يوافق بوش على الممارسات الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين وعلى مماطلاتها في تطبيق تفاهمات شرم الشيخ، الا ان الرئيس الأميركي رفض هذا التوجه وطلب من شارون ان يستأنف الحوار قائلا: ابو مازن انسان ايجابي وموقفه واضح وحازم ضد الارهاب، وهناك حاجة لاتخاذ موقف اسرائيلي مساند له، واتباع لغة الحوار معه وليس المقاطعة. وردد بوش هذا الموقف عدة مرات خلال اللقاءات المطولة مع شارون (أمضى معه ست ساعات)، وعاد ليذكره به قبل مغادرته الولايات المتحدة. ففهم شارون الرمز، وأمر بإجراء سلسلة من اللقاءات الاسرائيلية ـ الفلسطينية.

وكان من المفروض ان تتم ثلاثة لقاءات، مساء أمس، على النحو التالي:

ـ لقاء بين رئيس الوزراء الفلسطيني، أحمد قريع (أبو علاء)، وبين نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي، شيمعون بيريس، وهدفه التأثير على ابو علاء وازالة الشكوك الكبيرة لديه حول النوايا الاسرائيلية وتجنيده الى جانب مشاريع بيريس، لإعادة بناء وتطوير قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي منها في الصيف المقبل. علما بأن ابو علاء لا يثق بأن اسرائيل تقدم على خطوات ايجابية في انسحابها من غزة، انما هي تريد استغلال هذا الانسحاب من أجل تكريس احتلالها وتقوية وتوسيع استيطانها في الضفة الغربية.

ـ لقاء وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، مع وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، محمد دحلان، هدفه الأساسي التنسيق بين الطرفين حول خطة الفصل للانسحاب من قطاع غزة وقسم من شمال الضفة الغربية، وازالة المستوطنات منهما.

ـ لقاء بين مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، وبين المستشار السياسي الأول لرئيس الوزراء الاسرائيلي، دوف فايسغلاس، من أجل التفاهم على اعادة تفعيل اللجان المشتركة التي تخطط لاستمرار التفاوض بين الطرفين حول تطبيق تفاهمات شرم الشيخ وتنفيذ الانسحاب الاسرائيلي من المدن الفلسطينية، واطلاق سراح دفعة ثانية من الأسرى الفلسطينيين وازالة المزيد من الحواجز العسكرية الاسرائيلية التي تعيق حركة الفلسطينيين واتمام تنفيذ التزامات الطرفين بموجب المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق».

وكان شارون قد استثنى نفسه من هذه اللقاءات، وقال انه من السابق لأوانه الحديث في هذه المرحلة عن لقاء قمة بينه وبين ابو مازن.

يذكر ان شارون خرج في تصريحات الى الصحف الاسرائيلية، أمس، بمناسبة عيد الفصح اليهودي (الذي يصادف غدا)، وعد خلالها بأن يطبق خطة الفصل بحذافيرها حتى نهاية سبتمبر (أيلول)المقبل. وقال انه يعرف ان هناك قوى كثيرة تبني على امكانية تأجيل وتعطيل وحتى الغاء هذه الخطة، بمن في ذلك وزراء في حكومته. لكنه حسب قوله سيفشل كل هذه المحاولات وسينجز تطبيق خطته في هذه المدة، «حتى لو اضطررت الى تأجيل بدء الاخلاء الى بضعة أسابيع، بناء على رغبة رجال الدين». وأوضح شارون انه لم يقرر بعد ان يستجيب لطلب التأجيل هذا، وانه ينتظر سماع رأي قادة الجيش في الموضوع.

يذكر ان مسؤولي الدفاع (شاوول موفاز ورئيس هيئة الاركان المنتهية ولايته موشيه يعلون ومدير جهاز المخابرات العامة «الشاباك» آفي ديختر ووزير الداخلية عوفير بينيس ومدير الشرطة موشي كارادي) توصلوا الى توصية بتأجيل تنفيذ خطة الفصل. وسينقلون هذا الرأي الى شارون خلال لقائهم به بعد غد. الا ان شارون عاد لينفي بشدة، الأنباء التي نشرت أخيرا وتحدثت عن خطة فصل ثانية في الضفة الغربية، وقال ان ما يفعله في الواقع هو العكس تماما، اذ انه يسعى بكل قوته للصمود أمام الضغوط الممارسة عليه من الداخل والخارج لتنفيذ انسحاب آخر في الضفة، وانه في الوقت نفسه يحاول انقاذ أكبر حجم من المستوطنات هناك، حتى تظل في تخوم اسرائيل، أيضا بعد التسوية النهائية. وهاجم شارون الشعوب العربية عموما وشعبي مصر والأردن، بسبب رفض التطبيع مع اسرائيل. وقال ردا على سؤال بخصوص ضعف الآمال في إقامة سلام حقيقي مع العالم العربي، رغم ان جميع الدول العربية أكدت استعدادها لمثل هذا السلام من خلال مبادرة السلام السعودية التي تبنتها القمة العربية، فقال «يجب ان تفهموا مشكلتنا الأساسية. فالعالم العربي غير مستعد للاعتراف بحق الشعب اليهودي في وطنه، وفي اقامة دولته اليهودية المستقلة في هذا الوطن التاريخي. فالقضية ليست ان توقع اتفاق سلام هنا أو هناك. فها نحن نوقع على اتفاقي سلام مع مصر والأردن، لكن السلام قائم فقط مع القادة. فالشعوب تقاطعنا. اسرائيل غير موجودة، حتى اليوم في الخرائط الجغرافية التي يتم تدريسها في المدارس المصرية. وحتى في الأردن، الذي تربطنا به اتفاقيات تعاون استراتيجي، لا تظهر اسرائيل في الخرائط المدرسية».